تشارك مصر في اجتماعات قمة مجموعة العشرين، التي انطلقت أعمالها رسميًا اليوم، في مدينة هانجشو الصينية، وهي المرّة الأولى التي تشارك فيها مصر في القمة، وذلك بناءً على دعوة تلقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، من نظيره الصيني شي جين بينج؛ لتدشن "القاهرة" مشاركاتها في أول أيام القمة بمطالبة دول المجموعة بدعمها في مجالات اقتصادية وسياسية، على رأسها أمن الطاقة واستضافة اللاجئين.
ويشارك في القمة، التي تستضيفها الصين للمرة الأولى تحت شعار "نحو بناء اقتصاد عالمى إبداعى ونشط ومترابط وشامل"، عدد من قيادات الدول الكبرى، من بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أول زيارة له إلى الصين، حيث التقى نظيره التركي رجب طيب أردوجان، لأول مرّة عقب محاولة الانقلاب العسكري ضد الثاني أواخر يوليو/ تموز الماضي، ووزيرة خارجية بريطانيا تريزا ماي، في أول حضور للمملكة المتحدة لفعاليات المجموعة بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي.
مصر تطلب دعم "العشرين"
سبق الافتتاح الرسمي لفعاليات القمة اجتماع انعقد على مستوى وزراء خارجية دولها، وشاركت فيه مصر بوفد رأسه وزير الخارجية سامح شكري، وطالب خلاله بدمج الاقتصادات النامية والأقل نموًا فى الاقتصاد العالمي، وباضطلاع دول المجموعة بدور رائد لتحقيق الأهداف الدولية للتنمية المستدامة، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية العالمية.
وطالبت مصر دول المجموعة، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية، بدعم الدول النامية فى مواجهة تحديات منها التغيرات المناخية وأمن الطاقة، كما أطلع "شكري" نظرائه على خطط التنمية الاقتصادية فى مصر، والمشروعات الوطنية الضخمة الجاري تنفيذها، باعتبارها "مكونًا أساسيًا في برنامج شامل وطموح للإصلاح الاقتصادي".
ولم تغب قضية مكافحة الإرهاب عن اجتماع وزارء الخارجية، إذ عرض "شكري" جهود مصر في هذا الصدد، كما تطرق إلى مساعدات الحكومة، ودعا مجموعة العشرين لتعزيز دورها في مجال وقف تمويل الجماعات الإرهابية وزيادة الدعم المقدم للدول التى تستضيف أعدادًا ضخمة من اللاجئين ومنها مصر.
السيسي يُرحب بالاستثمارات الصينية
والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، على هامش القمة، قادة عدد من الدول، من بينهم نظرائه الصيني والأرجنتيني والكوري، كما أكد في تصريحات إعلامية، قبيل أيام من انعقاد قمة مجموعة العشرين، حاجة الدول النامية إلى الخبرات الاقتصادية والقدرات التمويلية التي تمتلكها الدول المتقدمة، التي تحتاج بدورها إلى أسواق واعدة لتصريف منتجاتها في الدول النامية.
وقال السيسي، في حوار صحفي أجرته معه وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا"، إن الأزمات الاقتصادية في بعض الدول قد تمتد لغيرها أو تؤثر على قدرة تلك الدول على القيام بدور فاعل على الصعيد العالمي، مما قد يتسبب في ركود اقتصادي وتراجع حركة التجارة البينية.
وعلى الرغم من استعراض السيسي لجهود اعتبرها تمثل "نجاحًا مصريًا في استعادة هيبة الدولة وتماسك مؤسساتها"؛ الذي من شأنه المساعدة على استعادة الاقتصاد لعافيته والإسهام في توفير مناخ آمن للاستثمارات المحلية والأجنبية، إلا أنه ذكّر بما مرت به مصر من ظروف بعد "يناير 2011"، بقوله خلال الحوار: "حالة السيولة وتراجع الإنتاج وانخفاض عوائد السياحة تركت آثارًا سلبية يتعين تداركها، وهو ما تفعله مصر الآن من خلال سعيها للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لتمويل عجز الموازنة العامة".
وأكد الرئيس المصري أن الحكومة تعمل الآن على تطبيق إجراءات "إصلاحية"، من بينها مثل ترشيد الدعم الحكومي وضمان وصوله إلى مستحقيه، وزيادة المعاشات والحد الأدنى للأجور، وتحدث عن "الفرص الاقتصادية الواعدة" التي تتيحها المشروعات "التنموية الكبرى"، مثل مشروع قناة السويس الجديدة ومحور التنمية المحيط بها، ومشروع الريف المصري الجديد، والعاصمة الإدارية الجديدة، مبديًا ترحيب مصر بالاستثمارات الصينية التي يمكن تصدير منتجاتها إلى دول القارة الأفريقية، والتي ترتبط معها مصر باتفاقيات للتجارة الحرة.
"العشرين".. مباحثات اقتصادية ومواقف متناقضة
أما مجموعة العشرين، التي تعد مصر "ضيفًا خاصًا" في قمتها الحالية، فتأسست عام 1999، وانعقدت أولى اجتماعاتها في العاصمة الألمانية برلين، وتضم وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لدول من بينها روسيا وفرنسا وتركيا، والبرازيل، والهند، والمملكة العربية السعودية، وجنوب أفريقيا، والاتحاد الأوروبي.
وتهدف إلى جمع الأنظمة الاقتصادية للدول النامية والصناعية، وظهرت تلبية لمتطلبات خلقتها الأزمات المالية في أواخر التسعينيات، لتصبح منذ وقتها منتدى غير رسمي تُطرح تحت مظلته مناقشات حول سبل تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.
بجانب المشاركة المصرية، وما تشهده القمة الحالية من مناقشات تتعلق بالتعاون الثنائي والمشترك بين دول المجموعة، انعقدت على هامش قمة العشرين، اجتماعات موازية للدول الخمسة "البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا" المُكونة لمجموعة الكيانات صاحبة أسرع نمو اقتصادي، فيما يعرف باسم مجموعة "بريكس"، ناقش أعضاؤها سبل إطلاق مشاريع مشتركة كبرى جديدة، وتطوير بنك "بريكس" للتنمية من أجل تمويل تلك المشاريع.
وبعيدًا عن المباحثات والمناقشات، لم تخل كواليس قمة مجموعة العشرين، من المواقف المتناقضة، فلم تمر ساعات على تحقيق نجاح في مجال حماية البيئة، بتصديق الولايات المتحدة الأمريكية والصين على اتفاقية باريس للمناخ، بهدف الحد من الانبعاثات الملوثة التي تفاقم أزمة الاحتباس الحراري، حتى تصدّر وسائل الإعلام خبر عن أزمة عابرة بطلاها البلدين نفسيهما، إذ وقعت مشادة كلامية بين مسؤولين صينيين وأمريكيين بسبب إجراءات استقبال الرئيس باراك أوباما، الذي لم يفته التعليق على الأمر قبل انصرافه للاجتماعات الرسمية.