قال مصدر مسؤول برئاسة الوزراء إن أولوية الإنفاق الحكومي خلال الفترة المقبلة ستكون للمشروعات الاستثمارية الكبرى التي تدر دخلًا سريعًا للدولة، ووقف أي مشروعات خدمية جديدة تكلف الحكومة أعباء مالية إضافية، أو تدفعها للاقتراض من الخارج.
وأقر مجلس الوزراء، أمس الأربعاء، ضوابط جديدة لترشيد الإنفاق الاستثماري بالجهات الحكومية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، حظر من خلالها التعاقد على أي تمويل خارجي، أو البدء في أي مشروع حتى من خلال مكون محلي يترتب عليه قرض أو مكون أجنبي إضافي.
وأجاز القرار، الذي وافق مجلس الوزراء عليه خلال اجتماعه الأسبوعي، استثناء بعض المشروعات من ذلك الحظر بموافقة رئيس الوزراء، بناءً على عرض وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وبعد دراستها للمبررات الضرورية والملحة التي تعرضها الجهات الحكومية.
كما يلزم القرار الجهات الحكومية بتأجيل تنفيذ المشروعات حديثة الإدراج بالخطة، خلال العام السابق أو العام الحالي، وذلك بحظر إبرام أي تعاقدات على تلك المشروعات، سواء بالأمر المباشر أو المناقصات العامة حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل.
ومن بين المشروعات المقرر وقفها تلك المندرجة ضمن مبادرة حياة كريمة في المحافظات، حسب المصدر الحكومي الذي قال لـ المنصة "لن تتوقف المبادرة لكن تقرر وقف بعض المشروعات التي تندرج تحتها، مثل تبطين الترع، وإنشاء عدد من الكباري ومحطات الصرف الصحي، والوحدات الصحية ومراكز الشباب، إلى جانب مشروعات إقامة محطات كهربائية جديدة في المحافظات".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن الحكومة تركز على المشروعات الصناعية والاستثمارية في المحافظات، مثل إقامة المناطق اللوجستية، والمواني الجافة والبحرية، وشبكات النقل والمواصلات، مثل الخطوط الجديدة لمترو الأنفاق، والسكك الحديدية "لكن لن تكون هناك توسعات أو خطوط جديدة للمونوريل في المدن الجديدة داخل القاهرة".
وأوضح أن ترشد الإنفاق الحكومي لن يقتصر على المشروعات، لكن يشمل أيضًا "وقف كل التعيينات داخل القطاع الحكومي وأجهزة وهيئات ومؤسسات الدولة، باستثناء تنفيذ الخطة الاستراتيجية لسد العجز في نقص المعلمين بالمدارس الحكومية، المسؤول عنها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة التربية والتعليم".
ولفت المصدر إلى الاستغناء عن عدد من المستشارين بالوزارات والمؤسسات الحكومية، وعدم التجديد لأي شخص بلغ سن المعاش بالجهاز الإداري للدولة، على أن "تستكمل الحكومة خطة الميكنة الإلكترونية بالوزارات لتقليل العمالة قدر الإمكان".
وحسب المصدر، تمنح الحكومة الفرصة للقطاع الخاص لتنفيذ عدد من المشروعات التي كان من المقرر أن تنفذها الوزارات والمؤسسات الحكومية، في مختلف القطاعات، مثل مشروعات النقل والإسكان والتعليم، من خلال بناء مدارس جديدة بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي قرارًا لرفع كفاءة الإنفاق الحكومي وتعظيم الإيرادات، حظر خلاله التعاقد أو إلحاق أي عمالة بالجهات الحكومية تحت أي مسمى إلا بعد دراسة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ووزارة المالية، وموافقة رئيس الوزراء.
كما ألزم القرار الجهات الحكومية بترتيب أولويات المشروعات الاستثمارية بها، بما يمكنها من الانتهاء من تلك المشروعات.
ولا يعد هذا القرار الأول الذي تصدره الحكومة في محاولة للحد من آثار الأزمة الاقتصادية. ففي 9 يناير/ كانون الثاني 2023 أصدر مصطفى مدبولي قرارًا رقم 69 لسنة 2023، بشأن ترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية. واستثنى القرار عدة جهات في مقدمتها وزارات الدفاع والداخلية والخارجية، والصحة والسكان، والجهات القائمة على تدبير السلع التموينية.
وتعاني مصر من ضغوط لتدبير النقد الأجنبي، ما حد من فرص النمو الاقتصادي الذي تراجع خلال العام المالي 2023 إلى 3.7% مقابل 6.6% في العام السابق.
وتصاعدت معدلات التضخم بقوة خلال العام الماضي، وبلغت ذروتها في سبتمبر/أيلول الماضي مع تجاوزها مستوى 40% قبل أن تتراجع بشكل طفيف خلال السنوات التالية، ولم تعلن مصر عن بيانات محدثة عن الفقر منذ 2020 لكن آخر البيانات تشير إلى أن نحو ثلث السكان تحت خط الفقر.
وبلغ الدين الخارجي لمصر مستوى 164.5 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي 2023/2024، بعد أن نما بقوة خلال السنوات الأخيرة، وتمثل الديون الحكومية نحو نصف هذه الديون.