تبقى المحطة الأبرز لـ"جهاز الكفتة"، هي لحظة الإعلان التي حشدت وراءها عشرات الآلاف من مستخدمي الشبكات الاجتماعية، الذين أعلنوا فخرهم الشديد بالإنجاز غير المسبوق للقوات المسلحة المصرية.
وسط صمت إعلامي؛ مرت أمس الأول الذكرى الثانية لإعلان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عن حصولها على براءة اختراع جهاز سي فاست C fast للكشف عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي c وفيروس HIV المسبب لمرض الإيدز، بحضور الرئيس السابق عدلي منصور، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي الذي كان وقتها وزيرًا للدفاع.
جاء الإعلان عن الاختراع الجديد وسط طائفة من المشروعات التي حضر الرئيس السابق ووزير دفاعه افتتاحها باعتبارها انجازات للهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، ووصف بيان المتحدث العسكري وقتها العقيد أحمد محمد علي الجهاز بأنه: "الاكتشاف المصرى الفريد من نوعة لعلاج مرضى فيروسات الإلتهاب الكبدى الوبائى (سى) والإيدز". كما أوضح البيان نفسه أن الرئيس عدلي منصور ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي افتتحا كلية الطب للقوات المسلحة، باعتبارها أول كيان تعليمي لتدريس الطب داخل القوات المسلحة.
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.442012995929688.1073742025.217455035052153&type=3عقب الإعلان عنه؛ مر جهاز سي فاست لاكتشاف وعلاج فيروس C وفيروس HIV بالعديد من المحطات التي جرى خلالها تأجيل بدء العلاج عدة مرات رغم بناء مستشفى ضخم بمنطقة الإسماعيلية لاستخدام الجهاز لعلاج المرضى المتقدمين إليها؛ إلى أن ووري الجهاز النسيان واختفى اللواء إبراهيم عبدالعاطي مخترع الجهاز المعجزة، الذي قالت القوات المسلحة أنه كان قيد الأبحاث السرية لمدة 22 عامًا سبقت الإعلان عنه. حتى أن الصفحة المخصصة لنشر انجازات الفريق البحثي للجهاز، توقفت عن متابعة النشر في السابع من أغسطس 2014، قبل انقضاء المهلة الثانية لبدء العلاج بالجهاز، والتي كان محددا لها نهاية ديسمبر 2014.
لكن تبقى المحطة الأبرز، هي لحظة الإعلان التي حشدت وراءها عشرات الآلاف من مستخدمي الشبكات الاجتماعية، الذين أعلنوا فخرهم الشديد بالإنجاز غير المسبوق للقوات المسلحة المصرية، والذي كان يَعِد وقتها بأن تصبح مصر محط أنظار العالم في مجال العلوم الطبية.
المنصة أعادت زيارة هذه اللحظة المهمة من خلال تعليقات زائري الصفحة الرسمية للمتحدث الرسمي للقوات المسلحة، باختيار عينة عشوائية من تعليقات المؤيدين للإختراع والمستنكرين له على منشور الإعلان عن المشروع، لتسجيل فخرهم بالاختراع ثم موقفهم منه ومن الانجازات الشبيهة عقب مرور عامين، غاب فيهما جهاز سي فاست عن الأنظار تمامًا وتجاهلت وسائل الإعلام التي احتفت به والتي شككت فيه على السواء متابعته، رغم انقضاء المهل العديدة التي أعلنتها القوات المسلحة لبدء العلاج به.
تم إختيار العينة بناءًا على التعليقات التي وردت في نفس يوم الإعلان عن الجهاز، إلى جانب عينة من تعليقات المصريين عقب مرور شهر من تاريخ الإعلان عنه، أي في شهر مارس/آذار 2014، نستعرضها لكم في هذا التقرير.
في ظهر يوم 22 فبراير/ شباط 2014 احتفى أغلب المعلقين على المنشور بخبر التوصل إلى هذا "الاكتشاف العظيم" كما كرر رواد الصفحة. ومنهم أحمد تهامي الذي أعرب عن سعادته آنذاك قائلاً: "مبروك الاكتشاف العظيم وياريت الجيش يطلق حملة قومية لعلاج المصريين المصابين بمرض الإيدز وفيروس C مع تسويق الاكتشاف عالميًا لتحقيق عملة صعبة تساعد على تمويل حملة علاج المصريين إلى جانب الريادة عالميًا في هذا المجال".
وبزيارة المنشورات العامة public posts في حساب أحمد الشخصي؛ وجدنا أن اهتمامه بالسياسة وما يتعلق بها تراجع بحلول نهاية عام 2015، لتقتصر منشوراته على بعض الأدعية الدينية. وغابت السياسة تمامًا عن حسابه حتى في الأمور المتعلقة بحرب القوات المسلحة ضد الإرهاب.
بينما علق أحمد مفرح على منشور القوات المسلحة في يوم الإعلان عن الاختراع قائلاً: "الجهاز دا أنا سمعت عنه من فترة وكان تحت الدراسة وهو جهاز للكشف عن الفيروس مش لعلاجه اعتقد صياغة الخبر غير دقيقة."
حماس مفرح الذي يعمل صيدلانيًا باكتشاف العلاج لمرضي الفيروسات الكبدية؛ صاحبه حذر وقت الإعلان عن الجهاز، نتيجة مواقف المتخصصين آنذاك التي حذرت ونصحت بتجنب التعليق وانتظار النتائج النهائية. إلا أن تلك الحماسة تبددت لاحقًا كما يظهر على حساب مفرح الشخصي.
فيما علق محمد حسن على منشور المتحدث العسكري والذي أعلن فيه اكتشاف العلاج قائلاً: "الكلام مبهم ملوش ملامح"، وتساءل:" فين التفاصيل؟". وبالعودة إلى المنشورات العامة لحساب محمد الشخصي يبدو اهتمامه بالسياسة مستمرًا، ولازالت أراءه تحمل ذات التشكك الذي واجه به الإعلان عن جهاز سي فاست. ولكن شكوكه صارت موجهة نحو مدى نجاح السياسات الاقتصادية للبلاد في العهد الحالي.
بينما استنكر أشرف سمير احتفاء المعلقين باكتشاف العلاج قائلاً: "والله عيب أوي إن فيه ناس بتصدق إن ممكن الجيش أي جيش في الدنيا يكتشف علاج للإيدز أو فيروس سي، لسبب بسيط إن الموضوع ده مش شغله".
يعيش أشرف الآن في فرنسا، ولازال يتابع بشكل دوري الأحداث السياسية في مصر.
فيما رأى وسام عبد الله أنه لا توجد دولة في العالم توصلت لعلاج مرض الإيدز، مستنكرًا حفاوة المعلقين بخبر اكتشاف علاج للإيدز.
والآن يعيش وسام في قطر ويُبدي اهتمامًا بتصوير المناظر الطبيعية وأمواج البحر ، دون الالتفات لأمور السياسة في مصر.
آراء بعض المحتفين بالاكتشاف الوهمي لعلاج الفيروسات، لم تستمر طويلاً، على سبيل المثال بعد شهر من الإعلان عن إكتشاف جهاز "C-Fast" علق حساب يحمل اسم "سعيد مدريد" مستغيثًا قائلاً: " نريد تأكيد أرجوكم هناك شكوك حول الجهاز"، ثم تبعه بتعليق يائس آخر على منشور اختراع الجهاز قائلاً: "نفسي أصدق والله الواحد بقى مش عارف مين الصادق مين الكداب".
أتى هذا التعليق بعد مرور شهر على نشر خبر الإعلان عن الاختراع المثير للجدل عبر صفحة المتحدث الرسمي للمجلس العسكري، وفي تعليق ثالث أضاف "مدريد" رابطًا لمقطع فيديو عبر موقع يوتيوب، يُظهر إسلام حسين وهو باحث مصري مقيم بأمريكا متخصص في مجال علم الفيروسات، وهو يشرح في محاضرة تقترب مدتها من ساعة ونصف الساعة رؤيته غير المصدقة لجهاز سي فاست تحت عنوان: "علامات استفهام علمية.. لماذا لا أصدق جهاز "C-Fast" ومدى علاجه الطبي". ابتعد سعيد مدريد بعد ذلك عن الخوض في السياسة، لكنه لا يزال مشجعًا مخلصًا للنادي الملكي الإسباني "ريال مدريد".
وبعد مرور عامين على الإعلان عن جهاز "C-Fast"، أحالت النقابة العامة لأطباء مصر 9 أطباء للتحقيق لمخالفتهم آداب المهنة بترويج للجهاز المعروف إعلاميًا بـ "جهاز الكفتة"، بينما نشر الإعلامي المصري باسم يوسف فيديو عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، جمعه مع الدكتور عصام حجي احتفالا بمرور عامين على الإعلان عن الجهاز، وكشف حجي لتفاصيل تعرض لأول مرة المتعلقة بالاختراع المزعوم.
وسرعان ما استحوذ الفيديو على اهتمام رواد الشبكات الاجتماعية الذين أعادوا الاختراع المنسي لدائرة الضوء عبر الوسم المجمع (هاشتاج): "#كفتة_تايم".