بدأت، اليوم، محكمة العدل الدولية أولى جلسات الاستماع بشأن الدعوى المقامة من جنوب إفريقيا، التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما من المنتظر أن تصدر المحكمة قرارها نهاية الشهر الحالي.
وتضمنت الدعوى 84 صفحة شرحت فيها جنوب إفريقيا الأسباب التي دفعتها لإقامتها، التي من بينها أن "إسرائيل تعمدت حصار القطاع وتدميره وحرمان سكانه من الماء والأغذية الأساسية والمساعدات الإنسانية الأخرى".
وخُصصت الجلسة الأولى للاستماع إلى الفريق القانوني لجنوب إفريقيا، الذي ترأسه وزير عدلها رونالد لامولا، وتلت رئيسة المحكمة القاضية الأمريكية جوان دونوجو في بداية الجلسة قائمة بالمسائل الإجرائية التي ستتخدها المحكمة في نظر الدعوى بمشاركة قاضيين من جنوب إفريقيا وإسرائيل لضمان النزاهة والشفافية، حسب قولها.
وقال رئيس فريق المحامين الدوليين لجنوب إفريقيا جون دوجارد إن اتفاقية الإبادة الجماعية "مخصصة لإنقاذ الإنسانية" والدول التي وقعت عليها "ملزمة ليس فقط بالكف عن أعمال الإبادة الجماعية، لكن أيضًا بمنعها"، لافتًا إلى أن جنوب إفريقيا تؤمن بأن ما تفعله إسرائيل في غزة هو بمثابة إبادة جماعية.
وقال ممثل الفريق القانوني لجنوب إفريقيا ومحامي الادعاء تمبيكا نجكوكايتوبي أمام المحكمة، إن المطلوب منها "أن تضع الأمور في نصابها لأن ما يحدث في غزة ليس نزاعًا بسيطًا"، مشيرًا إلى أن "المجتمع الدولي خذل الفلسطينيين لفترة طويلة ويجب وقف الإبادة الجماعية في غزة".
وأكد أن "إسرائيل اقترفت أفعالًا ترقى إلى إبادة جماعية والعالم يقف شاهدًا على تهجير 85% من سكان غزة"، وأوضح أن "الوضع في القطاع غير مسبوق في حجمه ونطاقه وجسامته وسرعة التدمير فيه"، وفق بث مباشر لفعاليات الجلسة نقلته قنوات إقليمية.
وطالب إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية فورًا في قطاع غزة، مشددًا على أن "نظام إسرائيل قائم على الفصل العنصري ويساعدها على الإفلات من العقاب لسنوات، والحقوق الأساسية للفلسطينيين انتهكت والشعب الفلسطيني مهدد بالإبادة الجماعية والخبراء الدوليون أكدوا ما نسعى لإثباته في الدعوى".
ولفت الفريق القانوني إلى أن جرائم الإبادة في غزة ليست مجرد أخطاء نتيجة للأعمال القتالية، وإنما هناك نية واضحة بارتكاب هذه الإبادة، وأن "خطابات المسؤولين الإسرائيليين المحرضة على الإبادة توجه أفعال الجنود في غزة"، وأن النية بارتكاب الإبادة واضحة في تصريحات القادة والجنود الإسرائيليين.
وأكد ممثل الفريق القانوني أن الدعوى المرفوعة "تحظى بدعم كبير وتتسق مع اتفاقية منع الإبادة الجماعية التي تم التوقيع عام 1948".
وشدد على أن "مستقبل الفلسطينيين في قطاع غزة يعتمد على قرار المحكمة في هذه الدعوى".
من جانبه، قال وزير العدل في جنوب إفريقيا رونالد لامولا، إن "إسرائيل تحاصر غزة وتمنع الدخول برًا وبحرًا وهي جهة احتلال، وتشن هجومًا كبيرًا على غزة، وانتهكت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية"، لافتًا إلى أن إسرائيل "تجاوزت كل الخطوط الحمراء في ردها على هجمات السابع من أكتوبر الماضي".
أما المحامية في المحكمة العليا لجنوب إفريقيا، ممثلة عن الفريق القانوني لبلادها، عادلة هاشم، فقالت إن "الفلسطينيين يتعرضون إلى قصف لا يتوقف أينما يذهبون ويقتلون في كل مكان يلجأون إليه"، حسب UN News.
وأضافت "إسرائيل قصفت غزة بـ6000 قنبلة وهي على دراية بأن كل قنبلة ستوقع ضحايا مدنيين يقتلون في المناطق التي أعلنت إسرائيل أنها آمنة وإسرائيل دمرت أكثر من 355 ألف منزل في غزة، وتركت أكثر من نصف مليون غزي بدون مأوى".
وتابعت هاشم "أعمال القتل الإسرائيلية كبيرة جدًا وجثث الفلسطينيين تدفن في مقابر جماعية، ومئات العائلات مسحت بالكامل ولم يبق منها أي فرد على قيد الحياة".
وأوضحت "الجنود الإسرائيليون يلتقطون صورًا لأنفسهم وهم يحتفلون بتدمير المدن والقرى"، بالإضافة إلى فرض إسرائيل "عن عمد" ظروفًا في غزة لعدم السماح بالعيش والتدمير الجسدي للفلسطينيين، وعليه فهناك أكثر من 80% من سكان غزة يعانون من الجوع، وما يدخل قطاع غزة من مساعدات لا يكفي حاجة سكانه.
وتابعت أن "المصابين في قطاع غزة محرومون من الرعاية الصحية اللازمة لإنقاذ حياتهم، والأمراض والجوع يفتكان بقطاع غزة".
وأشارت إلى أن إسرائيل ترتكب عنفًا جنسيًا بحق النساء والأطفال، ويتّمت أعدادًا كبيرة من الأطفال في غزة، وأفعالها تؤكد نية "ارتكاب إبادة وهي تحدد مناطق آمنة للفلسطينيين في قطاع غزة قبل أن تقصفها".