اتفضلوا استريحوا...
بسم الله الرحمن الرحيم،
دولة السيد بيدرو سانشيز، رئيس حكومة مملكة أسبانيا الصديقة. يسعدني أن أرحب بكم والوفد المرافق لكم اليوم ضيوفا أعزاء على مصر خلال زيارتكم الرسمية، والتي تأتي في إطار حرصنا المستمر على تبادل الرؤى والتباحث حول سبل تطوير وتعميق أوجه التعاون الثنائي بين بلدينا الصديقين في مختلف المجالات، فضلا عن التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
لقد أجريت مع دولة رئيس الحكومة الأسبانية مباحثات مثمرة وبناءة، عكست بوضوح إرادتنا السياسة المشتركة لتعزيز أطر التعاون بين مصر وأسبانيا في مختلف المجالات، بما يسمح بالاستفادة المثلى من إمكانياتنا لخدمة مصالح البلدين.
حيث استعرضنا سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية والدفاعية، في ضوء علاقات الثقافة التقليدية الوثيقة بين البلدين.
كما أكدنا عزمنا على الانطلاق بالعلاقات بين مصر وأسبانيا إلى آفاق أرحب بالتعاون الثنائي، بحيث تصيح أسبانيا شريكا رئيسيا لمصر، ونحن نمضي بخطوات ثابتة على طريق التنمية والتقدم.
والحقيقة ده كان هاينطلق من خلال إنشاء لجنة مشتركة وزارية من البلدين، يتم عقدها بالتبادل بين عاصمتي البلدين دوريا.
وفي هذا الإطار، فقد اتفقت مع السيد سانشيز على أهمية العمل المشترك نحو زيادة الاستثمارات الأسبانية في مصر، وضرورة الاستفادة من الفرص الكبيرة التي توفرها المشروعات القومية العملاقة الجاري تنفيذها في مختلف ربوع البلاد، خاصة في مجالات النقل والطاقة المتجددة والزراعة وغيرها.
وأكدنا على الحاجة لزيادة معدلات التبادل التجاري بين بلدينا، بالتوازي مع العمل على تحقيق التوازن في الميزان التجاري عبر إتاحة الفرص لمزيد من نفاذ الصادرات المصرية إلى الأسواق الأسبانية.
ويسعدني في هذا الصدد أن أشيد بالتعاون المصري الأسباني في العديد من المشروعات الاستثمارية والتنموية المهمة. وهو تعاون ننتظر أن تفتح له آفاق جديدة من خلال عقد منتدى رجال الأعمال بين ممثلي القطاع الخاص في البلدين خلال هذه الزيارة بمشاركة دولة رئيس الحكومة الأسبانية مع السيد رئيس مجلس الوزراء، والذي سيمثل خطوة بناءة على صعيد توثيق الروابط بين القطاع الخاص على الجانبين، وفتح مجالات جديدة للتعاون المشترك في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية.
كما ناقشت مع دولة رئيس الحكومة أيضا سبل زيادة تدفقات السياحة الأسبانية إلى المقاصد السياحية المصرية خاصة في محافظات جنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسى مطروح والأقصر وأسوان، وأطلعته في هذا السياق على التدابير الصحية المشددة التي تطبقها مصر في تلك المقاصد، ومنها حملة التطعيم الموسعة التي قامت بها الحكومة المصرية للعاملين بالقطاع السياحي باللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
وهنا، يجب أن أتقدم بالشكر باسمي وباسم كل المصريين على الإهداء التي قدمته حكومة أسبانيا من اللقاحات إلى مصر.
وفي هذا السياق أيضا تبادلنا الرؤى حول التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا. حيث استعرضت من جانبي الجهود التي بذلتها الدولة وأجهزتها المختلفة للتعامل مع هذه الأزمة، والتي نجحت فيها مصر في تحقيق التوازن الدقيق بين تطبيق الإجراءات الاحترازية لاحتواء انتشار الفيروس من جانب، وتأمين استمرار النشاط الاقتصادي، وتفعيل نظم الحماية الاجتماعية لمعالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية لهذه الجائحة من جانب آخر.
وهو الأمر الذي مكن مصر من تحقيق معدلات نمو اقتصادي إيجابية في ظل هذه الظروف الصعبة، والحفاظ على مكتسبات نهج الإصلاح الاقتصادي الذي اتبعناه في الأعوام الأخيرة.
ولعلي... وأيضا فيما يعد نموذجا للتضامن بين الدول أمام تداعيات جائحة.. الجائحة، وإسهاما مقدرا من مملكة أسبانيا.. أنا هنا بتكلم على الإهداء الأسباني للقاحات اللي أكتر من 4 مليون لقاح تم تقديمهم لمصر.. في دعم حملة التطعيم المصرية الطموحة والموسعة ضد انتشار فيروس كورونا.
على جانب آخر، حرصت.. حرصت خلال لقائي بدولة رئيس الحكومة الأسبانية، على تناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، حيث أطلعت سيادته على آخر تطورات قضية سد النهضة، مشددا على موقف مصر الثابت بالتمسك بصون أمنها المائي الآن وفي المستقبل، ومؤكدا على أهمية التوصل إلى اتفاق شامل وعادل وملزم قانونا بين كل من مصر والسودان وأثيوبيا حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وأهمية أن يدفع المجتمع الدولي بهذا الاتجاه، ويعمل على دعم ومساندة عملية تفاوضية فعالة لتحقيق هذا الهدف.
كما تبادلت أيضا وجهات النظر مع دولة رئيس الحكومة إزاء التطورات في منطقتنا بشكل عام، وفيما يتعلق بموقف، بمجمل الموقف الاستراتيجي في حوض البحر المتوسط وجوارنا الإقليمي المشترك، حيث أكدت على رؤية مصر لأهمية العمل على معالجة بؤر التوتر في المنطقة من خلال حلول تعيد الاستقرار، وتعزز من قدرة الدول على تحقيق طموحات شعوبها في العيش بأمان وحرية، وتحقيق للتنمية المستدامة.
كما تناولت مباحثاتنا الجهود الدولية لمعالجة آثار ظاهرة تغير المناخ، ونتائج قمة جلاسكو الأخيرة، خاصة في ظل استضافة مصر للمؤتمر الـ27 للدول الأطراف في اتفاقاية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ العام المقبل، حيث أطلعت رئيس الحكومة الأسبانية على رؤيتنا لأهمية قيام الدول المتقدمة بمسؤوليتها لدعم الدول النامية في تنفيذ التزاماتها الدولية بموجب اتفاق باريس، لاسيما ما يتعلق بدعم جهود التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وتمويل عمل المناخ في الدول النامية.
كما أكدت على اعتزام مصر العمل مع كافة الشركاء خلال الفترة القادمة، وصولا إلى الدورة الـ27 للمؤتمر لضمان خروجها بنتائج متوازنة تصب في مصلحة عمل المناخ الدولي وتنفيذ أهداف اتفاق باريس.
ختاما، اسمحوا لي دولة رئيس الحكومة أن أرحب بكم والوفد المرافق لكم مجددا في القاهرة، وأتطلع لأن تشهد الفترة القادمة مزيدا من التعاون والتنسيق بين البلدين، بما يحقق الرخاء والازدهار لشعبينا الصديقين.
وأتقدم لك أيضا فخامة دولة الرئيس على الدعوة لزيارة دولة أسبانيا خلال العام القادم، وهو أمر أتطلع إليه. وشكرا جزيلا. شكرا.
ألقيت الكلمة بالقاهرة بقصر الاتحادية، بحضور رئيس الوزراء الأسباني بيدرو سانشيز.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط