أثار قتل إسرائيل لسبعة من عائلة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ردود فعل واسعة تدين إسرائيل التي باتت في مأزق، خصوصًا أنها أقرت باستهداف أبنائه الثلاثة، زاعمة أنهم من أعضاء الجناح العسكري لحركة حماس، غير أن السيارة التي كانوا يستقلونها ضمت 4 من الأحفاد أيضًا.
لم تستطع إسرائيل تبرير قتلها أحفاد هنية حتى الآن. ووفق موقع سويس إنفو، رفض جيش الاحتلال الرد على سؤال لوكالة رويترز حول قتل 4 أطفال من أحفاده، قائلًا "لا معلومات عن ذلك الآن"، فيما قالت صحيفة هآرتس أن مزاعم إسرائيل في العملية الأخيرة "أمر لا يقبله حتى أشد معارضي حماس"، حسب ما نقله موقع الجزيرة.
وتقدر وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة عدد الضحايا من النساء والأطفال بـ70% من ضحايا العدوان الذين يتجاوزون الآن 33 ألف قتيل.
وكانت قناة الأقصى نقلت عبر تطبيق تليجرام، بيان لحماس، اطلعت المنصة عليه، ينعي مقتل 3 من أبناء هنية وهم حازم وأمير ومحمد، وأولادهم منى وآمال وخالد ورزان، "إثر غارة صهيونية غادرة وجبانة استهدفتهم في مخيم الشاطئ في أول أيام عيد الفطر المبارك".
تبني الهجوم
ليست هذه أول مرة تستهدف إسرائيل أسرة هنية منذ بدء العدوان على القطاع في 7 أكتوبر الماضي، إذ سبق وقتل جيش الاحتلال حفيده الأكبر الإعلامي محمد جمال هنية، ومن قبله حفيدته الطالبة في كلية الطب رؤى همام. لكنها المرة الأولى التي يعلن فيها جيش الاحتلال استهدافه المباشر لأبنائه على نحو خاص، وليس ضمن عمليات القصف المستمرة التي تودي بحياة العديد من الضحايا كل يوم.
وقال جيش الاحتلال في بيان أمس إنه "بتوجيه من مخابرات الجيش الإسرائيلي والشاباك، قصفت طائرة سلاح الجو الإسرائيلي 3 نشطاء عسكريين من حماس كانوا يقومون بنشاط إرهابي في وسط قطاع غزة"، حسب المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي.
وقال جيش الاحتلال أن "الثلاثة الذين تم قصفهم هم أمير هنية، قائد خلية في الجناح العسكري لحماس، ومحمد هنية، ناشط عسكري في منظمة حماس الإرهابية، وحازم هنية، وهو أيضًا ناشط عسكري في منظمة حماس الإرهابية".
لكن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قال في بيان، اطلعت المنصة عليه، إن "عملية الاغتيال تمت باستهداف سيارة كانوا يستقلونها قريبة من منزل العائلة"، مشيرًا إلى أنهم كانوا يقومون "بزيارات اجتماعية وعائلية بمناسبة حلول عيد الفطر".
وعلق هنية على مقتل أفراد عائلته قائلًا لـ الجزيرة، "أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمنا به باستشهاد أبنائي الـ3 وبعض الأحفاد.. بهذه الآلام والدماء نصنع الآمال والمستقبل والحرية لشعبنا ولقضيتنا ولأمتنا".
وأضاف "كل أبناء شعبنا دفعوا ثمنًا باهظًا من دماء أبنائهم وأنا واحد منهم".
ردود الفعل
في غضون ذلك، توالت ردود الفعل عقب الهجوم، وجاءت أغلب التعازي الرسمية من تركيا حيث علق مسؤولون حاليون وسابقون على الحادث.
وبعث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تعازيه لهنية، قائلًا "أن إسرائيل ستُحاسب حتمًا أمام القانون على الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها"، حسب سي إن إن نقلًا عن وكالة الأناضول.
وأجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أمس اتصالًا هاتفيًا بهنية، مقدمًا تعازيه له. وكذلك رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، وفق بيان للبرلمان، معتبرًا أن "موقف هنية بعد تلقيه نبأ استشهاد أبنائه وأحفاده يمثل قدوة للأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء".
وقال رئيس وزراء تركيا الأسبق أحمد داود أوغلو عبر إكس، "اتصلت قبل قليل بصديقي وأخي إسماعيل هنية (...) كان في غاية المتانة والتوكل، قال لي لقد فقدت أولادي وأحفادي الذين استضفتهم مع زوجتك تحت القصف الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2012".
وكان هنية ظهر في فيديو خلال تلقيه نبأ مقتل أبنائه وأحفاده أثناء تفقده جرحى غزة الذين يتلقون العلاج في الدوحة، حيث بدا عليه الثبات وهو يسمع النبأ في اتصال هاتفي عبر مكبر صوت الموبايل، وردد "الله يسهل عليهم"، ثم مضى يستكمل ما كان يقوم به.
ومن تونس، قال الرئيس الأسبق منصف المرزوقي عبر إكس "رسالة إلى الأخ إسماعيل هنية، كل شباب الأمة أبناؤك، وكل أطفالها أحفادك...".
ومن منفاه الاختياري في فيينا علّق نائب الرئيس المصري الأسبق محمد البرادعي عبر إكس، إن "استهداف وقتل أطفال أبرياء من قبل إسرائيل هو إرهاب الدولة، القتل خارج القانون جريمة حرب. جريمة ضد الإنسانية. الهمجية في أبشع صورها".
وقالت حركة حماس في بيان، وفق موقع الجزيرة، إن هنية "تلقى اتصالًا من رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حيث قدم التعازي له باستشهاد أبنائه وأحفاده".
كما تلقى هنية برقية تعزية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وفق موقع قناة الميادين. وأجرى نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم اتصالاً باسم الأمين العام للحزب حسن نصر الله، لتعزية هنية، حسب لبنان 24.
وعلى الصعيد الفلسطيني، تلقى هنية اتصالًا من الرئيس محمود عباس، حيث عزاه في مقتل أفراد أسرته بـ"قصف إسرائيلي غادر". وقالت حركة حماس، في بيان، إن هنية أكّد خلال الاتصال أن "دماء أبناءه تضحيات على طريق القدس والأقصى، مضيفًا أنها ليست أغلى من دماء أبناء شعبنا العظيم الصّامد"، حسب موقع الشروق.
وسبق واتهمت حركة فتح حماس في منتصف مارس/آذار الماضي بأنها "لا هدف لها (في المفاوضات) سوى أن تتلقى قيادتها ضمانات لأمنها الشخصي"، خلال بيان شديد اللهجة، إثر رفض حماس وثلاثة فصائل فلسطينية أخرى تشكيل حكومة برئاسة الخبير الاقتصادي محمد مصطفى.
ولم تُصدر مصر التي تلعب دورًا رئيسيًا في الوساطة الخاصة بوقف إطلاق النار في غزة، أي تعليق على استهداف إسرائيل لأبناء هنية، فيما تناولت تقارير إعلامية أن العملية أربكت المفاوضات. لكن هنية أكد في تصريح له أن هذا لن يؤثر على مطالب الحركة في المفاوضات الجارية.
وتتمسك حماس بأربعة مطالب قبل تنفيذ أي صفقة لتبادل المحتجزين، وهي وقف إطلاق النار، والانسحاب من القطاع، والسماح بعودة النازحين، وإعادة الإعمار.
المأزق
ويأتي الهجوم الإسرائيلي الأخير فيما لم تخرج تل أبيب بعد من أزمة استهدافها 7 من موظفي منظمة المطبخ العالمي الإغاثية خلال عملها في غزة، وهي العملية التي أثارت ردود فعل دولية واسعة ضد إسرائيل، اضطرت معها الأخيرة إلى الإقرار بخطئها فيها، وبررت القتل بظنها أن السيارة كانت تقل مسلحون لحماس.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت إن مقتل أبناء هنية وأحفاده "خطأ سيضر بسمعة إسرائيل"، حسب الجزيرة.