أعلن تنظيم الدولة الإسلامية، مساء أمس، مقتل المتحدث باسمه وقائد عملياته الخارجية، السوري طه صبحي فلاحة، الملقب بأبي محمد العدناني، في غارة جوية أمريكية على مواقع للتنظيم في مدينة حلب السورية.
ونقلت وسائل إعلام دولية بيانًا نشره التنظيم عبر الوكالة الإخبارية التابعة له "أعماق"، يفيد بمقتل "العدناني" خلال متابعته للعمليات العسكرية لصد الهجمات على حلب، ووصفه مسؤول أمريكي لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بأنه "مهندس تخطيط عمليات التنظيم الخارجية".
وكان "العدناني" هو من أعلن في يونيو/ حزيران 2014 قيام "الخلافة الإسلامية" وتنصيب أبو بكر البغدادي "خليفة" عليها، وهو مَن دعا خلال شهر رمضان الماضي، "المجاهدين" إلى تكثيف عملياتهم في الدول الأجنبية التي وصفها بـ"بلاد الصليبيين".
وبعد ساعات من إعلان مقتل "العدناني"، نازعت روسيا غريمتها السياسية الولايات المتحدة الأمريكية في دم قتيل "الدولة الإسلامية"، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائراتها هي من قتلته في غارة على مدينة حلب السورية
"الشيشاني" و"الليبي" السابقون
وتضاف بموت "العدناني" حلقة جديدة في سلسلة الخسائر التي مُني بها التنظيم على مستوى قياداته، خلال الأشهر القليلة الماضية، التي تلت إعلان قوى دولية، بقيادة الولايات المتحدة، تشكيل تحالف عسكري لمواجهة "الدولة الإسلامية"، فيما يُمثل مؤشرًا على بداية النهاية لطموحات توسعية، لخّصها التنظيم يومًا ما في كلمتين شكلّا شعار دولته المزعومة، "باقية وتتمدد".
وسبق "العدناني" إلى قائمة قتلى التنظيم قيادات أخرى، من مختلف المناطق التي ينشط فيها، كان آخر من أعلن عنهم هو زعيم تنظيم ولاية سيناء" المنضوي تحت لواء "الدولة الإسلامية" بالمبايعة، أبو دعاء الأنصاري، الذي أعلن الجيش المصري قتله في 4 أغسطس/ آب الجاري.
وذكر بيان رسمي، على صفحة المتحدث باسم الجيش المصري، "بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة من القوات المسلحة"، أن قوات مقاومة الإرهاب والقوات الجوية وجهت ضربات دقيقة ضد معاقل تنظيم "أنصار بيت المقدس"- الاسم السابق لـ"ولاية سيناء" قبل مبايعة "الدولة الإسلامية" عام 2014، وانتهت إلى قتل زعيم التنظيم أبو دعاء الأنصاري، وعدد من مساعديه، بالإضافة إلى إلحاق خسائر مادية بالتنظيم.
قبل مقتل "الأنصاري"، بأسبوع واحد تقريبًا، قُتل القيادي البارز في تنظيم الدولة الإسلامية وأحد مؤسسي فرعه في باكستان وأفغانستان، سعد الإماراتي، عبر عملية عسكرية شنتها القوات الخاصة بدعم من قوى أجنبية، 26 يوليو/ تموز الماضي، على إقليم نانجارهار الأفغاني.
لم يؤكد "الدولة الإسلامية" من خلال وكالته الإخبارية "أعماق" أو مجلته "دابق" نبأي مقتل "الأنصاري" في مصر أو "الإمارات" في أفغانستان، لكنه أكد في وقت سابق، نبأ مماثل أذيع 14 يوليو/ تموز الماضي عن قائد ثالث هو أبو عمر الشيشاني، القائد العسكري للتنظيم، وأحد المُقرّبين من زعيمه "البغدادي"، وذلك في هجوم على منطقة الشرقاط، الواقعة جنوبي مدينة الموصل العراقية، خلال عمليات عسكرية تشهدها المدينة بين الجيش العراقي والتنظيم.
"الدولة" بين درع الفرات والبنيان المرصوص
في مسار موازٍ للخسائر البشرية المعلنة بين قيادات "الدولة الإسلامية" وأفرادها المقاتلين، يتكبد التنظيم خسائر أخرى مادية لا تتعلق بالعتاد فقط، بل وبمساحات نفوذه على المستوى الميداني، بعد أن وقع في مواجهات مع أطراف عسكرية متعددة، منها المحلي العراقي والسوري، والأجنبي الروسي والدولي الموسع "قوات التحالف".
وكانت تركيا آخر الدول التي دخلت على خط مواجهة التنظيم، إذ أعلن جيشها، 24 أغسطس/ آب الجاري، بدء عملية عسكرية برية في مدينة جرابلس الحدودية السورية، تحت مسمى "درع الفرات"، بالمشاركة مع "الجيش السوري الحر" المعارض لنظام بشار الأسد، وبدعم جوي من قوات التحالف الدولي، أسفرت حتى الآن عن انتزاع 400 كيلو متر من قبضة التنظيم.
أما عن مواجهات التنظيم في ليبيا، فأعلنت قوات عملية "البنيان المرصوص" الليبية المدعومة بالطيران العسكري، اقترابها من استعادة مدينة سرت الليبية التي ظلت لعام كامل في قبضة التنظيم، وذكرت أنها أحرزت تقدًما ميدانيًا بوصولها إلى أماكن يتحصن فيها مسلحو "الدولة الإسلامية" في "الحي 3"، آخر معاقل التنظيم في المدينة.
" data-embed-button="almanassa_media_browser" data-entity-embed-display="view_mode:media.embed" data-entity-type="media" data-entity-uuid="d8a78eea-99c1-45c5-ba85-7d7956cb8f7f" data-langcode="ar">
قبل العمليتين العسكريتين التركية والليبية، خسر تنظيم "الدولة الإسلامية" عدة بقاع في البلدين اللذين دشن عملياته منهما، وسمى نفسه دولة على أراضي تابعة لهما، وهما العراق وسوريا، اللذان يشهدان عمليات عسكرية ضد التنظيم منذ 2015، تدعمها قوات التحالف الدولي الذي شكلّته وتقوده الولايات المتحدة الأمريكية عام 2014.
وتمكنت القوات العراقية النظامية والشعبية بالتعاون مع قوات دولية - بعد معارك متواصلة منذ 2015 - من إعادة مدن مختلفة في البلاد إلى سيطرة الحكومة، كان منها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار الواقعة شمال بغداد، بدعم من قوات التحالف الدولي لمحاربة التنظيم.
وكانت الرطبة، بين بلدان محافظة الأنبار العراقية التي انسحب منها التنظيم في مايو/ أيار الماضي، ومن بعدها مدينة الفلوجة في يونيو/ حزيران الماضي، وتلاهما قاعدة القيّارة العسكرية، التي دخلها الجيش العراقي منذ أيام مضت، تمهيدًا لبدء عملية عسكرية في مدينة الموصل.
وفي سوريا التي تعد مسرحًا لعمليات عسكرية دولية أوسع وأكثر اختلاطًا من العراق، تعرض التنظيم لضربات في مواقع مختلفة منها الرقة وريف حمص، بالإضافة إلى انسحابه من مدينة منبج، الأسبوع الماضي.
لكن تبقى أكبر خسائر التنظيم في سوريا- إلى الآن- هذا العام، هي مدينة تدمر التاريخية، التي استعادتها منه القوات النظامية، وأُثير بعدها أن الأمر تم بموجب صفقة بين الرئيس السوري والتنظيم، لتكون آخر خسائر "الدولة الإسلامية" خلال الشهر الجاري قرية جرابلس، ما يُضعف من وجوده على حدود تركيا، التي توعّد رئيس وزرائها بمواصلة القتال العسكري، لحين زوال "جميع التهديدات".