اختلف مصدران حول أسباب ارتفاع أسعار البصل، ووصولها لمستويات غير مسبوقة بـلغت 20 و25 جنيهًا للكيلو، مقابل 3 جنيهات العام الماضي، فبينما أشار رئيس شعبة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية حاتم النجيب، إلى زيادة نسبة الصادرات، وتراجع المساحة المزروعة كسبب للأزمة، أرجع مصدر رسمي في وزارة الزراعة معني بملف الصادرات، ارتفاع الأسعار إلى اتجاه مزارعين وتجار لتخزين كميات من البصل، للاستفادة من فرق الأسعار.
وطبقًا لإحصائيات وزارة الزراعة في عام 2021، فإن المساحة المنزرعة من محصول البصل في مصر تتراوح ما بين 200 إلى 220 ألف فدان، ويقدر إنتاجها بنحو 2.8 إلى 3 ملايين طن سنويًا، ويمثل ما يتم تصديره نسبة 12 إلى 15% من إجمالي الإنتاج، والباقي للاستهلاك المحلي، بحسب حديث المصدر الرسمي للمنصة.
لكن رئيس شعبة الخضراوات قال للمنصة إن عددًا كبيرًا من مزارعي البصل عزفوا عن زراعته جرّاء الخسائر التي تعرضوا لها العام الماضي، بسبب تدني الأسعار وضعف الشراء، ما أثر على أسعار البصل المحلية وجعله حملًا ثقيلًا على عاتق المواطنين.
وسبق وتكبد مزارعوا البصل خسائر كبيرة من زراعته الموسم الماضي، وصلت لنحو 10 آلاف جنيه للفدان الواحد، حيث تدنى سعر الكيلو في الحقل إلى جنيه واحد، مما جعل البعض يقلص مساحات زراعته، فيما امتنع البعض الآخر عن زراعته، بحسب بيان سابق لنقابة الفلاحين.
وأضاف رئيس شعبة الخضروات، أن تراجع المساحة المنزرعة، تزامن مع توقف العديد من الأسواق المُصدرة للبصل حول العالم نتيجة الوضع العالمي المتأزم، ما جعل مصر بديلًا آمنًا وجيدًا لتعويض حاجة بعض الدول منه.
واعتمدت الوزارة نحو 775 ألف طن للتصدير هذا العام، بزيادة نحو 200 ألف طن عن العام الماضي، الذي بلغ 578 ألف طن، بحسب المصدر في وزارة الزراعة، الذي تمسك رغم ذلك بأنه لا صلة بين زيادة التصدير وبين ارتفاع الأسعار محليًا.
وأضاف المصدر المعني بملف الصادرات، أن القوانين المنظمة للعمليات التصديرية تنص على تصدير محصول البصل من ناتج الزراعات المكودة فقط، أي المزارع المشتركة في منظومة التكويد، وهي آلية تتيح تتبع الشحنات من الزراعة حتى التصدير، مؤكدًا أنه لا يُسمح بتصدير أي كميات من البصل لم يتم اعتماد المزارع المنتجة لها.
وبلغ حجم صادرت البصل من يناير/كانون الثاني، وحتى أول يوليو/تموز الجاري نحو 324 ألف طن، محتلًا المركز الثالث من بين المنتجات الزراعية المُصدرة إلى الخارج، ومن المتوقع تصدير 451 ألف طن خلال الشهور المقبلة وحتى نهاية العام.
ونوّه المصدر، بأن كميات محصول البصل المتبقية للاستهلاك المحلي، أي بعد التصدير بالكامل، لا تقل عن 2.2 مليون طن، مشيرًا إلى أنها كميات موجودة في الأسواق ولدى المزارعين والتجار، وتكفي احتياجات السوق المحلي حال طرحها.
وأضاف المصدر أن البصل من المحاصيل التي تتحمل فترات تخزين طويلة دون أن تفسد، ما يساعد المحتكرين في تخزينه بغرض التحكم في الأسعار، وتحقيق مكاسب مادية كبيرة، مشيرًا إلى أن إنتاج هذا العام من البصل بلغ نحو 3 مليون طن.
ويُزرع محصول البصل على مدار فترتين زراعيتين، الأولى تكون في شهري أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول في محافظات الصعيد، بينما الثانية تكون في شهري أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني في الوجه البحري، ويتم حصاده خلال شهور أبريل/نيسان، ومايو/أيار، ويونيو/حزبران.
بين الإقبال والعزوف
ودفعت زيادة الأسعار بعض المزارعين إلى التفكير في العودة لزراعة البصل، يقول فريد أبو المجد، وهو مزارع في محافظة سوهاج، أن أسعار البصل هذا العام شهدت ارتفاعات غير مسبوقة بسبب زيادة الطلب على شرائه من قبل المصدرين بكميات أكبر بكثير من العام الماضي.
وأضاف أبو المجد للمنصة، "البصل السنة دي سعره كويس بالنسبة للمزارعين، عشان كده أغلب الفلاحين في المحافظة بيفكروا يزرعوا بصل السنة اللي جاية".
ووصل سعر طن البصل هذا العام بين 12 و13 ألف جنيه، مقابل 4 و5 آلاف جنيه العام الماضي.
وعلى خلافه، استبعد شعبان صابر، وهو مزارع بمحافظة المنيا وتاجر تجزئة، أن يلجأ إلى زراعة البصل العام المقبل لسببين الأول "كل المزارعين هيزرعوا علشان السعر والمساحة المزروعة منه هتزيد والمفروض هيكون كتير وسعره مش هيكون غالي زي السنة دي". والثاني "ما تعرض له المزارعون من خسائر العام الماضي عند زراعة 25 فدانًا بمحصول البصل".
وأشار شعبان في حديثه للمنصة، إلى أنه تعرض لخسارة تصل إلى 600 ألف جنيه بسبب عزوف التجار عن الشراء بعد زراعة المحصول، قائلا "حاولت أبيعه حتى أكل للمواشي محدش اشتراه مني".