تصوير رافي شاكر، المنصة
البنك المركزي المصري

خبراء: "المالية" تتوسع بحذر في الأموال الساخنة بسبب وفرة الدولار

إسلام علي
منشور الأربعاء 19 يونيو 2024

على الرغم من البيانات الإيجابية التي كشفها البنك المركزي قبل أيام حول نمو استثمارات الأجانب في سوق الديون المحلية خلال مارس/آذار بأكثر من 260%، تشير أحجام التعاملات في سوق أذون الخزانة خلال الأشهر التالية إلى تراجع حجم الاستثمارات في هذا القطاع. وبينما تعتبر تقارير دولية أن سعر الفائدة لم يعد مغريًا للأجانب، يرى خبراء محليون أن الحكومة المصرية هي التي تكبح جماح بيع أذون الخزانة بسبب توافر السيولة الدولارية لديها في الوقت الراهن.

وكانت النشرة الشهرية للبنك المركزي كشفت قبل أيام عن ارتفاع حجم أرصدة المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المقومة بالعملة المحلية إلى أكثر من 1.5 تريليون جنيه خلال مارس الماضي مقارنة بـ 421.3 مليار في الشهر السابق، ما يعكس الأثر الإيجابي لتوحيد سعري الصرف الرسمي والموازي مع زيادة أسعار الفائدة بـ 6% خلال اجتماع واحد للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، خلال هذا الشهر.

"سوق أدوات الدين الحكومية يشهد إقبالًا كبيرًا من الأجانب منذ مارس الماضي بفضل النجاح في حل مشكلة السيولة الدولارية"، كما يقول رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال في أحد البنوك الحكومية لـ المنصة، طلب عدم نشر اسمه.

ويتفق معه نائب رئيس أحد البنوك الحكومية تحدث لـ المنصة، طالبًا أيضًا عدم نشر اسمه، قائلًا "الاستثمار في أدوات الدين الحكومية بالسوق المصرية أصبح مغريًا للمستثمرين الأجانب في ظل استقرار العملة المحلية، تزامنًا مع حصولهم على عائد مناسب. أي أن معادلة العائد المرتفع والمخاطر المناسبة تحققت الآن في الإصدارات المصرية".

وعانت البلاد من أزمة متصاعدة في شح النقد الأجنبي منذ 2022 أدت إلى تفاقم المعاملات في سوق الصرف الموازية، واتساع الفجوة بين سعر الصرف في هذه السوق والسعر الرسمي، ما زاد من مخاطر الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين المقومة بالعملة المحلية.

لكن بيانات شهري أبريل/نيسان ومايو/آيار يعكسان تراجع إجمالي مبيعات أذون الخزانة على صعيد العديد من الآجال، مقارنة بشهر التعويم. ولم يكشف المركزي بعد عن حجم استثمارات الأجانب خلال هذين الشهرين.

وانخفض إجمالي مبيعات الأذون أجل 364 يومًا من نحو 433 مليار جنيه في مارس إلى 67.9 مليار جنيه في أبريل، وصعد في مايو لكنه ظل أقل من معدلاته قبل شهرين عند 109.8 مليار جنيه، وفقًا لحسابات المنصة من البيانات المنشورة على موقع البنك المركزي.

وقال بنك جولدمان ساكس، في تقرير عن مصر قبل أيام، إن سوق أدوات الدين قصيرة الأجل فقد زخمه بين الأجانب بسبب عدم جاذبية أسعار العائد المقدم على هذه الأذون.

على العكس من ذلك، يعتبر رئيس قطاع الخزانة في البنك الحكومي أن "مستوى العائد على أدوات الدين الحكومية خلال الفترة الماضية كان جيدًا جدًا، وهو مرتفع عن الأسواق الناشئة المجاورة التى يتعرض أغلبها لعدم استقرار في سعر العملة، بينما تتمتع العملة المصرية الآن باستقرار".

ويدور متوسط العائد على أذون الخزانة على اختلاف آجالها حول مستوى 26%.

ويرى المسؤول المصرفي أن الحكومة هي التي لا ترغب في التوسع في بيع الأذون للأجانب في ظل تحسن احتياطات النقد الأجنبي، والتحسب ضد الاعتماد بقوة على الأموال الساخنة التي قد تتدفق للخارج بشكل مفاجئ تحت أي ظرف وتؤدي لأزمة في مصر.

ووفق بيانات البنك المركزي المصري، فإن احتياطيات النقد الأجنبي ارتفعت إلى 46.125 مليار دولار بنهاية أبريل/نيسان 2024، مقابل 41.057 مليار دولار في الشهر السابق عليه، بزيادة تتجاوز 5 مليارات دولار.

"الحكومة خططت خلال الآونة الأخيرة لعدم استقبال سيولة دولارية بشكل كبير عبر أدوات الدين الحكومية، بعد صفقة رأس الحكمة، وصندوق النقد الدولي"، كما يقول نائب رئيس البنك الحكومي.

وفي فبراير/شباط 2024، وقعت مصر والإمارات عقد تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة الجديدة باستثمارات تقدر بنحو 150 مليار دولار، ما ساهم في تعزيز احتياطات النقد الأجنبي.

كما وافق صندوق النقد الدولي، في مارس الماضي، على زيادة قيمة قرض مصر إلى 8 مليارات دولار، من 3 مليارات دولار، ونشرت بعثة الصندوق لمصر بيانًا عن مراجعتها الثالثة للاتفاق، قبل أيام، ما يعزز ثقة المستثمرين في استقرار الاقتصاد المصري.