أعلن وزير العدل، المستشار حسام عبد الرحيم، الانتهاء من تعديل المادة العاشرة من قانون التظاهر، والتي قضت المحكمة الدستورية، في وقت سابق ببطلانها.
وقال "عبد الرحيم"، خلال مؤتمر صحفي انعقد اليوم بمقر مجلس الوزراء، إن المادة ستحال إلى مجلس الدولة، لمراجعتها.
وقضت المحكمة الدستورية العليا، في جلستها المنعقدة، السبت الماضي، ببطلان المادة 10 من القانون رقم 107 لسنة 2013 (المعروف بقانون التظاهر)، والتي تمنح وزير الداخلية سلطة منع المظاهرة أو تغيير مسارها.
وانتهت جلسة سابقة للمحكمة، كانت منعقدة لنظر دعوتين تطعنان في دستورية القانون، إلى تحديد جلسة 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، للحكم في الدعوى التي تطعن على المادتين 8 و10.
وفي مسار موازٍ للمعركة القضائية الدائرة ضد "قانون التظاهر"، أعلن مركز مصري مستقل للرصد والتوثيق، أن مصر شهدت في الأعوام الثلاثة الأخيرة، أكثر من 37 ألف حالة تحرك أمني وقضائي ضد مواطنين بموجب هذ القانون وحده.
وكشف مركز "دفتر أحوال"، في تقرير صادر عنه، أنه سجّل خلال الفترة الممتدة بين 25 نوفمبر 2013- تاريخ صدور القانون- و24 سبتمبر/ أيلول 2016، 37 ألف و59 تحركًا رسميًا أمنيًا وقضائيًا، ضد أشخاص في مختلف محافظات مصر، على خلفية تطبيق هذا القانون، عبر 301 دائرة قسم شرطة.
وصدر القانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية "قانون التظاهر"، في عهد المستشار عدلي منصور، رئيس مصر خلال المرحلة الانتقالية فيما بعد أحداث 30 يونيو، متضمنًا عقوبات بالحبس والغرامة، لكل من يخالف أحكامه.
تقييد حق التظاهر
طالت شبهات "عدم الدستورية" قانون التظاهر منذ صدوره، لا سيما وأنه لا ينظم الحق في التظاهر، وإنما يقيده، وتلك إحدى الدفوع التي كانت بين ما قدمه المحامي الحقوقي طارق العوضي، مقيم الدعوى 160 لسنة 36 قضائية بالطعن في دستورية المادتين 8 و10 من هذا القانون، خلال مرافعته التي قررت المحكمة الدستورية الاستماع لها في جلسة 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وكشف "العوضي"، في تصريحات سابقة أدلى بها لـ"المنصة"، أن جلسة المرافعة تلك شهدت ردًا على تقرير المفوضين، فيما يتعلق بقولهم إن الشروط التي وضعها المُشَرّع في الإخطار "دستورية"، قائلًا "ردنا إنها غير دستورية، وأنها نقلت حق التظاهر وأعطت لسلطة الإدارة حق تقييم التظاهر من خلال وضع شروط لا تنظم الإخطار وإنما تقيده".
وأشار "العوضي" إلى أن المُشَرّع منح الحق لوزير الداخلية أو مدير الأمن في رفض المظاهرة في أي وقت ولو قبلها بـ24 ساعة، وألقى عبء التقاضي والطعن على القرار على المتظاهر نفسه، متوقعًا أن يسقط القانون برُمته، بحكم قضائي يؤكد عدم دستوريته.
ضحايا بالآلاف وغرامات بالملايين
لم تتوقف عمليات القبض والإحالة للتحقيق والمحاكمة، منذ إقرار القانون؛ لتبلغ الآن وفقًا لرصد "دفتر أحوال" 19 ألف و389 مواطنًا قبض عليهم وأحيلوا للنيابة، و 3 آلاف و398 مواطنًا تم توقيفه ثم صرفه من قسم الشرطة دون تحرير محضر، و 8 آلاف و872 مواطنًا تم ضبطه وأحيل للنيابة، و5 آلاف و400 حالة ضبط وإحضار لأشخاص غير معلوم تم تنفيذه أم لا.
وكشف "دفتر أحوال" فيما يتعلق بالتقاضي بسبب القانون، عن إحالة 15 ألف و491 متهمًا بمخالفته أو بارتكاب وقائع ترتبط بفعل تظاهر للمحاكم المختلفة، بينهم 6 آلاف و382 متهمًا تمت إدانتهم و5 آلاف و83 آخرين تمت تبرئتهم، مشيرًا فيما يتعلق بما فرضه القانون من غرامات إلى تسجيل أحكام غرامات -مفروضة وليست مدفوعة فعليًا- بقيمة بلغت 128 مليون و881 ألف جنيهًا مصريًا بموجب تلك الأحكام القضائية، بين الباتة أو التي لا تزال قابلة للطعن أو الاستئناف.
لكن المركز نفسه، سجّل إجراءات "كفالات إخلاء سبيل نهائية" أمام النيابة بلغ إجماليها 7 مليون و233 ألف و300 جنيهًا، عبر 1610 قرار إخلاء سبيل على ذمة قضايا.
ويشير "العوضي" إلى أن كل المحبوسين بموجب قانون التظاهر فقط، سيتم الإفراج عنهم فورًا، إذا ما قضت "الدستورية العليا" بعدم دستورية القانون، مضيفًا أن الأمر نفسه سيُطَبّق على كل القضايا المنظورة أمام النيابة والقضاء، إذ سيتم حفظها ويقضي فيها بالبراءة لعدم وجود نص، لأن القاعدة القانونية واضحة في هذا الشأن "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص".
إطلاق يد الأمن
لاقى القانون حتى قبل صدوره، انتقادات حقوقية، كان منها وصف منظمة العفو الدولية له، بأنه "نكسة خطيرة وتهديدًا لحرية التجمع"، وحذرت من أنه "يفرض قيودًا واسعة النطاق على التظاهر، ويطلق لقوات الأمن العنان لاستخدام القوة المفرطة، بما فيها القوة المميتة، ضد المتظاهرين، ويمنح وزارة الداخلية صلاحيات حظر الاحتجاجات"، كما اعتبرت عقوباته "تتجاوز إلى حد بعيد القيود المسموح بها بموجب القانون الدولي".
وأرسلت "العفو الدولية"، في سبيل الحيلولة دون خروج القانون للنور، مذكرة للرئيس عدلي منصور، في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2013، تطالبه فيها بعدم التصديق عليه، باعتباره "يقيد الحريات، ويمثل انتهاكًا لالتزامات مصر بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلقة باحترام حرية التجمع والحق في الحياة".
وبدا التخوف الحقوقي آنذاك من الأداء الشُرَطي تحت مظلة هذا القانون في محله، بعد ما كان من إجراءات اتخذتها قوات الأمن إزاء وقفة احتجاجية نظمتها مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، بالتنسيق مع نشطاء سياسيين و16 حزبًا وحركة سياسية، أمام مجلس الشورى، حيث انعقاد جلسات "لجنة الخمسين" لوضع الدستور، احتجاجًا على تمرير المحاكمات العسكرية للمدنيين بين نصوص دستور 2013، بصيغة رأتها المجموعة "كارثية وأسوأ" من التي وردت في دستور 2012 المُعَطّل.
وفضت قوات الأمن تلك المظاهرة بخراطيم المياه، وألقت القبض على عدد من المشاركين فيها بعد التعدي عليهم بالضرب، ليحال بعضهم فيما بعد للمحاكمة بتهمة "خرق قانون التظاهر"، كان من بينهم علاء عبد الفتاح وأحمد عبد الرحمن، المحبوسين إلى الآن.
لكن يبقى أمل المحبوسين والسجناء، معلقًا بحكم المحكمة الدستورية العليا، الذي يقول عنه "العوضي" إنه يرتد إلى تاريخ صدور النص، أي يتم تطبيقه بأثر رجعي، وبالتالي لا حبس ولا غرامة لأنه لا يوجد قانون، كما أكد أن هذا الحكم سيكون غير قابل للطعن بأي طريقة أو من أي جهة، تشريعية كانت أو تنفيذية.