ياسمين الخطيب سمعت من كل النواحي وكتبت مقال "سيادة النقيب.. كن حمارًا" رصدت فيه المحاولة الخيبانة لإستحداث وإعادة إنتاج عبث #أسطورة_عبدة_الشيطان في سنة ٢٠١٦. وإكمني متابع الموضوع من أوله، هحاول في المقال هنا آخد الموضوع خطوتين للأمام.. معلش نستحمل واحد عجوز زيي.
واحد زيى عاصِر نشأة مجتمع الميتال، وعاش تطوره في التسعينات. واستحمل هبل الدولة ومؤسساتها "المتدينة بطبعها" وتخلف الإعلام الجاهل المغرض لسنين، لغاية ما المنصة فتحت المجال لملف أسطورة عبدة الشيطان في الذكري ١٩ للخيابة دي.
أثناء كتابة الملف، كان مجتمع الميتال منقسم حوالين ظاهرة نادر صادق واقتحامه للمجال بعد سنين في الخارج بأفكار جديدة شدت الجميع. بس لسبب أو لآخر المجتمع الموسيقي إنقسم. وأعتقد الجميع أدلي بدلوه في ليه هو كان مع أو ضد التطور ده. أنا في تحليلي هنا عايز أسلط الضوء علي شوية ظواهر وأسئلة، جت علي بالي ولاحظتها بعد متابعتي والاحتكاك بالمشهد وكتير من الموجودين فيه.
أولاً: أنا مش مستغرب خالص من كذب هاني شاكر وأعضاء نقابته في موضوع إلغاء حفلة نادر صادق وضيوف الفرقة الأمريكية "Inquisition" اللي إتهاجمت في الإعلام. مش مستغرب من حماة الفضيلة علشان بكل بساطة دي شغلتهم؛ فهم ظل الله علي الأرض، وحراس الأصول والأخلاق زي ما إحنا عارفين. مش مستغرب برضه من محاولة هاني شاكر لتسييس الموضوع، وإقحام قطر وتركيا وإسرائيل والعفاريت الزرق والكتاكيت الحمر والمؤامرة الكونية علي استقرار مصر وشباب مصر، لدرجة إن لولا سيادة النقيب قال لازمته الشهيرة "حبيب قلبي"، ماكنتش فرقت بينه وبين مضيفه الجسور "سيد علي" إبن المشروع الإسلامي.
وبدون شك ماستغربتش "أمير الأحزان" وهو بيحاول يبرر الكذب بأن موقفه المعلن فيه إلتباس، علشان هو اتكلم "كهاني الإنسان مش كهاني النقيب". الجميل إن سيادة النقيب مكانش عنده مشكلة مع الشباب اللي بينكد عليهم وبيكفرهم عيني عينك، وماهتمش لما صوتهم علي ووصل للإعلام، بس إتأثر يا حبة عيني لما ساويرس إداله الكتف القانوني.
بالنسبة لساويرس عكننة المزاج هاتفرق معاه في فلوس؛ إنما حرية الإعتقاد مثلاً دي أمر ثانوي في دولة هو بيدعي إنه ضد أخونتها أو أسلفتها! نفس التناقض ولخبطة الأولويات شفناها من كام يوم في قضية الزند اللي تمت إقالته علشان قال إنه ماعندوش خيار وفاقوس، لدرجة إنه ممكن يسجن النبي. الثورة العارمة في المجال العام كانت ضد غلطه في النبي. رغم أن الدولة بترسانتها من رجال الدين البلاستيك كانت ممكن تطلع مليون فتوي إن اللي قاله مافيهوش مشكلة، بس هي بس قررت تنتصر للجانب السلفي فيها، عشان جملة ممكن تبقى ذلة لسان؛ مش عشان حق الشعب في محاكمةالزند على كمية الخروقات القانونية والإنسانية اللي طرطشت منه خلال الكام سنة اللي فاتت. والناس بتهلل رغم القرارات اللي ضدها!
ثانيًا: أنا مشدوه من الواقع اللي يخلي ولاد الكار يعملوا في نفسهم (مش في بعض) كده. أنا مش مع فكرة "عدوك إبن كارك" والغيرة وحشة وكده. أنا عايز أتخطى الزنقة الفكرية دي علشان مش بترد بشكل كافي عن أسئلة مهمة مطروحة. بس اللي أعرفه إن لو جيل بحاله حضر مذبحة التسعينات (الهواة منهم واللي بيطلقوا علي نفسهم محترفين. ولاد إمبارح، واللي بيطلقوا علي نفسهم مخضرمين)، وعاصروا ثورة علي دولة كحيانة مالهاش مصداقية بس محترفة أبوية، عيب جداً يكرروا كلامها ويدوا مصداقية لإتهاماتها.
عيب جدًا ناس حضرت مدبحة الميتال سنة ٩٧، وشافت الدولة بتشيخ وتفلس وتنهار علشان منظومة قيم بتسميها دينية مافيهاش لا عدل ولا أخلاق، ويتماهوا مع منظومة القيم دي ويطلبوا منها طلبات أنتيكة من نوعية "بس ماتقولش عبدة شيطان لو سمحت وإحنا نحبك"
السؤال هنا، هل المشكلة إن نادر صادق جايب ضيوف بيعبدوا حاجة مختلفة عن دين الدولة؟ ولا المشكلة إن في دين للدولة أصلاً؟ طب هل المشكلة إن نادر صادق جايب ضيوف بيبعبدوا الكتاكيت الحمر وبيلعبوا برا الصاوي؟ طب ما نادر صادق جاب ضيوف قبل كده في سبتمبر اللي فات، وكانوا بيعبدوا الكتاكيت الحمر برضه، ولعبوا في الصاوي!
طب خد التقيلة بقي: الصاوي بينظم حفلة كبيرة يوم 23 إبريل اسمها "ميتال بلاست"، وجايب فرقة من فنلندا اسمها Swallow the sun. إكمن مش نادر صادق بس اللي بيجيب فرق من برا وكده. والفرقة دي علشان كلموها علي عجالة (مهو كان لازم تيجي دلوقتي وكده زي مانتم عارفين) إشتغلتهم وطلبت فلوس كتير. بس هم علشان ناس طيبين وافقوا وهايحملوها علي الجمهور (ده أغلي سعر تذكرة حفلة ميتال في تاريخ الصاوي علي فكرة.. ومالوش دعوة بسعر الدولار).
سبحان الله يا مؤمن، الفرقة دي نفسها نزلت تعمل حفلة في دبي واترفضوا من سلطات أمنية دينية -حراس فضيلة برضو زي حالاتنا- علشان بيعبدوا الكتاكيت الحمر. وقضوا الليلة في بار مع شوية من الجمهور وسمعوا الألبوم بتاعهم علي ستريو.
طب فين المنطق في ده كله؟ ليه التناقض اللي يكسف ده؟ ليه التناقض اللي مابيصبش غير في مصلحة المنظومة اللي هاتفضل طول عمرها تفشخنا؟ يعني بدل ما نحتفل باستقالة النقيب ونضغط لمحاكمته -علي الأقل علشان نضمن إن النقيب اللي بعده مايستثمرش في خطاب كراهية ويكون عنده شوية مصداقية بجوز جنيهات- نروح نطلعه علي التلفزيون ونقول له إحنا "فانز" Fans وحلوة يا فندم فكرة حضرتك إننا يكون لينا ممثل للميتال في النقابة!!
طب إيه بقي؟ ليه الفيلم ده كله من الأول؟ ليه بجد؟ ها؟ ها؟ ليه نزعل من بعض كده ونفرح أبانا الذي في لاظوغلي؟ ليه ندي قيمة للناس اللي بتمارس أبوية علينا وبتاكل علي قفانا عيش وإحنا فاكرين إننا عاملين إنجاز وبنقاوم وبتاع؟ ليه نطلع في التلفزيون نهزأ نفسنا ونقول إحنا من معجبي النقيب، اللي لسة كان علي قناة تانية بيكذب هو وأعضاء نقابته وبيقولوا إنهم إتأكدوا أنها كانت حفلة عبدة كتاكيت حمر علشان الحضور كان "لابس اليونيفورم". هو إحنا نسينا الفرقة المصرية اللي طلعت علي برنامج أرابز جوت تالانت "Arabs Got Talent" وعلشان مايخضوش المقيم والرقيب بكلمة "ميتال" قالوا علي نفسهم "إحنا فرقة بوب روك" ولعبوا أغنية كارتون مانجا.
https://www.youtube.com/embed/vx4OFc5HRSs
ليه تبقي مشكلتنا مع النقيب إننا عايزين نصعب عليه فنقول له: "تلامذة مراتي بيبصولها بصة وحشة علشان بتلعب ميتال وبتلبس إسود"، مش مشكلتنا معاه إنه كذاب وعنصري وأبوي مثلاً؟ ليه مابنجيبش سيرة الصاوي اللي بيمثل للدولة الأبوية دي "حظيرة تلم العيال دي تحت عنينا"؟ وليه مش بنزعل من الصاوي لما لازم يقرا كلمات الأغاني بتاعتنا قبل ما يوافق نلعبها علي مسرحه. وبنزعل من اللي عايز يخلق لنفسه فرص تانية برا الرخص ده؟ ليه الموضوع ماوقفش عند الرقابة من المنبع عن طريق الصاوي. وبقينا إحنا اللي بنمارس الرقابة علي نفسنا وعلي بعض بحجة إن دة مش وقت إحتكاك بالمجتمع؟ طب الوقت ده مين اللي المفروض يحدده؟ وإيه مقاييسه أو مواصفاته؟ هي الناس نسيت إن دي كالت "CULT" وعمرها ما كانت مينستريم mainstream؟
هي الناس نسيت الإخوان كان مصيرهم إيه بعد ما مارسوا الرقابة الذاتية علي الثورة لما شاركوا فيها وهم كانوا في نفس الوقت بيتفاوضوا مع نفس النظام اللي بنثور عليه؟ ليه نسينا منظرهم كان عرة إزاي وهم بيقابلوا عمر سليمان وفوق رأسهم صورة حسني مبارك اللي كانت الناس بتموت في الشوارع علشان يسقط؟ مش عيب؟ ها؟ ها؟
ناصروا حرية المعتقد والتعبير. واعرفوا إنكم كفنانين مش المفروض تنتظروا اكتساب حرياتكم من موافقة مؤسسات أو أفراد منظومة قيمهم مفقوسة بالشكل التعيس ده. الصاوي عمل فلوس وشهرة من مجتمع الميتال في التسعينات، وغمض عينه عن المذبحة لما حصلت. ولما يقع في هاني شاكر هايبيعكم. عملها قبل كده، إيه اللي يخليه مايكررهاش؟ وأرجو ماحدش يدافع عن الفرقة الفنلندي ويقول دول بيلعبوا ميتال وسطي جميل وكده. بالعكس أتمني أشوف الناس فخورة بأكتر حاجة بتحبها، ومش مستعدة تخش في جدل من نوعية أنزل لك ركعتين علشان تتأكد إني مش سوتيانيك؟ إنت ميتاليهد علشان بتحب المزيكا دي. مش علشان باباك ومامتك وافقوا عليها.
لاظوغلي هو اسم يطلق اصطلاحًا على وزارة الداخلية في مصر ومباحث أمن الدولة (الأمن الوطني حاليًا) لوقوع مقرهما في ميدان لاظوغلي بوسط القاهرة. أما جابر بن حيان فهو حيث يقع مقر مباحث أمن الدولة - الأمن الوطني في محافظة الجيزة، على بعد كيلومترات قليلة من مقر الوزارة نفسها.