أصدرت محكمة العدل الدولية، اليوم، فتوى قضائية، أوصت فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة وضع حد للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، مؤكدة أن إسرائيل ملزَمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن.
صدرت الفتوى ردًا على طلب إبداء رأي قانوني من المحكمة، اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 30 ديسمبر/ كانون الأول 2022،حول الآثار القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية
وأكدت المحكمة في حيثيات فتواها أن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني، مشددة على ضرورة وقف إسرائيل الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة، وإجلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة.
كما ارتأت المحكمة، حسب بيانها، أن إسرائيل ملزَمة بدفع تعويضات عن الأضرار التي ألحقتها بكل الأطراف الفلسطينية المعنيين في الأراضي المحتلة.
ووجهت المحكمة في فتواها جميع الدول والمنظمات الدولية إلى عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وعدم تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على ذلك الوضع، مؤكدة أنه ينبغي على الأمم المتحدة، وخاصة الجمعية العامة، التي طلبت الرأي، ومجلس الأمن، النظر في الوسائل المحددة والإجراءات الإضافية اللازمة لإنهاء الوجود غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن.
ومن جانبها، رحبت الرئاسة الفلسطينية بالقرار، واعتبرته انتصارًا للعدالة ورفضًا للاحتلال ولقرار الكنيست الخاص برفض إقامة دولة فلسطينية، ورفضًا للسياسات الأمريكية التي تدعم إسرائيل في احتلالها والرافضة لإقامة الدولة الفلسطينة، حسب بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وكررت المحكمة في فتواها الجديدة التأكيد على ما سبق لها ذكره في فتوى أصدرتها في 9 يوليو/ تموز 2004 حول الآثار القانونية المترتبة على بناء الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بشأن أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والنظام المرتبط بهم، تم إنشائها ويتم الحفاظ عليه بشكل ينتهك القانون دولي.
وعبرت المحكمة عن قلقها إزاء توسع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة بعد صدور تلك الفتوى، مشددة على أن سعي إسرائيل إلى اكتساب السيادة على الأراضي المحتلة في القدس الشرقية والضفة الغربية، يتعارض مع حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية ومبدأه الطبيعي المتمثل في عدم الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
وانتهت المحكمة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي اعتمد تشريعات وتدابير تمييزية ضد الفلسطينيين، مؤكدة معاملته لهم على نحو يعارض أسس القانون الدولي، وهو أمر، وفقًا للمحكمة "لا يمكن تبريره"، لا سيما وأن القيود الأسرائيلية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة تشكل تمييزًا منهجيًا على أساس العرق والدين والأصل العرقي، وهو ما يشكل انتهاكًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، حسب المحكمة.
وتعليقًا على قرار المحكمة، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أنه "وإن كان يبدو لجميع مناصري القضية الفلسطينية منطقيًا وطبيعيًا، إلا إنه يمثل ركنًا قانونيًا هامًا على طريق تثبيت الرواية الفلسطينية وإكسابها مشروعية ومصداقية قانونية تحتاج إليها في ظل مساعي قوة الاحتلال المستمرة للتشويش على طبيعة الصراع وأصله بهدف أحكام قبضتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حسب تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وسبق لمحكمة العدل الدولية أن أصدرت قرارًا، في يناير/كانون الثاني الماضي، يُلزم إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات التي في صلاحياتها لمنع وقوع الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، التي تعاقب في مادتها الثالثة على الإبادة الجماعية، والتآمر على ارتكابها، والتحريض المباشر والعلني عليها، ومحاولة ارتكابها، والاشتراك فيها.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، أقامت جنوب إفريقيا دعوى ضد إسرائيل اتهمتها بانتهاك نصوص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وطالبت جنوب إفريقيا أيضًا المحكمة بفرض تدابير مؤقتة من أجل "الحماية من أي ضرر إضافي جسيم وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" و"ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" فيما يخص اتفاقية عدم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ومنع جريمة الإبادة الجماعية.