جورج ر. ر. مارتن أغنية الجليد والنار (2-3) جورج ر. ر. مارتن.. الهارب من هوليوود إلى الكتب ثقافة_ هشام فهمي منشور الأحد 28 فبراير 2016 عشر سنوات قضاها جورج ريتشارد رايموند مارتن في العمل في هوليوود، واشترك خلالها في كتابة وإنتاج عدد من المسلسلات التليفزيونية المعروفة في عقد الثمانينيات، منها "Beauty and the Beast" و"The Twilight Zone"، لكن مع مجيء العام 1994 كان مارتن قد ضاق ذرعًا برفض القائمين على الاستوديوهات الكبيرة المستمر للمشاريع التي يقدمها لهم للإنتاج في التلفزيون أو السينما - بزعم أن الأفكار التي يطرحها شديدة الضخامة وستتكلف مبالغ كبيرة جدًّا لا قِبل لهم بإنفاقها - وقال إنه اكتفى تمامًا من القيود التي تفرضها التكاليف على الإنتاج، ومن ثم قدرة الشاشة على تقديم ما يرغب فيه حقًّا على المستوى المطلوب، بينما يستطيع على الصفحة المطبوعة أن يحكي كل ما يرغب فيه من قصص بكل التفاصيل التي تتفتق عنها مخيلته النشطة. هكذا اتخذ مارتن القرار بأن يترك العمل في هوليوود ويعود إلى تأليف الكتب وتقديم أفكاره كلها فيها، حيث لا توجد عقبات إنتاجية أو مالية تعوقه عن بناء العوالم الضخمة التي يتخيلها وتقديمها بأدق وأصغر تفاصيلها. وُلد مارتن في سبتمبر 1948 في ولاية نيو جرسي لأب من أصول إيطالية يعمل في تفريغ وتحميل البضائع على السفن وأم من أصول أيرلندية، وفي عائلة تملك جذورًا إنجليزية وألمانية وفرنسية، وهو ما يفسر شغفه الشديد بالتاريخ الأوروبي، خصوصًا حقبة العصور الوسطى التي استلهم منها الكثير في كتاباته. يقول مارتن إن طفولته كلها كانت تتلخص في الذهاب إلى المدرسة والعودة إلى المنزل، ومشاهدة السفن التي تتوافد على ميناء نيوارك من جميع أنحاء العالم من نافذة غرفته الصغيرة، واضعًا قائمة بأعلام الدول التي يراها ويحلم بأن يزورها ذات يوم، وكان هذا ما شجعه على القراءة بنهم شديد على سبيل زيارة تلك الدول في خياله، قبل أن يتجه إلى الكتابة في سن صغيرة، حيث بدأ يبيع القصص التي يكتبها لأطفال الحي مقابل بنس للقصة، وأحيانًا ما كان يقرأ عليهم هذه القصص كذلك. ظل مارتن شغوفًا بالقراءة والكتابة، وخلال دراسته الثانوية أضاف قصص الكومكس إلى هواياته، حتى صارت لديه مجموعة ضخمة منها، وهو ما شجعه على كتابتها كذلك، وفي سنة 1970 اشترت مجلة "Galaxy" منه واحدة من تلك القصص، لتصبح أول عمل احترافي يُنشر له على الإطلاق. ثم التحق مارتن بجامعة نورثوسترن في ولاية إلينوي ليحصل على درجتي البكالوريوس والليسانس في الصحافة، وخلال دراسته الجامعية كان من النشطاء المعارضين لحرب فيتنام. غلاف رواية "أغنية ليا" لر ر مارتن عمل مارتن أستاذًا للصحافة في الجامعة لفترة، وفي هذه الأثناء واصل نشر قصصه ومقالاته في الصحف والمجلات المختلفة، وأخيرًا في سنة 1976 نشر مجموعته القصصية الأولى "أغنية ليا" التي فازت بجائزة "Locus Poll" كأفضل مجموعة قصصية لهذا العام، ثم في العام التالي نشر روايته الأولى بعنوان "موت الضياء" التي رُشحت لجائزتي "Hugo" و"British Fantasy Award" كأفضل رواية، وتُرجمت إلى تسع لغات. مع حلول سنة 1979 تفرغ مارتن للكتابة تمامًا، وواصل نشر مجموعاته القصصية ورواياته، التي تضمنت "أغاني النجوم والظلال" و"التنين الجليدي"، ليحصد المزيد من الجوائز الأدبية المرموقة عن أعماله المختلفة، والتي بلغ عددها حتى الآن 21 جائزة بخلاف الترشيحات، غير أن روايته الرابعة التي نشرها سنة 1983 بعنوان "المعركة الأخيرة" لاقت فشلًا ذريعًا في المبيعات على الرغم من إشادة النقاد بها، حتى أنه قال إنه "دمر مسيرته المهنية كروائي في ذلك الحين". لكن سرعان ما تعافى مارتن من هذه العقبة واتجه إلى العمل في هوليوود، وفي الآن نفسه واصل كتابة القصص والروايات، لتبلغ حصيلته منها حتى الآن 18 رواية ومجموعة قصصية لا تتضمن سلسلته الأشهر "أغنية الجليد والنار" والكتب الأخرى التي تدور أحداثها في عالمها. غلاف رواية "أغاني النجوم والظلال" لمارتن يقول مارتن إن تركه لهوليوود كان من أفضل القرارات التي اتخذها في حياته، ويقرُّ بأن هوليوود كانت كفيلة بتدمير سلسلة "أغنية الجليد والنار" تمامًا لو كان قدمها للاستوديوهات الكبيرة لتحولها إلى سلسلة أفلام سينمائية ضخمة، بدلًا من شبكة "HBO" التي حولتها إلى مسلسل "Game of Thrones"، والذي يعمل عليه كمشرف ومنتج تنفيذي وشارك في كتابة عدد من أهم حلقاته، وإن توقف عن الكتابة للمسلسل بعد موسمه الرابع، ويعيش حاليًّا في ولاية نيو مكسيكو مع زوجته الثانية باريس متفرغًا لكتابة الجزئين السادس والسابع من سلسلته، واللذين ينتظرهما القراء في جميع أنحاء العالم على أحر من الجمر.