
السعودية ترد على نتنياهو: هذه العقلية المتطرفة لا تستوعب ما تعنيه الأرض لشعب فلسطين
أعلنت السعودية، الأحد، رفضها القاطع لتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبره أنها تستهدف صرف النظر عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل تجاه الفلسطينيين في غزة "بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي"، حسب وكالة الأنباء السعودية/واس.
وأكدت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، أن "هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض، ولا تنظر إلى أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة أساسًا؛ فقد دمرت قطاع غزة بالكامل، وقتلت وأصابت ما يزيد على 160 ألفًا أكثرهم من الأطفال والنساء، دون أدنى شعور إنساني أو مسؤولية أخلاقية".
وقالت إن "الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم"، حسب واس.
وأشارت في البيان إلى أن أصحاب "هذه الأفكار المتطرفة هم الذين منعوا قبول إسرائيل للسلام، من خلال رفض التعايش السلمي، ورفض مبادرات السلام التي تبنتها الدول العربية، وممارسة الظلم بشكل ممنهج تجاه الشعب الفلسطيني لمدة تزيد على 75 عامًا، غير آبهين بالحق والعدل والقانون والقيم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة ومن ذلك حق الإنسان في العيش بكرامة على أرضه".
وأكدت السعودية، في البيان، أن حق الشعب الفلسطيني "سيبقى راسخًا، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعا إلى إقامة دولة فلسطينية في السعودية، خلال مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية، الجمعة، قائلًا "يُمكن للسعوديين إنشاء دولة فلسطينية في المملكة فلديهم الكثير من الأراضى هناك"، مضيفًا "السعودية لديها ما يكفى من الأراضي لإقامة دولة للفلسطينيين فيها".
من جهتها، أكدت مصر رفض هذه التصريحات "غير المسؤولة والمرفوضة جملة وتفصيلًا" التي تحرض ضد السعودية "في مساس مباشر بالسيادة السعودية وخرق فاضح لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وأكدت الخارجية المصرية في بيان "أن أمن السعودية واحترام سيادتها هو خط أحمر لن تسمح مصر بالمساس به، كما أن استقرارها وأمنها القومي من صميم أمن واستقرار مصر والدول العربية ولا تهاون فيه".
وشددت على أن هذه "التصريحات المنفلتة تجاه السعودية تعد تجاوزًا مستهجنًا وتعديًا على كل الأعراف الدبلوماسية المستقرة".
وسبق تصريحات نتنياهو، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، نيته السيطرة على غزة وإعادة توطين الفلسطينيين في دول مجاورة أخرى وتحويل القطاع إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، لكن دعوته قوبلت بانتقادات دولية واسعة النطاق كما نددت جماعات لحقوق الإنسان باقتراحه نقل الفلسطينيين من القطاع بشكل دائم، ووصفت الأمر بأنه تطهير عرقي.
وسبق إعلان الثلاثاء، دعوة الرئيس الأمريكي كل من مصر والأردن نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، لاستقبال عدد من سكان قطاع غزة. لكن هذه الدعوة قوبلت بالرفض القاطع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قال إن ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني "ظلم لا يمكن أن نشارك فيه"، كما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين.
لكن الرئيس الأمريكي جدَّد دعوته في وقت لاحق، متجاهلًا الرفض المصري والأردني، وقال، خلال لقاء مع الصحفيين في البيت الأبيض، إن مصر والأردن "سيفعلان ذلك (...) نحن نقدم لهما الكثير، وسوف يفعلان ذلك".
على إثره أصدر وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، بياني رفض لمقترح ترامب ولكافّة أشكال التهجير سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، مؤكدين على أحقية الشعب الفلسطيني بأرضه، أحدهما تم توجيهه إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.
وخلال مؤتمر الثلاثاء، لفت الرئيس الأمريكي إلى أنه تحدث إلى زعماء آخرين في الشرق الأوسط بشأن اقتراحه نقل الفلسطينيين من غزة، وأشار إلى أن الزعماء الآخرين "راقت لهم الفكرة"، مشيرًا إلى أنه يخطط لزيارة غزة وإسرائيل والسعودية خلال رحلة مستقبلية، لكنه لم يذكر موعدها.
وقال ترامب إن "السعودية تريد السلام، ولا تطالب بدولة فلسطينية في المقابل".
لكن الموقف السعودي جاء واضحًا في بيان أعقب مؤتمر ترامب ونتنياهو، مؤكدًا رفض أي تغيير لموقف المملكة من القضية الفلسطينية، إذ أكدت وزارة الخارجية السعودية أن موقف المملكة "ثابت وراسخ"، وأنها لن تتراجع عن دعم إقامة دولة فلسطينية.
وأكدت السعودية أن موقفها "ليس محل تفاوض أو مزايدات، والسلام الدائم والعادل لا يمكن تحقيقه من دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفقًا لقرارات الشرعية الدولية".
ويشهد ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل تعقيدات متزايدة، وكانت الرياض علقت محادثات التطبيع عقب أيام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر. وذلك بعد شهور من محاولات أمريكية لدفع مسار التطبيع مع المملكة التي لم تعترف بإسرائيل ولم تنضم لاتفاقيات إبراهيم الموقعة في عام 2020 بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.