أكدت قيادات سياسية إيرانية، اليوم، أن بلادها لا تضم قواعد عسكرية لدول أجنبية، فيما يعد استمرارًا لتصريحات نفي الشبهات عن قاعدة "نوجه" العسكرية الجوية بمدينة همدان، التي كانت القوات الروسية تستخدمها حتى أمس، قبل أن تصبح سببًا في انتقادات وجهتها "طهران" إلى حليفتها "موسكو"، بسبب إعلان الأخيرة عن القيام بعمليات منطلقة من إيران. إلى جانب انتقاد الولايات المتحدة المتوقع لهذا التعاون.
واستمر الاستخدام الروسي للقاعدة "نوجة"، لمدة بلغت أسبوعًا تقريبًا، بهدف شن غارات على مُدن سورية، في إطار حملتها العسكرية المضادة لتنظيم "الدولة الإسلامية" والداعمة لنظام بشار الأسد، التي بدأتها سبتمبر/ أيلول الماضي.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، أن العمليات الروسية المُنطَلقة من همدان "انتهت حاليًا"، نافيًا أن يكون هذا التعاون بناءً على وجود أية قواعد في بلاده لـ"موسكو"، التي قال إنها وبلاده تربطهما "تفاهمات" تشمل السماح لروسيا باستخدام الأجواء الإيرانية بالإضافة إلى تسهيلات أخرى.
استشراف لتعاون أوسع
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء الماضي، أنها بدأت استخدام قاعدة همدان الجوية في يوم 16 أغسطس/ آب الجاري، لشن غاراتها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في "إدلب، وحلب، ودير الزور" السورية، ما أسفر عن مقتل أكثر من 150 "متشددًا" وتدمير مركزين للقيادة.
وحرصت الوزارة، في بيان صادر عنها، على تأكيد أن هذا التعاون لا يُشكّل انتهاكًا لقرارات الأمم المتحدة بشأن إيران. وكانت الأمم المتحدة، مُمثلة في مجلس الأمن الدولي التابع لها، فرضت عقوبات عسكرية واقتصادية على إيران، بسبب مُضيها قُدمًا في تطوير برنامجها النووي، وكان أول تلك العقوبات عام 2006 وتتابعت في أعوام تالية، إلى أن تقرر رفع بعضها، بفضل الاتفاق بين "طهران" و"واشنطن" في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وبعد أقل من أسبوع على إعلان نبأ الوجود الروسي في "نوجة"، انتقد وزير الدفاع الإيراني حسن دهقان "موسكو" واعتبر إعلانها "استعراضًا للقوة" أقدمت عليه الحليفة "دون اكتراث". إلا أنه قبل ثلاثة أيام، وخلال مؤتمر صحفي، أشاد بالتعاون "الاستراتيجي" بين البلدين، لتحقيق الأمن في المنطقة، بقوله "تعاوننا اليوم مع روسيا، لمكافحة انعدام الأمن والاستقرار، ولإحلال السلام واجتثاث جذور الإرهاب".
وأكد "دهقان" أن بلاده، وفقًا لمتطلبات العمليات العسكرية، قد تسمح للقوات الروسية- التي تُطلق مقاتلاتها من طراز سوخوي وتوبولوف من إيران- باستخدام المزيد من القواعد في المستقبل، كما أشار إلى أن التشكيلات الروسية ستتمركز في بلاده لفترة غير محددة، وفيما يتعلق بالخدمات الإيرانية المُقَدمة للقوات الروسية، قال إنها خاصة بـ"إجراء إصلاحات ثانوية، وربما تحميل المقاتلات والقاذفات"
الإشادة بالتعاون بين موسكو وطهران، جاءت أيضًا من رئيس جهاز الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، إذ اعتبره يعكس على "التحالف الاستراتيجي" بين البلدين الذين "تتمتعان بهذا التعاون المُضاد للإرهاب في سوريا، وتتشاركا لتحقيق هذه الغاية".
"لا شرقية ولا غربية!"
في اليوم التالي لإعلان انتهاء استخدام روسيا للقاعدة الإيرانية، وبينما كانت "موسكو" تعلن أنها قد تستخدمها من جديد في المستقبل، تحدث أكثر مسؤول إيراني عن الأمر بطرق متباينة.
وقال رئیس مجلس الشوری الإسلامي، علي لاریجاني، ردًا على انتقادات من أعضاء البرلمان الإيراني، إن بلاده لم تمنح أی قاعدة عسكریة لأي بلد ما، وهو الأمر الذي يحظره الدستور.
وخالف رئيس مجلس الشورى الإسلامي، في تصريحاته لوكالة أنباء "إرنا"، ما أعلنه وزير الدفاع الإيراني قبل أسبوع عن الاستخدام الروسي لـ"نوجة"، فبعد أن قال "دهقان" إنه تم لإجراء إصلاحات ثانوية ولتحميل المقاتلات"، قَصَر "لاريجاني" الاستخدام الروسی للقاعدة على التزود بالوقود فقط.
ووصل أمر "نوجة" إلى الساحات الدينية، إذ كان من بين المتحدثين- بصراحة أكبر- عن الأمر، المرجع الديني آیة الله أحمد خاتمي، عضو مجلس خبراء القیادة، وقال إن إیران "لم ولن تمنح قاعدة جویة لروسيا".
وشدد "خاتمي"، في كلمة ألقاها بمصلی الخمینی مساء أمس ونقلتها عنه "إرنا"، أن الجمهوریة الاسلامیة "ما زالت متمسكة بشعار لا شرقیة ولا غربية"، في تصريحات تعبّر عن تبدل المواقف إزاء أحد أهم الحلفاء في أقل من أسبوع.
وعلى المستوى العالمي حظي الخبر الذي أعلنته روسيا بشأن القاعدة الإيرانية باهتمام واسع، باعتباره أول استخدام من دولة أجنبية لموقع عسكري إيراني منذ الحرب العالمية الثانية على أقل تقدير.
لكن في الوقت نفسه، أثار التحرك الروسي غضب الولايات المتحدة الأمريكية- التي فرضت عقوبات اقتصادية على إيران-، لدرجة أعلنت معها أنها تبحث فيما إذا كانت الخطوة الروسية "المؤسفة" تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 الذي يمنع توريد أو بيع أو نقل طائرات حربية لإيران.