صيف العام 2000، أنهت هيئة قناة السويس السنة المالية بأرباح قُدرت بأكثر من 80% من إيراداتها، مقارنةً بمصروفات بلغت 1.19 مليار جنيهًا، بنسبة 16.5% من إجمالي إيراداتها البالغة نحو 7.2 مليار جنيهًا. لكن بعد 20 عامًا تغيرت الأوضاع، إذ رغم القفزة في إيرادات قناة السويس، تضاعفت مصروفات الهيئة حتى باتت تُشكل نحو 50% من إيراداتها.
بحثت المنصة في الموازنات العامة لهيئة قناة السويس خلال العشرين عامًا الأخيرة، واكتشفت من خلالها، أنه قبل العام 2010 لم تتخط مصروفات الهيئة 20% من إجمالي إيراداتها، ولكن بدءًا من موازنة السنة المالية 2010/ 2011 قفزت مصروفاتها لتُشكل في المتوسط 51% من إجمالي إيراداتها.
وفي نفس ذلك العام المالي 2010/ 2011 بدأت الحكومة تنص صراحة في بند الاستخدامات في الموازنات العامة لهيئة قناة السويس على حجم الأعباء والخسائر، أما قبل ذلك وخلال الفترة من 1999/ يونيو 2010، كان بند الاستخدامات في موازنة هيئة قناة السويس يقتصر على محورين رئيسيين فقط دون توضيح هما "الأجور"، و"النفقات الجارية والتحويلات الجارية".
حدث هذا في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة تقتطع من الموازنة العامة، وتضخ استثمارات في هيئة القناة للمرة الأولى منذ عام 1999، حيث كانت القناة تتكفل بمصروفاتها واستثماراتها. وبدأت الحكومة زيادة الاستثمار فيها بدءًا من السنة المالية 2014/ 2015، مع شق التفريعة الجديدة، التي تكلفت حوالي 4 مليارات دولار.
تكمن أسباب زيادة مصروفات القناة في تراكم خسائر الشركات المملوكة لقناة السويس، والتي كلفت القناة أموالًا طائلة لتعويض خسائرها البالغة أكثر من 170 مليون جنيه حتى عام 2014. فضلًا عن تراكم مديونيات القروض على الهيئة بعد تخلفها عن سداد أقساط تلك القروض، من نهاية عام 2017.
وكانت هيئة القناة حصلت على قروض بقيمة 1.5 مليار دولار لتوفير تمويل شق تفريعة قناة السويس، التي حُفرت خلال عام واحد في وقت قياسي؛ ما ساهم في زيادة تكلفة الحفر.
ما قبل 2010
تُظهر الموازنات العامة لهيئة قناة السويس، التي راجعناها من خلال قوانين ربط الموازنة العامة التي يُصدرها رئيس الجمهورية سنويًا، حسب القانون رقم 30 لسنة 1975 المنظم لعمل هيئة قناة السويس، أن حجم مصروفات الهيئة خلال الفترة بين عام 1999 إلى 2010 كان يتراوح بين 1.19 إلى ثلاثة مليارات جنيه.
انقسمت تلك المصروفات، التي تتراوح بين 9% إلى 17.7% من إجمالي إيرادات القناة، إلى بندين أساسيين دون تفصيل لحجم الأعباء أو الخسائر أو الاستخدامات.
البند الأول كان الأجور، ونسبته بين 31% إلى 36% من إجمالي مصروفات القناة. ويُقدر عدد العاملين في هيئة قناة السويس بحوالي 25 ألف عامل، كلهم مصريون، بحسب تصريح سابق لرئيس هيئة قناة السويس السابق الفريق مهاب مميش. ويخضع العاملون بالقناة للقرار رقم 243 لسنة 2017 الذي يُنظم أوضاع العاملين وترقياتهم، بعدما أُلغيت اللائحة القديمة رقم 321 لسنة 1971 والتي كان يخضع لها العاملون قبل ذلك.
في حين جاء البند الثاني، وهو النفقات الجارية والتحويلات الجارية، بنسبة تتراوح بين 68.9% إلى 63.3% من إجمالي المصروفات. وسُجِّل أكبر رقم لبند النفقات الجارية والتحويلات الجارية في السنة المالية 2008/ 2009، الذي بلغ 2.24 مليار جنيهًا، بينما في المقابل كان أكبر رقم لبند الأجور في السنة المالية التالية2009/ 2010 وبلغ 1.1 مليار جنيه.
ما بعد ثورة يناير
شهدت موازنة السنة المالية 2010/ 2011، تغييرات في بنية المصروفات عن كل الأعوام التي سبقتّها، إذ استحدثت بنود أخرى في موازنة الهيئة خاصة في محور التكاليف والمصروفات، وأبرز تلك البنود المستحدّثة هي "بند الخامات والوقود وقطع الغيار، وبند المصروفات، وبند مشتريات بضائع بغرض البيع، وبند الأعباء والخسائر".
وتعدّ تلك الموازنة هي الأولى التي صدرت ممهورة بتوقيع المجلس العسكري إبان فترة حكمه للبلاد التي امتدت من فبراير/ شباط 2011 إلى يونيو/ حزيران 2012.
وتُظهر بيانات الموازنة زيادة المصروفات إلى 14.1 مليار جنيه مقارنة بثلاثة مليارات فقط خلال السنة المالية السابقة 2009/ 2010. وبهذا وصلت مصروفات الهيئة إلى نسبة 53% من إجمالي إيراداتها للمرة الأولى خلال الـ20 عامًا الماضية.
واستحوذ بند الأعباء والخسائر المستحدَث على أغلبية الزيادة، بعدما سجل حوالي 10.7 مليار جنيه بنسبة 75.8%، فيما سجل بند الأجور 1.2 مليار جنيه، وبند المصروفات 1.9 مليار جنيه، وأخيرًا بند الخامات والوقود وقطع الغيار 247 مليون جنيه.
وبشكل عام، تُبيِّن مراجعة موازنات القناة خلال الفترة بين 2011 إلى 2021، قفزة في المصروفات التي باتت تشكل نسبة تتراوح بين 34% إلى 59.9%. ومن بين إجمالي تلك المصروفات استحوذ بند الأعباء والخسائر على أغلبية المصروفات، بعدما زادت من 10.7 مليار جنيه عام 2011 إلى 34.3 مليارًا في السنة المالية 2018/ 2019، ثم تراجعت قليلًا إلى 29.8 مليارًا في السنة المالية 2020/ 2021.
بند المصروفات المستحدث في موازنات ما بعد 2011 سجّل بدوره قفزات متتالية، فبعدما بدأ بـ1.9 مليار جنيه في 2010/ 2011، ارتفع إلى 16.8 مليار في السنة المالية 2018/ 2019، قبل أن يتراجع إلى 8.5 مليار جنيه في السنة المالية 2020/ 2021.
خسائر الشركات الـ7
إلى ذلك، يشرح مدير إدارة الشركات الأسبق بهيئة قناة السويس، المهندس وائل قدور، أسباب زيادة المصروفات، قائلًا "خسائر الشركات المملوكة للهيئة هي سبب زيادة المصروفات".
ويُضيف للمنصة في اتصال هاتفي، أن هذا يعدّ أيضًا السبب في استحداث بند الأعباء والخسائر في موازنة الهيئة.
وبحسب الموقع الإلكتروني للقناة، تمتلك الهيئة 7 شركات هي شركة التمساح لبناء السفن، وشركة القناة للموانئ والمشروعات الكبرى، وشركة القناة لرباط وأنوار السفن، شركة القناة للإنشاءات البحرية، وشركة القناة للحبال ومنتجات الألياف، وشركة ترسانة السويس البحرية.
وحتى عام 2014، بلغت خسائر 4 شركات مملوكة للهيئة 171.9 مليون جنيه، إذ سجلت شركة القناة لأعمال الموانئ خسائر بقيمة 63.5 مليونًا، وخسائر شركة الأعمال الهندسية البورسعيدية 23.4 مليار جنيه.
أما خسائر شركة ترسانة السويس البحرية فبلغت 51.7 مليون جنيه بنسبة 129% من رأسمالها، فيما وصلت خسائر شركة القناة للحبال 29.9 مليونًا بنسبة 280% من رأسمالها، وخسائر شركة الإنشاءات البحرية بلغت 3.5 مليون جنيه بنسبة 48.6% من رأسمالها.
ولم نصل إلى حجم الخسائر خلال الفترة من 2014 إلى 2021 بسبب عدم إتاحة الهيئة للمعلومات. وحاولت المنصة التواصل مع المتحدث الإعلامي للهيئة، جورج صفوت، للتعليق، لكنه لم يرد على اتصالاتنا.
وبحسب قدور، أخذت بعض تلك الشركات قروضًا بضمان هيئة قناة السويس، ولأن هذه الشركات خاسرة تتحمل القناة مسؤولية سداد القروض، موضحًا أنه أحيانًا ما تلجأ الهيئة أيضًا للاقتراض لشراء معدات من الخارج، مثل الكراكات التي جُلبت لتوسعة القناة ومنها كراكة مهاب مميش وكراكة حسين طنطاوي.
خلال أغسطس/ آب 2015 بلغ حجم القروض التي حصلت عليها هيئة قناة السويس حوالي 1.5 مليار دولار، بسبب مشروع التفريعة الجديدة. حصلت الهيئة منه على مليار دولار من تحالف يضم 7 بنوك، فيما حصلت على 400 مليون دولار صرفتها في عام 2017.
وفي عام 2018، طلبت الهيئة من البنوك الحكومية المصرية توفير تمويل عاجل بقيمة 400 مليون دولار، للمساهمة في التكاليف الاستثمارية لمشروعات البنية التحتية التي تقوم بها الهيئة. وكانت الهيئة تأخرت في سداد 450 مليون دولار تُمثل ثلاثة أقساط كانت تستحق في ديسمبر/ كانون الأول 2017، ويونيو 2018، وديسمبر 2018.
ويرى قدور، مدير الشركات الأسبق بالهيئة، أنه لابد من إعادة هيكلة هذه الشركات والبدء في عملية إصلاحها للتخلص من أعبائها وخسائرها.
إعادة هيكلة وطرح في البورصة
وفي 2019، شكّل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لجنة لدراسة تطوير أوضاع تلك الشركات، مشددًا على عدم سماح الحكومة بخسارة أي شركة مملوكة للقناة. وانتهت اللجنة إلى اقتراح إجراء بعض التعديلات على قانوني القطاع العام رقم 48 لسنة 1978، والشركات رقم 97 لسنة 1983 ليتواكبا مع التطورات الجارية في صناعة النقل البحري.
فضلًا عن أن التعديلات المقترحة ستسمح بتمكين مجالس إدارة الشركات من التصرف في الطرح والشراكة مع القطاع الخاص، وجذب استثمارات وتغيير نسب تمثيل العمال في مجالس الإدارات.
وهو ما حدث في نفس العام 2019، حين وافق مجلس النواب على تعديل بعض أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 في مجموعه. وفي العام التالي مباشرة، دخلت شركة القناة للحبال في شراكة مع التحالف اللوجستي "يوني جرين – الوطنية لسلاسل الإمداد" لإنشاء وإدارة محطة لتداول بضائع الصب الجاف باستثمارات 350 مليون جنيه.
فيما دخلت شركة القناة للموانئ والمشروعات الكبرى في شراكة مع شركة الجرافات الإماراتية في تأسيس شركة "التحدي" بنسبة %51 للأولى، و49% للثانية، وهي الشركة التي استحوذت على مشروعات تكريك وتعميق عدد من البحيرات المصرية بتكلفة تصل إلى 16.5 مليار جنيه.
ليس هذا فقط، لكن بدأت هيئة القناة دراسة طرح حصة تصل إلى 15% من أسهم شركة القناة لرباط وأنوار السفن في البورصة المصرية، وذلك مطلع العام المقبل، حسبما صرح الفريق أسامة ربيع في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وكانت الهيئة طرحت فكرة طرح بعض الحصص من شركاتها في البورصة المصرية منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، وفق ما قاله الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس.
إلى ذلك، يعتقد الأستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عمرو عادلي، أن الغرض من الخصخصة الجزئية لشركات قناة السويس هو زيادة رأسمال الشركة، من خلال التدفقات المالية الجديدة التي تحصل عليها من خلال الطرح في سوق الأوراق المالية.
وقال للمنصة في اتصال هاتفي، إنه من حيث المبدأ قد تُحسن عملية طرح الشركات المملوكة للقناة أوضاعها المالية، لكن أيضًا المسألة معقدة، لأن طروحات الشركات مرتبطة بالأداء المالي لتلك الشركات، والذي قد ينعكس سلبًا على تقييم أسهمها حال تحقيقها خسائر.
ويتساءل عادلي "هل الأوضاع الحالية عالميًا وإقليميًا مناسبة لعملية طرح الشركات المملوكة للقناة؟"، ثم يعود للإجابة "أعتقد أن أوضاع الاقتصاد العالمي حاليًا سيئة".
ولا يستبعد عادلي أن تكون هناك مسائل أخرى مرتبطة بالحد من الخسائر، لكنها فنية أكثر، وذلك لكونها "هيئة استثنائية"، لذا يجب أن تكون هناك دراسات فنية ومالية وإدارية للهيئة، للحد من عملية استنزاف بند الأعباء والخسائر للإيرادات.
من جهته، يقول الدكتور الدكتور أحمد سلطان، مستشار وزارة النقل الأسبق لقطاع النقل البحري، إن طرح شركات تابعة لهيئة قناة السويس ما هو إلا جزء من خطة الحكومة المتعلقة ببرامج الطروحات الحكومية، مشيرًا إلى طرح شركة القناة لرباط وأنوار السفن، وهي من بين الشركات الرابحة في الهيئة.
وأضاف في اتصال هاتفي مع المنصة، أنه للحد من خسائر بعض الشركات المملوكة لهيئة قناة السويس، يجب أولاً إجراء دراسة فنية ومراجعة مالية لأداء تلك الشركات والبحث عن أسباب تلك الخسائر، ثم وضع خطط لمعالجتها، أو إعادة هيكلة الشركات، أو تطوير أساليب عملها في حال تقادمت تلك الأساليب.
ويتفق سلطان مع عادلي، في أن أي حديث حول الحد من خسائر من الشركات أو هيئة قناة السويس قبل إجراء دراسة فنية من جانب الحكومة ممثلة في هيئة القناة، لن يكون مجديًا.
أسباب أخرى لزيادة الخسائر
يقول وائل قدور، مدير الشركات الأسبق للهيئة، إن خسائر القناة أيضًا مرتبطة بزيادات متتالية حدثت في بند الأجور خلال السنوات التي تلت ثورة 2011، لافتًا إلى ارتفاع أجور العاملين بالهيئة أكثر من 7 مرات عما كانت عليه في 2010.
وتظاهر نحو 2500 عامل بالهيئة بعد ثورة 25 يناير 2011 مطالبين بزيادة الأجور وتحسين البدلات التي يحصلون عليها، وفقًا لبيان صدر عنهم، يشكون فيه تردّي حالة المعدات والماكينات حينها.
ورغم زيادة بند الأجور رقميًا، من 370 مليون عام 1999 إلى 7.2 مليار جنيه عام 2021؛ إلا أن نسبته من إجمالي إيرادات القناة ظلت في مكانها تتراوح بين 10.5% إلى 16%.
ويُضيف قدور أن زيادة الأجور طالت أيضًا العاملين بالشركات المملوكة للهيئة، رغم أن بعض هذه الشركات تُحقق خسائر، وبالتالي تتحمل ميزانية الهيئة تلك الخسائر وأجور العاملين فيها.
هل تُشكل الاستثمارات عبئًا على القناة؟
أظهرت المراجعة لحجم الاستثمارات المُنفذة في قناة السويس خلال آخر 20 عامًا، والتي اعتمدنا فيها على التقارير الشهرية التي يُصدرها البنك المركزي، أن حجم الاستثمارات خلال الفترة بين 1999 و2014 كانت تتراوح بين 0.9% و4.9% مقارنة بإجمالي إيرادات القناة.
وذلك على الرغم من أنه خلال نفس الفترة شهدت القناة عمليات استثمار كبيرة، خاصة سنوات ما قبل 2011؛ ففي عام 2001 تم الانتهاء من مشروعات تعميق القناة بزيادة الغاطس إلى 62 قدمًا بعدما كان 58 قدمًا سنة 1996، والوصول بحمولة السفينة إلى 210 ألف طن، مقارنة بـ 185 ألف طن فقط عام 1996.
كما تمت زيادة مساحة القطاع المائي بالقناة إلى 4800 متر مربع، وزيادة طول القناة إلى 191.8 كم، وتم أيضًا إعادة تصميم المسارات المنحنية في القناة ليصل نصف قُطر كل منها إلى 5000 متر على الأقل. بالاضافة إلى حفر تفريعة جديدة، تبدأ من الكيلو 17 جنوب بورسعيد وتصل حتى البحر الأبيض المتوسط شرق مدينة بورفؤاد، لتسمح للسفن المحملة والمتجهة شمالًا للوصول إلى البحر دون الدخول إلى ميناء بورسعيد.
ووصل غاطس السفن المسموح لها بعبور القناة إلى 66 قدمًا في عام 2010، ليستوعب جميع سفن الحاويات حتى حمولة 17000 حاوية تقريبًا، إضافة لعبور جميع سفن الصب من جميع أنحاء العالم.
لكن بدءًا من السنة المالية 2014/ 2015، أخذت الاستثمارات ترتفع في القناة، وشهد ذلك العام الذروة بعدما سجلّت نسبة الاستثمارات 68.9% من إيرادات القناة، قبل أن تتراجع حتى وصلت إلى 15.4% خلال السنة المالية 2020/ 2021.
وذلك على الرغم من أنه خلال تلك الفترة، شهدت القناة عملية ازدواج لمسافة 35 كيلو مترًا وتعميق نحو 72 كيلو متر أخرى، وهي التي كلفت الدولة حوالي 4 مليار دولار، حسبما صرح رئيس الهيئة السابق الفريق مهاب مميش.
وتجري حاليًا توسعات للقناة ستُضيف حوالي 10 كيلومترات في الاتجاهين، بالإضافة إلى امتداد آخر بطول 30 كيلومترًا في القطاع الجنوبي، وستكلف تلك التوسعات والامتدادات الهيئة 3 مليار جنيه، ومن المتوقع اكتمالها في يونيو 2023، بحسب الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس.
كما ستمتد توسعة الجزء الجنوبي من القناة الممتد بين البحيرات المرة وخليج السويس بطول 30 كيلومترًا وعرض 40 مترًا شرقًا، إضافة لتعميقه إلى 29 مترًا مقابل 20 مترًا فقط حاليًا.
ويقول ربيع، رئيس الهيئة الحالي، إن توسيع القناة بالكامل مكلف جدًا، موضحًا أن التفريعة التي جرى حفرها في الجانب الشمالي من القناة عام 2015، سيجري مدها عن طريق حفر 10 كيلومترات إضافية ليبلغ طولها الإجمالي 82 كيلومترًا، مما يسمح بمرور المزيد من السفن في الاتجاهين.
وظلت عمليات ضخ استثمارات في قناة السويس حكرًا على هيئة القناة وحدها حتى السنة المالية 2018/ 2019، والذي بدأت تدخل فيه المشروعات المركزية، وسجلت استثمارات بقيمة 228 مليون جنيه، انخفضت إلى 126 مليونًا سنة 2019/ 2020، ثم زادت إلى 225 مليونًا في العام 2020/ 2021، وفقًا لبيانات البنك المركزي.
إلى ذلك يقول مدير الشركات الأسبق بهيئة القناة، المهندس وائل قدور، إن عمليات التطوير وضخ الاستثمارات في القناة لم تتوقف طوال تاريخها، لكي تواكب التطوير الذي يحدث في أحجام السفن.
مضيفًا أن الاستثمارات كانت تتم سنويًا ودوريًا وضمن خطط، إذ قبل العام 2011، كان حجم المسارات المزدوجة في القناة 80.5 كيلومتر، زادت بعد افتتاح التفريعة الجديدة في عام 2015 إلى 113.3 كيلومترًا.
ويُوضح قدور، أن غاطس القناة الحالي لم يتغير من 2010 وهو 66 قدمًا، ذلك لأنه عند دراسة تعميق القناة إلى مستوى غاطس 72 قدمًا أثبتت عدم جدواها اقتصاديًا، إذ لن يستفيد منها سوى ناقلات البترول العملاقة والتي تعبر القناة بعد تخفيف حمولتها، من خلال إطلاق جزء منها عبر خط أنابيب سوميد من ميناء العين السخنة ثم تُعيده في ميناء سيدي كرير على البحر المتوسط.
ويختم قدور حديثه، أنه للحفاظ على نسبة مرور 10% من التجارة العالمية بقناة السويس، لا بد من عمل ازدواج كامل لقناة السويس، وذلك بنهاية عام 2050.
في النهاية، يبدو أن إعادة هيكلة وتطوير بعض الشركات المملوكة لهيئة قناة السويس، هو أحد الحلول اللازمة لمعالجة مسألة استنزاف نحو نصف إيرادات الهيئة، إضافة للحد من الاقتراض الخارجي ومساعدة الهيئة في الخروج من مسألة تأخير سداد بعض أقساط القروض التي تحصلّت عليها إبان حفر تفريعة قناة السويس الجديدة، والتي استنزفت جزء كبير من موارد الهيئة الدولارية.