جددت السلطة الفلسطينية، الثلاثاء، مطالبتها الرسمية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالحصول على العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية، وهو الطلب الذي سبق أن قدمته عام 2011، وانتهى الأمر لعدم طرحه للتصويت أو تمريره.
وحسب المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، فإن السلطة الفلسطينية استبقت اجتماع مجلس الأمن المقرر له 18 أبريل/نيسان الجاري، لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط، وقدمت مطالبتها الرسمية له، حتى يتسنى للمجلس اتخاذ قرار بصددها في تلك الجلسة، وتحديد موعد للتصويت، وفق موقع الشرق الأوسط.
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب لـ المنصة على أهمية حصول فلسطين على تلك العضوية، في سبيل مواجهتها للاحتلال الإسرائيلي سياسيًا ودبلوماسيًا واللجوء للمحاكم الدولية لإلزام المجتمع الدولي بتنفيذ قراراته، وبالتالي "سنبدأ حربًا جديدة في العمل الدبلوماسي".
مراقب دائم
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يمنح فلسطين مركز الدولة المراقبة "المراقب الدائم" في الأمم المتحدة، بموافقة 138 دولة، مقابل 9 دول، في حين امتنع 41 عضوًا عن التصويت.
ولا تُمكِّن مرتبة "المراقب الدائم" فلسطين من مباشرة أي دور من أدوار الدول الأعضاء داخل اجتماعات الأمم المتحدة، حيث يعرّف موقع المنظمة تلك المرتبة بوصفها مركزًا تجيزه الأمم المتحدة للدول غير الأعضاء بها، التي تكون في ذات الوقت أعضاء في وكالة أو أكثر من الوكالات المتخصصة التابعة لها، حيث تقتصر المميزات الممنوحة لهم على حضور معظم الاجتماعات والحصول على الوثائق ذات الصلة فقط، وفق الشرق الأوسط.
ظروف مغايرة
وتأتي مطالبة السلطة الفلسطينية بالحصول على العضوية الكاملة للأمم المتحدة هذه المرة، في ظروف مغايرة عن تلك التي صاحبت تقديم الطلب في عام 2011، إذ يتزامن ذلك مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما صاحبها من مواقف إيجابية تبنتها الأمم المتحدة عبر أمينها العام أنطونيو جوتيريش، الذي هاجم في أكثر من مناسبة، العدوان الإسرائيلي، وأكد أن هجوم حماس في 7 أكتوبر عليها "لم يأتِ من فراغ".
وعلى مدار فترة العدوان، لم يكتفِ جوتيريش بالإدانة والتنديد والشجب فقط، بل حضر إلى معبر رفح الدولي مرتين، آخرها في 23 مارس/آذار الماضي، وفي الزيارتين شدد على ضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة ووقف العدوان، وهي المواقف التي جعلته محل هجوم من سلطات ومسؤولي الاحتلال.
كما يأتي تجديد المطالبة الفلسطينية بالحصول على عضوية الأمم المتحدة، بعد 10 أيام من اعتماد مجلس الأمن، وهو الجهة التي ستفصل في طلب العضوية، قرارًا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف بما يؤدي إلى "وقف دائم ومستدام لإطلاق النار".
اختبار للأمريكان
وردًا على سؤال حول هل تسفر تلك المواقف التي تبدو إيجابية، التي أظهرتها الأمم المتحدة، سواء عبر أمينها العام أو من خلال قرارات مجلس الأمن في تحريك الطلب الفلسطيني هذه المرة، قال الرقب لـ المنصة إنه رغم الأهمية القصوى للمواقف الأخيرة التي يتبناها الأمين العام للأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية، إلا أن من يقرر في مسألة منح العضوية الكاملة هو مجلس الأمن.
ولم يقلل الرقب من أهمية المحاولة التي تسعى إليها السلطة الفلسطينية للحصول عبر عضوية الأمم المتحدة على الاعتراف الكامل بدولة فلسطين، رغم وجود أمريكا وسلطتها في استخدام حق النقض داخل مجلس الأمن لرفض القرار، وهي التي استخدمت "الفيتو" 3 مرات ضد مشاريع مختلفة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ومع ظهور بعض المواقف والنداءات داخل الدوائر الرسمية الأمريكية، التي تشير إلى أن أمريكا قد تعترف بالدولة الفلسطينية، يرى الرقب أنه إذا ما استوفى الطلب الفلسطيني الإجراءات التي تمكن من طرحه للتصويت داخل مجلس الأمن، فإن ذلك سيمثل اختبارًا حقيقيًا للأمريكان، بمعنى "هل الديمقراطيون تحديدًا صادقون برغبتهم في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، أم أن نداءاتهم تلك جاءت للاستخدام الإعلامي".
ولم يهمل الرقب دور الانتخابات الأمريكية المقبلة، في تحديد صيغة التعامل الأمريكي مع الطلب الفلسطيني داخل مجلس الأمن، ذلك في ظل مؤشرات عودة الجمهوريين للسلطة، إذ يرى أنه "إذا أخفق الديمقراطيون في الانتخابات أتوقع أن يصوتوا لصالح هذا الاعتراف في ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري قبل رحيلهم، وذلك كما حدث لدى موافقتهم في ديسمبر 2016 على قرار مجلس الأمن الذي أدان الاستيطان، حيث خسر الديمقراطيون الانتخابات وقتها ووافقوا على ذلك القرار من باب المناكفة السياسية للقادمين الجدد للحكم وقتها، وهم الرئيس السابق دونالد ترامب والجمهوريون".
اعتراف معنوي.. بامتيازات
وحول الامتيازات التي ستحصل عليها فلسطين بحصولها على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، أكد الرقب أنه وبغض النظر عن أن ذلك الاعتراف سيظل اعترافًا معنويًا "لأنه على الأرض الاحتلال سيظل موجودًا، لكن نحن سنستغل ذلك الاعتراف حال تحقيقه في مقارعة الاحتلال في المؤسسات الدولية التي اعترفت به خاصة في محافل القانون الدولي".
وتابع "سنطالب المجتمع الدولي بتنفيذ قراره بشأن انسحاب إسرائيل من أراضي الدولة الفلسطينية العضو الكامل بالأمم المتحدة، وهنا سيكون على المجتمع الدولي إلزام الاحتلال بالقوة بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية".
يذكر أن آخر الدول التي حصلت على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة هي جمهورية جنوب السودان، التي انفصلت رسميًا عن السودان في 9 يوليو/تموز 2011، كنتيجة للاستفتاء الذي جرى تحت رقابة دولية في يناير/كانون الثاني 2011، إذ تقرر قبولها كدولة عضو من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 يوليو 2011.