يشهد حزب الدستور أزمة داخلية، على وقع فصل 3 من أعضاء الهيئة العليا، وتجميد نشاط 6 آخرين، بدعوى ارتكابهم مخالفات حزبية، وسط احتمالات أن تنتقل الصراعات الداخلية بين رئيسة الحزب جميلة إسماعيل والأعضاء المفصولين لساحة القضاء.
وقبل أيام، أصدرت هيئة التحكيم المركزية قرارًا بفصل 3 من أعضاء الهيئة العليا، هم مدير الشؤون القانونية محمد حمدون، وأمين التنظيم والعضوية المركزية ريهام الحكيم، وأمين الحزب في محافظة الجيزة محمد عادل، وحذفهم من مجموعات التواصل الخاصة بالحزب، حسبما قالت الحكيم لـ المنصة، فيما أعلن الحزب، الاثنين، إسناد المناصب الشاغرة لآخرين لحين إجراء انتخابات.
وحسب نص القرارات التي اطلعت عليها المنصة اتهمت هيئة التحكيم المفصولين "بتعطيل تنفيذ جميع قرارات هيئة التحكيم المركزية، وتعمد الإساءة إلى الهيئة وتشويهها، وتجاوز قواعد ضم الأعضاء الجدد السابق إقرارها بعدم عرض طلبات الانضمام للحزب على أحد لجان العضوية بالمحافظات، ومنح عضوية الحزب بغير اتباع الإجراءات المتبعة لغرض حشد آراء مؤيدة لها".
وتضمنت لائحة الاتهامات أيضًا "تعمُّد أحد المفصولين، وهو أمين الحزب في محافظة الجيزة، نشر أكاذيب تهدف إلى تشويه قيادات الحزب".
القرارات قوبلت برفض معارضي جميلة إسماعيل في حزب الدستور، وأعلنت أمانة محافظة الجيزة عدم اعترافها بالقرارات، التي وصفتها بـ"غير الشرعية، وصدرت من جهة ليست ذى صفة"، حسب تعبيرهم.
على وقع هذه القرارات، شهدت صفحات أمانات الحزب على السوشيال ميديا هجومًا على جميلة إسماعيل، إذ اتهمها بعض الأعضاء أنها تهدف إلى تدمير الحزب من الداخل، باتخاذها قرارات من شأنها تهديد وحدته.
بداية الأزمة
تاريخ الخلافات يعود إلى أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحديدًا خلال التصويت على ترشح جميلة إسماعيل للانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي انتهت بإعلانها عدم خوض السباق الرئاسي امتثالًا لرغبة الجمعية العمومية التي ارتأت عدم الدفع بمرشح للرئاسة.
تقول ريهام الحكيم، أحد المفصولين، لـ المنصة، إن التصويت على ترشح رئيس الحزب للانتخابات الرئاسية كان يحتاج إلى موافقة من الهيئة العليا للحزب، وهو ما تحقق بموافقة الأغلبية "لكن الأزمة حدثت مع الدعوة لجمعية عمومية طارئة لم تكتمل، لوجود أخطاء إدارية أدت إلى عدم اعتماد حضور مَن لم يسددوا الاشتراكات، وسط إصرار من أمين التنظيم على عدم صحة إجراءات أمين الصندوق بتحصيل الرسوم عبر حسابه الخاص، وانتهت بالدعوة إلى جمعية عمومية عادية صوتت بالرفض على قرار ترشح إسماعيل للرئاسة".
توضح الحكيم أن رئيسة الحزب بدأت إقصاء المعارضين لها داخل الهيئة العليا بعد هذه الواقعة، بدعوى وضع العراقيل التنظيمية من خلال لجان الحزب، وعدم تهيئة الظروف لتعزيز فرصها في خوض الانتخابات، رغم أن الأعضاء المفصولين كانوا من المرشحين على قائمتها في الانتخابات الداخلية التي فازت بها على حساب الإعلامي خالد داود، الذي انضم لاحقًا إلى الحزب المصري الديمقراطي.
أزمة التيار الحر
من بين الخلافات التي تسببت في انقسام الحزب إلى جبهات في الأشهر الأخيرة، التصويت على الانسحاب من التيار الليبرالي الحر، الذي خرج للنور العام الماضي، بمشاركة أحزاب المحافظين والدستور والإصلاح والتنمية وعدد من الشخصيات العامة المحسوبة على التيار الليبرالي، لكن التجربة تلاشت سريعًا بعد حبس رئيس مجلس أمنائه الناشر هشام قاسم، ورفض كيانات حزبية الاستمرار بسبب تصريحات أحد متحدثي التيار عماد جاد التي اعتبرها البعض ترويجا للصهيونية.
أزمة التيار الحر انعكست على الجبهة الداخلية للدستور، حسب مصادر قيادية بالحزب لـ المنصة، طلبت عدم نشر أسمائهم، وانقسم الأعضاء حول تأثير ذلك على استمرار الدستور في الحركة المدنية الديمقراطية، وهو ما برز في خلافات بين أعضاء الحركة نفسها، وتصعيد الخلاف بين الوزير الأسبق كمال أبو عيطة والناشر هشام قاسم.
في خضم ذلك، برز دور هيئة التحكيم المركزية كجهة تمارس أدوارًا يراها المفصولون تفوق صلاحياتها، ودخلت في نزاعات مع أعضاء الهيئة العليا لصالح رئيسة الحزب، حيث اتخذت قرارات في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اطلعت المنصة عليها، بتجميد عضوية 3 قيادات وطردهم من مجموعات الحزب لمدة 3 أشهر، ثم عادت قبل أيام واتخذت قرارًا بفصل ثلاثي الهيئة العليا المذكورين سلفًا إلى جانب تجميد نشاط الآخرين، وهي هيئة تراها الحكيم "غير معتد بها بعد سحب الثقة منها في وقت سابق، بتصويت 9 أعضاء من أصل 16 لصالح سحب الثقة منها، إلا أن الهيئة استمرت في عملها بشكل طبيعي بدعم من جميلة إسماعيل".
انفراد بالقرارات
"لسنا في خصومة شخصية مع رئيسة الحزب، كنا جزءًا من قائمة انتخابية واحدة ودعمنا قرارها بالترشح للانتخابات الرئاسية في البداية قبل الامتثال للجمعية العمومية، هي تقول الآن إنها ليست طرفًا في هذا الصراع، أي هيئة التحكيم وأعضاء الهيئة العليا، لكن هذا ليس منطقيًا، هي صاحبة الكلمة العليا في القرارات، والهدف هو إقصاء الأعضاء المعارضين لها والاكتفاء بالمجموعة المؤيدة داخل الهيئة العليا" تقول الحكيم.
وتشير الحكيم لـ المنصة إلى أن الثلاثي المفصول يبحث جميع الخيارات المتاحة، بما فيها اللجوء إلى التقاضي "لحل هذا النزاع واستعادة حقوقه"، مع تأكيدها حرصهم على "عدم تفخيخ الحزب وإتاحة الفرصة لأطراف يهمها شل العمل داخل حزب الدستور"، وفي الوقت ذاته تأمل الحكيم أن تنتهي الأزمة بحل سياسي يلم الشمل ولا يطيل أمدها، في ظل وجود محاولات مستمرة للصلح وإلغاء قرارات الفصل.
وعبَّر عدد من أعضاء حزب الدستور في تعليقات ومنشورات رصدتها المنصة على صفحات الحزب على السوشيال ميديا عن غضبهم ممن سموه طريقة رئيسة الحزب غير الديمقراطية في الانفراد بالقرار، وعدم احترام أصوات الجمعية العمومية ومعاقبة أعضاء الهيئة العليا على معارضة قراراتها.
وقال أعضاء مؤسسين بحزب الدستور، طلبوا عدم نشر أسمائهم، لـ المنصة إن الحزب تعرض للشَلل خلال الفترة الماضية، بسبب تجميد الانتخابات في بعض القطاعات، وعدم انعقاد لجانه، إلى جانب الخلافات بين أعضاء الهيئة العليا التي تهدد الحزب بتوقف نشاطه لفترة طويلة حال اللجوء إلى القضاء، فيما عبَّر آخرون عن مخاوفهم من استغلال الأجهزة الأمنية عثرات الحزب واختراق صفوفه بشكل أكبر.
وبينما امتنعت جميلة إسماعيل عن التعليق لوسائل إعلام على اتهامات معارضيها بمحاولة الانفراد بالقرار وفصل المعارضين لها داخل الهيئة العليا للحزب، اكتفى المتحدث باسم الحزب وليد العماري بالرد على أسئلة المنصة بقوله "نحاول حل الأمور داخليًا"، مضيفًا أن أي تعليق ربما يتسبب في تعطيل الجهود المبذولة لحلحة الأزمة.
كما رفض العماري التعليق على احتمالات لجوء أعضاء الهيئة العليا المفصولين للقضاء الإداري للفصل في النزاع وعدم مخالفتهم لوائح الحزب.
يأتي هذا في وقت أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات القاعدية بالحزب شفيق شعبان عن جدول انتخابات قطاع الصعيد بعد فترة من التعطل، ومن المتوقع أن تعلن اللجنة نتائج هذا الانتخاب في غضون 26 مايو/أيار المقبل، عقب الفصل في الطعون، لتعلن عضو الهيئة المنتخب ممثلًا عن قطاع الصعيد ونائب الأمين وأمين صندوق القطاع.