منشور
الأربعاء 1 مايو 2024
- آخر تحديث
الأربعاء 1 مايو 2024
يحل اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل أوضاع شديدة القسوة والصعوبة على الصحفيين في المنطقة، بعدما اشتدت الحروب والصراعات، ودفع المدنيون، وبينهم الصحفيون، أثمانًا باهظةً جراء الحرب المشتعلة في السودان منذ أبريل/نيسان 2023، والعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلنت 3 مايو/أيار اليوم العالمي لحرية الصحافة في ديسمبر/كانون الأول 1993. ويعود تاريخ اليوم إلى مؤتمر عقدته اليونسكو في ويندهوك في الثالث من مايو 1991 وانتهى باعتماد إعلان ويندهوك لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة.
من الصعوبة أن تأتي ذكرى إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة دون توثيق الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها الصحفيون في مناطق الحروب والصراعات التي اشتدت، سواء في فلسطين أو السودان، بينما تستمر معاناة الصحفيين في مصر مع قوانين النشر وقيود التراخيص والإصدار، واستمرار حجب بعض المواقع خارج إطار القانون، مع حبس الصحفيين وتقييد الحريات.
في فلسطين، اعتبرت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين في تقرير لها أن عام 2023 قد يكون الأسوأ من حيث أوضاع حرية الصحافة وحقوق الصحفيين، وسط الحرب الممتدة منذ عدة أشهر على غزة. كما صعّدت إسرائيل للمرة الأولى بين البلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين. وسجّلت اللجنة احتجاز الاحتلال لنحو 17 صحفيًا في ديسمبر/كانون الأول 2023، وفقًا للإحصاء السنوي للصحفيين السجناء، الذي تعده لجنة حماية الصحفيين.
توثق المنصة في هذا الملف عبر تحقيق مدفوع بالبيانات مقتل 106 صحفيين فلسطينيين خلال عام 2023 فقط، ويوضح التحقيق الذي يرصد الفترة من 2010 حتى مارس/آذار 2024 أن استهداف الصحفيين في فلسطين لم يبدأ بالحرب الأخيرة في غزة، لكنه مسلسل متكرر على مدار سنوات طويلة في كافة المدن الفلسطينية.
كما يوضح التحقيق أن الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون لم تقتصر على ممارسات قوات الاحتلال فقط، بل يتشارك فيها عدد من المستوطنين، وبعض الصحفيين الإسرائيليين على السواء.
وتلقي المنصة الضوء في هذا الملف على صمود الصحفيين الفلسطينيين ونضالهم لإبقاء التغطية مستمرة وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي، رغم خسارة معداتهم الصحفية، سواء في قصف أو استهداف أو اعتداء مباشر من جنود الاحتلال. يستبسل الصحفيون الفلسطينيون لاستمرار النشر، ولأنهم يعانون أسوأ الظروف، يختصهم الملف بقصتين من ضمن خمس قصص.
تكشف قصتنا الثانية عن فلسطين طبيعة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على سوق المعدات الصحفية ومنع دخولها لغزة، والسوق السوداء التي ازدهرت خلال العدوان ومحاولات مؤسسات المجتمع المدني دعم الصحفيين، الذين يواصلون العمل بأقل الإمكانات لإبقاء التغطية والصورة حاضرة عبر الشاشات والصحف.
وفي السودان، تتفاقم أوضاع الصحفيين الذين يعانون إثر الانقسام والاقتتال على السلطة بين قوات الجيش والدعم السريع. وبينما دفع عدد من الصحفيين أرواحهم ثمنًا للصراع، توقفت غالبية الصحف ووسائل الإعلام بعد اندلاع الحرب، وتعطل مئات الصحفيين عن العمل، واضطر العديد منهم للنزوح أو اللجوء إلى مصر وتشاد هربًا من ويلات الحرب.
أما في مصر، فتستمر المعاناة من فرض قيود على الصحافة والإعلام والتحكم فيه، وعقبات صدور التراخيص، فضلًا عن احتجاز الصحفيين. توثق المنصة في الملف كيف تمكنت السلطة من إحكام سيطرتها على الصحافة والإعلام منذ عام 2014 حتى الآن، خلال عشر سنوات كاملة تراجعت خلالها مساحات حرية الرأي والتعبير، وأصبح توجيه الصحفيين من جانب السلطة بالعتاب مرة وبالأوامر مرات سمة من سمات العصر الحالي الذي تعمد تقليص مساحات الحرية.
ويعرض محمد بصل في مقاله التفاوت الملحوظ بين النصوص الدستورية التي تكفل حرية الرأي والتعبير والحق في تداول المعلومات، من جهة، وممارسات السلطة والحكومة التي تتبع سياسات المنع والتضييق من جهة أخرى، بينما ما زالت الصحافة المصرية تبحث عن "تنفيسة".
بعد أكثر من ثلاثين عامًا من إعلان ويندهوك، لا نزال بحاجة للتذكير بتضحيات الصحفيين من أجل الحرية والحق في المعرفة، والتأكيد على أهمية احترام قيم الصحافة المستقلة والتصدي لمحاولات تقييدها، والانتصار لحرية الرأي والتعبير.