انتقدت صحيفة الواشنطن بوست في افتتاحيتها أمس الجمعة، توقيف السياسي المصري المعارض وأحد مؤسسي "التيار الحر" هشام قاسم، مشيرة إلى أن ما يحدث في مجال حقوق الإنسان في مصر يناقض معايير منح المعونة الأمريكية المقدرة بـ320 مليون دولار، والمشروطة بتحسين سجل مصر في حقوق الإنسان.
وبدأت النيابة العامة التحقيق مع قاسم في دعوى سب وقذف في 20 أغسطس/آب الجاري، وانتهى قرارها إلى إطلاق سراحه مقابل كفالة 5 آلاف جنيه، غير أنه رفض دفع الكفالة، وقال في بوست على فيسبوك "لستُ مجرمًا ولا لصًا حتى تتم كفالتي، لا يكسرني الحبس ولكن يكسرني الانصياع لهذه المسرحية"، ما أسفر عن حبسه.
و استعرضت الصحيفة الأمريكية تحت عنوان "صوت احتجاج يُسجن في مصر"، وقائع القبض على قاسم عقب تقديم وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة ضده بلاغًا بالسب والقذف، مشيرة إلى أن القبض عليه جاء عقب أيام من الإفراج عن الناشط البارز أحمد دومة، وعلقت "هكذا تسير دوامة القمع في مصر، حيث يتم احتجاز آلاف السجناء السياسيين لأشهر وسنوات دون محاكمة، وإطلاق سراح قلة منهم، ثم احتجاز المزيد".
ولفتت الواشنطن بوست كذلك إلى مواقف قاسم المعارضة، قائلة "لقد كان مدافعًا قويًا عن الصحافة المستقلة في مصر، وينتقد بشدة حكم السيسي في وقت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية عميقة".
ونقلت الصحيفة تصريح أحد مؤسسي التيار المصري لبي بي سي الشهر الماضي إن التغيير المطلوب في مصر لا لا يقتصر على أن السيسي لم يعد في السلطة، بل في إعادة هيكلة الاقتصاد، مشددًا على أن ذلك لا يمكن أن يحدث مع وجود الجيش في السلطة".
وتطرقت الصحيفة كذلك إلى إطلاق قاسم وآخرين تحالف "التيار الحر" المكون من أربعة أحزاب، وهو ائتلاف سياسي يخطط لمعارضة السيسي في انتخابات العام المقبل.
وتابعت الصحيفة "لقد سعى قاسم إلى فضح الفساد وإدانة القمع في مصر، الأمر الذي وضعه بوضوح في مرمى النظام".
كما تطرقت الافتتاحية إلى توقيت القبض على قاسم والذي يتزامن مع الحوار الوطني، معتبرة أن الرئيس المصري أطلق الحوار لإخفاء الانتهاكات التي يتعرض لها ملف حقوق الإنسان، وكذلك الإفراج عن بعض السجناء، موضحة أن التقديرات تشير إلى أن هناك أكثر من 60 ألف سجين سياسي في مصر الآن. وعلقت "تستخدم السلطات الحبس الاحتياطي لاحتجاز المتظاهرين والصحفيين والمعارضين لفترات طويلة دون توجيه اتهامات رسمية لهم".
ونبهت الصحيفة أنه بموجب القانون، فإن 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية الخارجية الأمريكية لمصر مشروطة بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان. وتشمل المعايير إجراء إصلاحات تحمي حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي؛ والسماح لوسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل دون تدخل.
وأضافت "محاسبة قوات الأمن؛ التحقيق والملاحقة القضائية في حالات القتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري؛ وإطلاق سراح السجناء السياسيين وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين".
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن مجموعة من 11 عضوًا في الكونجرس الأمريكي، من بينهم الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية جريجوري دبليو ميكس، أرسلوا إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن لحث الإدارة على حجب مبلغ الـ 320 مليون دولار بالكامل حتى يتحسن سجل مصر الحقوقي.
واختتمت افتتاحيتها "لقد حان الوقت لإنهاء هذه التمثيلية والمطالبة بإحراز تقدم حقيقي لحماية الكرامة الإنسانية وحرية التعبير في مصر - بما في ذلك إطلاق سراح قاسم وغيره من السجناء السياسيين".
وكانت الحركة العالمية من أجل الديمقراطية The World Movement for Democracy، انتقدت القبض على قاسم في بيان أول من أمس، مطالبة بالسماح للصحفيين الاستقصائيين ومدققي الحقائق بالقيام بعملهم بحرية دون مضايقة أو تدخل، واحترام حق الناس في حرية التعبير. كما تطرق بيان الحركة إلى القبض على كريم أسعد، المحرر في موقع متصدقش، قبل إطلاق سراحه.
وكان ألقي القبض على أسعد عقب مداهمة منزله في 18 أغسطس/آب الجاري، ثم أفرج عنه عقب نحو 48 ساعة من توقيفه، وذلك على خلفية نشر موقع متصدقش تفاصيل عن المصريين المحتجزين على متن الطائرة الخاصة التي احتجزت في زمبيا وهي محملة بالدولارات وسبائك قالت السلطات الزامبية إنها من النحاس والزنك.
وكانت الأزمة بدأت بين قاسم وأبو عيطة، والتي انتهت بحبس الأول، في أواخر شهر يوليو/تموز الماضي، حين قال أبو عيطة في لقاء صحفي "شامم ريحة أجندة أجنبية في التيار الليبرالي الحر، بسبب وجود هشام قاسم.. وأنا ضد أي تيار يستقوي بالخارج". وهو ما دفع قاسم للرد عليه من خلال بوست على صفحته بفيسبوك، قال فيه إن "مباحث الأموال العامة سبق لها إدراج أبو عيطة، أول وزير للقوى العامة بعد أحداث 30 يونيو، ضمن المتهمين في أكبر قضية اختلاس للمال العام، وذلك ضمن آخرين بتهمة الاستيلاء على 40 مليون جنيه خلال 7سنوات، واضطر المناضل أبو عيطة لرد 75 ألف جنيه حتى يتم حفظ القضية ضده"، بحسب قول قاسم.