تضاربت التصريحات بين مصر، التي تلعب دور الوسيط في المفاوضات الخاصة بوقف النار في غزة وتستضيف المفاوضات في أراضيها، وبين طرفي الصراع إسرائيل وحماس، ففي الوقت الذي تحدث مصدر مصري مسؤول اليوم عن "تقدم كبير" في المفاوضات، واتفاق وشيك عقب جولة مباحثات في القاهرة أمس، صدرت تصريحات من حماس وإسرائيل بعكس ذلك.
ونقلت قناة القاهرة الإخبارية عن مصدر مصري رفيع المستوى، لم تسمه، أن "جولة المفاوضات الأخيرة شهدت تقدمًا كبيرًا في تقريب وجهات النظر"، مشيرًا إلى أن وفدي قطر وحماس غادرا القاهرة على أن يعودا خلال يومين للاتفاق على بنود الاتفاق النهائي، في حين من المقرر أن يغادر الوفدان الأمريكي والإسرائيلي مصر لاحقًا.
وأكد المصدر "حدوث تقدم في المباحثات والتوافق على المحاور الأساسية بين الأطراف كافة"، مشددًا على "استمرار الجهود من أجل الوصول لاتفاق هدنة في قطاع غزة، مع تقدم ملحوظ في النقاط الخلافية".
لكن مصدرًا في حركة حماس قال لـ"رويترز"، إنه "لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن في محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة"، حسب الشرق الأوسط.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، "ليس هناك أي تغيير في مواقف الاحتلال ولذا لا جديد في مفاوضات القاهرة"، مؤكدًا "لا يوجد تقدم حتى اللحظة".
بينما قال مسؤول إسرائيلي كبير، لـ"تايمز أوف إسرائيل"، إنه "لا يرى صفقة وشيكة لتبادل المحتجزين مع حماس في الأفق"، حسب الشرق الأوسط.
وأضاف المسؤول، في تصريحات تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية، أن "الفجوة بين إسرائيل وحماس بشأن اتفاق محتمل لا تزال كبيرة".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، عبر عن تفاؤل حذر بشأن جولة المفاوضات، قائلًا إنها "أقرب اتفاق" يتوصل إليه الجانبان منذ هدنة نوفمبر/تشرين الثاني التي أطلقت حماس بموجبها عشرات المحتجزين، حسب سكاي نيوز.
وبدأت هدنة بين إسرائيل وحماس في 24 نوفمبر الماضي، بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية، استمرت لمدة أربعة أيام، ثم مُدت فترتين أخريين، حتى نهاية الشهر، قبل أن يُستأنف القتال في مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال كاتس لراديو الجيش الإسرائيلي "وصلنا إلى نقطة حرجة في المفاوضات. وإذا نجحنا، سيعود عدد كبير من الرهائن إلى الوطن".
وهذه ليست أول مرة تعبر فيها القاهرة عن تفاؤلها بالمفاوضات، أو إحرازها تقدمًا وتقابل بنفي من حماس وإسرائيل، لتتوقف المفاوضات لفترة ثم تعود المباحثات مرة أخرى.
وكان الرئيس المصري التقى، أمس، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، وذلك قبل انطلاق جولة المفاوضات. ووفق بيان الرئاسة فإن "الاجتماع شهد توافقًا على ضرورة حماية المدنيين وخطورة التصعيد العسكري في مدينة رفح الفلسطينية، وكذلك الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم".
في غضون ذلك، قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، إن بدء الهدنة الإنسانية في قطاع غزة بحلول عطلة عيد الفطر "مناسب رمزيًا"، موضحًا خلال لقاء على فضائية الغد مع الإعلامي عمرو عبد الحميد، مساء الأحد "من المناسب رمزيًا أن تبدأ الهدنة في عطلة عيد الفطر؛ لأنها تعطي إشارة عكس الإشارة التي كانت موجودة من دخول شهر رمضان والقتال دائر"، حسب ما نقله موقع الشروق.
وأضاف أن بدء الهدنة في ذلك التوقيت يتناسب مع الضغوط التي يتعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منوهًا بأن "الأخير بحاجة إلى إنجاز يقدمه للشعب الإسرائيلي، خاصة بعد الأسير الذي عثر على جثمانه أمس، وتزايد حركة الاحتجاج واختلاطها بحركة المعارضة السياسية".
وأكمل "نتنياهو يعلم أن العربة والحصان يجب أن يكونا معًا، فلن تُقدم له حماس عددًا من المحتجزين كهدية ثم يحدث وقف إطلاق النار، هذا يمكن أن يكتبه في موضوع إنشاء في الصف الثالث الابتدائي"، بحسب تعبيره.
ونفى "إمكانية الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة إلا بمجموعة من الشروط، أبرزها: وقف إطلاق النار كاملًا، ووقف تحليق الطيران في جنوب غزة، ولمدة 6 ساعات في الشمال".
واستطرد "هناك شروط محددة وكلها مترابطة ومتزامنة، نتنياهو رجل يبيع بضاعة للاستهلاك الداخلي، وقد يدلس على الإسرائيليين ويقول أفرجوا عن أحد المحتجزين وبعدها بـ5 دقائق يتوقف إطلاق النار.. هذا نوع من العبث السياسي".
بدأت محاولات التوسط لإنهاء الحرب في قطاع غزة منذ الأسبوع الأول للحرب، إذ أعلنت قطر ومصر عن مفاوضات غير مباشرة بين مسؤولين إسرائيليين وقادة من حماس للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، ما أسفر عن هدنة في نوفمبر، حسب بي بي سي.
وفي أواخر يناير/كانون الثاني الماضي عادت المفاوضات مجددًا، عبر جولات في باريس والقاهرة والدوحة، أملًا في الوصول إلى اتفاق خلال شهر رمضان، لكن الجهود لم تثمر اتفاقًا حتى الآن.