اعتمد مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، قرارًا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، قابلته الحكومة الإسرائيلية بإبداء غضبها من الولايات المتحدة، إثر امتناع واشنطن عن التصويت، بينما رحبت دول عربية بالقرار، وطالبت فلسطينُ بأن يكون دائمًا مستدامًا.
ونص قرار المجلس الأممي، الذي جاء بتأييد 14 عضوًا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، على وقف فوري لإطلاق النار تحترمه جميع الأطراف، إضافة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين.
وقدمت مشروع القرار الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، ومنها الجزائر العضو العربي الوحيد بالمجلس.
قرار طال انتظاره
أعقب التصويت تصفيق من أعضاء المجلس، الذي لم يتمكن مرات عديدة على مدى الشهور الماضية من اعتماد قرار بشأن وقف إطلاق النار في غزة، فيما وصفته الأمم المتحدة على إكس بالقرار الذي طال انتظاره.
وخلال أكثر من 5 أشهر، استخدمت الولايات المتحدة "الفيتو" 3 مرات ضد مشاريع مختلفة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان آخرها مقدمًا من الجزائر في فبراير/شباط الماضي.
والجمعة الماضي، عرقلت روسيا والصين إصدار مشروع قرار أمريكي لم ينص على وقف فوري لإطلاق النار، بل على ضرورة وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين لدى حماس والفصائل الأخرى.
وفي إطار مطالبته بالإفراج عن جميع المحتجزين، دعا قرار مجلس الأمن إلى كفالة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتجزين، لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية، وبامتثال الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم.
وشدد القرار على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة بأكمله، وتعزيز حمايتهم. وكرر تأكيد مطالبته برفع جميع الحواجز التي تحول دون تقديم المساعدة الإنسانية على نطاق واسع.
وقال الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، أحد مقدمي مشروع القرار، خلال جلسة مجلس الأمن، إن وقف إطلاق النار يأتي "من أجل وضع حد للمجازر التي لا تزال للأسف مستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر، ذاق خلالها الشعب الفلسطيني كل أشكال العذاب والمعاناة".
وأضاف "لقد استمر حمام الدم طويلًا وبأشكال بشعة وأصبح من الواجب وضع حد له قبل فوات الأوان".
أما المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، فقال إن التصويت اليوم "من أجل أن تسود الإنسانية".
ترحيب عربي.. ومطلب فلسطيني
وبينما طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية بأن يكون قرار وقف إطلاق النار دائمًا ومستدامًا، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنجاح مجلس الأمن في استصدار قرار يُطالب، ولأول مرة، بوقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة، وأكد أنه جاء متأخرًا، مشددًا على أن "العبرة الآن هي بتنفيذ القرار على الأرض ووقف العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي بشكل فوري وكامل".
ورحبت حركة حماس بقرار مجلس الأمن، وأكدت استعدادها المضي قدمًا في عملية تؤدي إلى الإفراج عن المحتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين.
أما وزارة الخارجية المصرية التي رحبت بالقرار، فاعتبرت أن "صدوره بعد أكثر من خمسة أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي ألحقت أضرارًا بالغة بالمدنيين في قطاع غزة، ورغم ما يشوبه من عدم توازن نتيجة إطاره الزمني المحدود والالتزامات الواردة به، إلا أنه يمثل خطوة أولى هامة وضرورية لوقف نزيف الدماء ووضع حد لسقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لدخول المساعدات الإنسانية".
غضب إسرائيلي وخيبة أمل أمريكية
وعقب صدور القرار، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن إسرائيل "لن توقف إطلاق النار"، وأضاف كاتس، في بيان، اليوم الاثنين، أن إسرائيل "ستدمر حماس وستواصل القتال حتى يعود آخر الرهائن إلى الوطن"، بحسب موقع سي إن إن.
وفي جلسة مجلس الأمن، تساءل السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، عن سبب ما وصفه بـ"تمييز" المجلس بين الضحايا، قائلًا إن المجلس أدان الهجوم المميت على قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو يوم الجمعة الماضي "لكنه فشل في إدانة مجزرة مهرجان نوفا للموسيقى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول"، وأضاف أن "المجزرة التي ارتكبتها حماس" هي التي تسببت في هذه الحرب.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فألغى زيارة وفد إسرائيلي كانت مقررة إلى واشنطن، اعتراضًا على عدم استخدام الولايات المتحدة "الفيتو" ضد القرار، وأكد مكتبه في بيان نقله موقع سكاي نيوز أن امتناع واشنطن عن استخدام الفيتو لإحباط قرار مجلس الأمن "يضر بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح الرهائن".
وفور بيان نتنياهو، أعلن البيت الأبيض عن خيبة أمله من قرار نتنياهو، وقال البيت الأبيض إنه "لم يُحط علمًا بأي تغير في خطط زيارة وفد إسرائيلي لواشنطن".
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، إن مسؤولين أمريكيين كبارًا سيعقدون رغم ذلك، محادثات منفصلة مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، بخصوص المحتجزين والمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في رفح، وفق موقع الشرق الأوسط.
وشدد على أنه لم يطرأ تغير على السياسة الأمريكية، رغم قرار الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وردًا على سؤال حول تقارير إلغاء الزيارة الإسرائيلية الأخرى، قال كيربي "كنا نتطلع لإجراء مناقشة حول البدائل والخيارات لهجوم بري كبير، لأننا لا نعتقد أن الهجوم البري في رفح هو المسار الصحيح للعمل".
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه سيبلغ البيت الأبيض بأن إسرائيل ستعمل ضد حماس في كل مكان، بما في ذلك الأماكن التي لم تدخلها بعد، حسبما نقل الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم البنتاجون بات رايدر، بعد قرار نتنياهو "حتى الآن المحادثات بين أوستن وجالانت، المرتقبة في البنتاجون غدًا، لا تزال قائمة"، وفق موقع الحرة.
وخلال 171 يومًا من العدوان الإسرائيلي، قتل 32 ألفًا و333 شخصًا في غزة، فضلًا عن إصابة 74 ألفًا و694 شخصًا، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.