منشور
الجمعة 26 يناير 2024
- آخر تحديث
الجمعة 26 يناير 2024
قضت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، في لاهاي، اليوم الجمعة، بإلزام الحكومة الإسرائيلية اتخاذ جميع الإجراءات التي في صلاحياتها لمنع وقوع الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، التي تعاقب في مادتها الثالثة على الإبادة الجماعية، والتآمر على ارتكابها، والتحريض المباشر والعلني عليها، ومحاولة ارتكابها، والاشتراك فيها.
كما ألزمت المحكمة، إسرائيل، بأن تتأكد وعلى الفور من أن جيشها لا يرتكب أي ممارسات من هذه، إلى جانب إلزامها أيضًا باتخاذ إجراءات فورية لضمان توفير الاحتياجات الإنسانية والمساعدات الملحة للتعامل مع الوضع الإنساني المأزوم داخل قطاع غزة.
وتضمنت التدابير التي أقرتها المحكمة إلزام إسرائيل باتخاذ إجراءات فورية لمنع تدمير والتأكد من الحفاظ على الأبنية بالقطاع، وأوجبت على إسرائيل أن تقدم تقريرًا خلال شهر واحد عن آليات الامتثال للتدابير التي أقرتها المحكمة.
وتنص المادة 41 من النظام الأساسي للمحكمة على أن "للمحكمة سلطة أن تبيِّن، إذا رأت أن الظروف تتطلب ذلك، أي تدابير مؤقتة ينبغي اتخاذها للحفاظ على الحقوق الخاصة بأي من الطرفين"، و"ريثما يتم اتخاذ القرار النهائي، يجب على الفور إبلاغ الأطراف ومجلس الأمن بالتدابير المقترحة". ويمكن أن يكون لتلك التدابير المؤقتة أثر فعلي إذا تبناها مجلس الأمن وأصدر قرارًا بإلزام إسرائيل بها.
وأشارت حيثيات القرار إلى عدد من بيانات المنظمات الدولية حول تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، من بينها ما جاء على لسان الأمين المساعد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن جريفيث، الذي قال في بيان له في 5 يناير/كانون الأول الجاري إن غزة "تحولت إلى مكان لليأس والموت، فالعائلات تنام في العراء ودرجات الحرارة تنخفض، والمناطق التي طُلب من المدنيين الانتقال إليها قُصفت والمنشآت الطبية تحت هجوم مستمر"، واصفًا الأمر بالكارثة الإنسانية.
وأكدت المحكمة اليوم أنها استندت أيضًا إلى ما قررته إحدى بعثات منظمة الصحة العالمية لجنوب قطاع غزة، التي أكدت أن 93% من تعداد سكان غزة يواجهون مستوى غير مسبوق من المجاعة لعدم وجود ما يكفي من الطعام ومستويات عالية من سوء التغذية.
كما أخذت المحكمة في اعتبارها لدى إقرار تلك التدابير ما جاء على لسان عدد من المسؤولين الإسرائيليين رفيعي المستوى من تصريحات تضمنت خطاب كراهية، على حد وصفها، مؤكدة أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن أنه أمر بفرض حصار تام على قطاع غزة، مشددًا على أنه لن يكون هناك لا ماء ولا كهرباء ولا وقود، وكل شيء سوف يتم قطعه عن القطاع.
كما استندت المحكمة في ذلك السياق أيضًا إلى ما قاله جالانت في اليوم التالي "رفعت كل القيود، أنتم ترون من نقاتل ضدهم، نحن نقاتل حيوانات بشرية، هؤلاء تنظيم الدولة لغزة، لن تعود غزة كما كانت في السابق لن تكون هناك حماس، سنقضي على كل شيء".
من جهتها، وجهت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور الشكر لمحكمة العدل الدولية لقبول طلبات جنوب إفريقيا لحماية المدنيين الأبرياء في غزة، لكنها أعربت عن استيائها من "عدم الحكم صراحة بوقف إطلاق النار".
وقالت في مؤتمر صحفي أمام مقر المحكمة في لاهاي "لا أقول إنني أشعر بخيبة أمل بعدم إقرار المحكمة ضرورة وقف إطلاق النار في غزة. فوجئنا بالتحدث عن وقف إطلاق النار بطريقة غير مباشرة.. كنا نريد وقفًا لإطلاق النار، ولكني أشعر بالرضا حول القرارات التي أصدرتها المحكمة".
واستطردت أنه "لا يمكن تنفيذ تلك التدابير التي أقرتها المحكمة دون وقف إطلاق النار".
وأكدت أن قرارات المحكمة اليوم بمثابة "اختبار للشعب والحكومة الإسرائيلية لإظهار احترامهم للقانون الدولي"، مشيدة بقرار المحكمة إلزام إسرائيل بتقديم تقرير للمحكمة حول تنفيذ طلبات المحكمة بعد شهر من الآن.
وأضافت باندور أن "الوقت حان للوصول إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية والبدء في مفاوضات بشأن ذلك".
ولا يمثل قرار المحكمة اليوم حسمًا نهائيًا للدعوى المقامة من جنوب إفريقيا، وإنما تضمن القرار تدابير عاجلة ومؤقتة لحين الفصل في مدى ارتكاب إسرائيل جريمة إبادة جماعية بحق المدنيين بقطاع غزة.
في هذا السياق، قالت رئيسة المحكمة جوان دونوجو، إن هيئة المحكمة حتى الآن غير قادرة على إصدار حكم قطعي بما تضمنته دعوى جنوب إفريقيا بشأن ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، مؤكدة أن تلك التدابير لا تتضمن البت في جوهر القضية.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، أقامت جنوب إفريقيا دعوى ضد إسرائيل اتهمتها بانتهاك نصوص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وطالبت جنوب إفريقيا أيضًا المحكمة بفرض تدابير مؤقتة من أجل "الحماية من أي ضرر إضافي جسيم وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" و"ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية" فيما يخص اتفاقية عدم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ومنع جريمة الإبادة الجماعية.