شهدت جلسة مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، انتقادات حادة لوزير التموين علي المصيلحي، لعدم انضباط السوق، وسط مطالبات من نواب باستقالته من منصبه، مشيرين إلى "تفشي الفساد في الوزارة"، خاصة بعد إلقاء القبض على عدد من المسؤولين فيها بتهمة الفساد.
وبدأ المصيلحي كلمته بالحديث عن الأزمات الدولية التي أثرت على الأوضاع الاقتصادية في مصر، بداية من جائحة كورونا مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، انتهاء بالعدوان على غزة وهجمات الحوثيين على السفن عند مضيق باب المندب.
وقدم المصيلحي مبرراته خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، التي وجه خلالها الأعضاء أكثر من 90 أداة رقابية للوزير بشأن ارتفاع الأسعار ونقص عدد من السلع.
وطالب النائب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين محمود بدر، الوزير، بالتحلي بالشجاعة وتقديم الاستقالة، وقال "كل عام يتم القبض على أعضاء بالوزارة بتهم فساد، ومشروع جمعيتي تحول لخرابات، ولم يستشعر الوزير الحرج".
ونهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، كشفت هيئة الرقابة الإدارية عن شبكة فساد بوزارة التموين، مؤكدة القبض على المتهمين.
وكان من بين المتهمين مجموعة من أصحاب منافذ مشروع جمعيتي بنطاق محافظة القاهرة، ومسؤول مشروع جمعيتي بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، وعدد من المحاسبين، وكذلك العضو المنتدب المالي بالشركة، لقيامهم بالتلاعب في مستندات وأذون صرف السلع لبعض منافذ جمعيتي بمحافظة القاهرة، وتم إحالتهم إلى نيابة الأموال العامة.
الاتجاه نفسه تبناه النائب المستقل ضياء الدين داود، الذي أشار إلى وقائع إلقاء القبض على مسؤولين في الوزارة الأسابيع الماضية، مؤكدًا ضرورة استقالة الوزير وتحمله المسؤولية السياسية.
واعتبر داود أن "العجرفة والجهل" عاملان أديا إلى توفير بيئة خصبة لتفشي الفساد في الوزارة، وقال "الوزير مع حكومة منتهية الصلاحية لا يجب أن تحوز على حماية البرلمان".
أما رئيس حزب العدل عبد المنعم إمام، فقال للوزير "اعتذارك مرفوض جامد" على غرار كلمة الوزير في مداخلة هاتفية عبر إحدى المحطات الفضائية قال خلالها "نعتذر للشعب جامد".
وتساءل النائب "كيف لمصر أن يكون لديها أزمة بصل وسكر، وزارتك أصبحت وزارة معاشات، كل من يخرج على المعاش يتم المد له، ولا يتم ترقية الكوادر الوسيطة".
وتابع "هذه البلد نصفها يقبض الحد الأدنى للأجور، وأتحدى الوزير أن يعيش أسبوعًا واحدًا ومرتبه شهريًا 4 آلاف جنيه"، واستطرد "ليس مقبولًا أن نخير الشعب المصري، ما بين أن يكون جعان وفقير، أو أن يكون حرامي، فهناك خيار تالت، إنكم تورونا عرض كتافكم".
وهو المطلب نفسه الذي دعا إليه النائب محمد عبد العليم داود الذي حمل الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار وتدني سعر الصرف.
أما النائب المستقل بلال النحال فاستعرض أزمات ارتفاع الأسعار والنقص المتكرر في السلع الأساسية، واحتكار بعضها، وقال "لا نملك إلا الدعاء، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا"، بينما اعتبر النائب المستقل محمد الصمودي أن "الحكومة نجحت في توحيد الشعب المصري على كلمة واحدة، رحيل الحكومة، نسألكم الرحيل ريحونا وريحوا الناس، الناس تعبت".
وخلال رده على هجوم النواب بشأن الاحتكارات وارتفاع الأسعار، لفت الوزير إلى وجود جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، الذي يتبع رئيس مجلس الوزراء، واستدرك "أنا مسؤول علشان ما حدش يقول إني مش مسؤول، مسؤول ضمنيًا عن اللي قلتوه، وأمثل الحكومة".
واعتبر رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي أن كلمات المصيلحي "تعكس المسؤولية الجماعية والتضامنية للحكومة"، وقال جبالي "المسؤولية تقع على عاتق الحكومة بأكملها، من أول رئيس الحكومة حتى باقي الوزارات".
ولم يقدم الوزير حلولًا لما أثاره النواب بشأن ارتفاع الأسعار أو احتكار السلع، رغم أنه بدأ كلمته بوصف الجلسة بأنها "تاريخية"، مكتفيًا باستغراق وقت اعتبره رئيس المجلس طويلًا بشأن قصب السكر، موضحًا الاعتماد على البنجر في صناعة السكر، وربط بين ارتفاع الأسعار وعدم استقرار سعر الصرف وتضاعف تكلفة الشحن نتيجة التوترات في المنطقة وضربات الحوثيين للسفن.
ومؤخرًا، قال مصدر مسؤول بوزارة التموين، مطلع على ملف توفير وتوزيع السلع، إن" تراجع مزارعي القصب عن توريده لمصانع تكرير السكر التابعة للدولة يؤثر سلبًا في الإنتاج الحكومي، ما يجري تعويضه عن طريق الاستيراد".
وكان الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، التابعة للقطاع العام، اللواء عصام البديوي، قال السبت الماضي، في مداخلة مع برنامج الحكاية الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة mbc مصر، إن مصنع أبو قرقاص التابع للشركة اضطر للتوقف عن إنتاج السكر من القصب بسبب نقص الأخير، مع اتجاه المزارعين لبيعه لتجار يعيدون توجيهه إلى عصارات العسل الأسود ومحلات العصير، بفارق سعر 1000 جنيه للطن، حيث تشتريه الدولة بسعر 1500 جنيه للطن، بينما يدفع التجار أكثر من 2500 جنيه.