من أعمال هبة خليفة رجال مصر يفخرون بنسائها| هبة خليفة.. الفنانة الطيبة مجتمع_ أكرم إسماعيل منشور الثلاثاء 8 مارس 2016 هذه اللوحة مثل كل أعمال الفنانة والمصورة الفوتوغرافية هبة خليفة، تقنعك بسلاسة كيف يمكن للفن إعادة إنتاج الواقع ليصبح قريبًا وأكثر طيبة وألفة. هبة من الفنانين القلائل الذين تكتشف معهم كيف يمكن أن يكون الفن وسيلة لإسقاط الحواجز والمسافات، تفعل ذلك بكل إنسانية وشغف وتواضع. أشعر بذلك بعد أن رفضني كثيرًا الفن "المغرور الغريب". هذه هي هبة؛ الإبداع لديها وسيلة للمقاومة وإعادة إنتاج الواقع الملون بأرواحنا وأحلامنا، منذ تعرفت عليها وهي تناضل بالفن والوعي والإيمان فى مواجهة كل هذا القهر والبلادة المحيطة. في اليوم العالمي للمرأة.. رجال مصر يفخرون بنسائها في 2006 عملنا معًا في إنشاء مدرسة صيفية لأطفال "الحي السابع" في مدينة نصر، كان التلاميذ المحبطون من التجاهل والعنف الذي يُمارَس معهم في الشارع وفي المدرسة وفي بيت الأسرة يلتفون حول هبة وهي تجرب معهم حيلًا فنية جديدة، تستخدم الألوان والخرز والمكرونة والسبراي لتتحول هذه الأشياء إلى سحر خاص في أيدي هبة. كل حيلة تُخرج من يديها منتجًا ساحرًا. كان "سحر" هبة قادرًا على جذب هؤلاء التلاميذ بعيدًا عن دوامات الخوف والإحباط، كان قادرًا على أن يمنح العيون الشاجنة الشغوفة بعض الأمل، إنه سحر يحيط بهبة صديقتي أينما ذهبت. لم يكن خيار الحرية سهلًا أو يسيرًا، فالبحث عن حياة أخرى وعدم الخضوع للأقدار المحتومة بدون دعم، سوى هذا الإيمان العميق بالوعد بعالم بديل، يشبه أحلامنا، هو خيار المعاناة والمخاطرة، وهو خيار صعب اختارته هبة مبكرًا وخاضت صراعاته ودفعت أثمانه، لم يكن الشغف بالفن وبالأدب وبهوامش المدينة سوى محاولة لاكتشاف البدائل ومطاردة الأحلام والبحث عن شركاء المسار الصعب. لم ترض هبة أبدًا بالاحتماء بالعزلة رغم كل المعاناة والتحديات، فالتحرر إذا لم يكن خيار الخروج والصراع والمخاطرة واحتمال الخوف يظل عبئًا مرًا وثقيلًا، عندما عملت فى الصحافة وعندما تزوجت وعندما أنجبت ابنتها ورد لم يكن يصحبها سوى هذا الإيمان العميق بحقها في الحياة والمحاولة، بحقها فى التحقق. أفلتت هبة كثيرًا من كمائن الزمن وأفخاخ الاستغلال وسجون البلادة، واختارت في كل مرة الحرية من جديد. ربما لا أعرف نموذجًا تعد حياته نضالًا مستمرًا، ويقبل تقلبات القدر ويحتمل مخاوفه مثل هبة، التى حُرمت كثيرًا من كل أشكال الدعم، ولكن لم تتوقف أبدًا عن المحاولة واكتشاف البدائل، بل تنجح دائمًا في أن تحول كل خبرات القهر و الوحده والذعر إلى تجارب إبداعية جديدة، تقص فيها تجربتها فتكشف ببساطة تجاربنا جميعًا. تمشي هبه خليفة على خيط رفيع نحو عالم يشبهها، لا تمتلك في مسيرتها تلك سوى أن تتحرر من المخاوف وأثقال الذنب حتى تمضي، وبينما هي تمضي تمنحنا جميعًا نموذجًا نسائيًا ملهمًا وصلبًا، ويبقى تحقق هبة ونجاحها من الإشارات القليله التي تجعلنى أؤمن بأن الحياة لا تزال "جديرة" بالأحلام، فإن هبة التي لا تمتلك من مقومات النجاح سوى الشجاعة والإيمان والتجربة وبعض الأصدقاء من الأشخاص والأشعار والكتب، ما زالت تناضل "وحيدة" ضد مخاوفها ومرارتها، تحاصرها الهموم وتستبد بها متطلبات الحياة واحتياجات تربية الابنة كأم وحيدة لا تملك سوى قوتها ومسكن "مستأجر"، فتأتي لها الرسائل أو "الإذن" (على حد تعبيرها) فتتماسك وتمضي من جديد، ولذلك كلما نجحت هبة برهنت على أنه ما زالت المعجزات تُغافل مدينتنا "القاهرة".