السادة الحضور،
لقد مررنا معا في إطار شراكتنا الراهنة بتحديات جسيمة، لم نتمكن من تخطيها إلا من خلال تكاتفنا وتضامننا المشترك.
واليوم، نواجه تحديا جديدا أثر ما سببته جائحة كورونا من آثار سلبية على ما حققناه في معدلات النمو الاقتصادي لتلبية احتياجات مواطنينا. فلقد أثبتت الجائحة أن أي دولة، مهما بلغت قدرتها وإمكاناتها، لن تتمكن من تجاوز مثل هذه الأزمات دون تكاتف أو تآزر على المستوى الدولي المبني على الشراكة والمكاسب المتبادلة. وتنظر مصر إلى منتدى التعاون الصيني الأفريقي، على أنه نموذجا لمثل هذه الأطر الفعالة من العمل الدولي.
التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا يتطلب تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بشكل يعود بالفائدة على مختلف شعوب القارة، بما في ذلك تخفيف الديون المتراكمة. فضلا عن مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تجاوز الأزمة الاقتصادية. ضرورة استكمال تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية، سعيا لتحقيق التكامل الاقتصادي والتجاري، وهو الأمر الذي يتطلب ضخ المزيد من الاستثمارات في مشروعات البنية التحتية لربط القاري بين بلداننا الأفريقية، وهو ما نتطلع لتحقيقه من خلال الشراكة الفاعلة مع الصين، كما ستسعى مصر لتحقيقه في ظل رئاستها الحالية لتجمع الكوميسا، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق التكامل بين القطاع الخاص الأفريقي ونظيره في الدول الصديقة، والتوسع في مجالات التحول الرقمي والتجارة الإلكترونية.
أهمية تعظيم الاستفادة من الدروس المستخلصة من تجارب الدول التي قطعت شوطا كبيرا في احتفاء فيروس كورونا، ونقل تلك الخبرات لبناء قدرات الدول الأكثر احتياجا، لمساعدتها على تخطي تلك الأزمة من خلال تبادل الخبرات في مجالات الوقاية، والتكنولوجيا الحيوية، والتصنيع الدوائي.
وأود هنا أن أشيد بالتجربة في مجال تصنيع اللقاحات، والتي نجحت مصر من خلالها في أن تكون أول دولة أفريقية تمتلك القدرات لتصنيع اللقاحات ضد فيروس كورونا.
إن تغير المناخ وتبعاته السلبية يعد أيضا على رأس التحديات التي تتطلب تضافرا وتضامنا. ولقد شهدنا كيف أن آثار تغير المناخ ألقت بظلال اقتصادية واجتماعية على مختلف أنحاء القارة.
وهنا، أود أن أتقدم بالشكر لجميع الدول التي دعمت استضافة مصر للدورة الـ27 لمؤتمر الدول أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 2022.
أصحاب الفخامة،
على الرغم من تلك التحديات السابقة، إلا أن التحدي الأبرز والذي لايزال يسيطر على قارتنا الأفريقية هو استقرار الوضع الأمني بين دول القارة، والذي سيظل العائق الرئيسي في سبيل تحقيق أهداف التنمية المنشودة في أجندة 2063.
ومن هذا المنطلق، وبدافع من المنظور الشامل للأمن الذي تبنته مصر، فقد حرصت على استضافة مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وهو المركز الذي سيمثل نموذجا للتعاون مع الصين، على أساس نشر الأمن والاستقرار في ربوع القارة.
ومن هذا المنطلق، أود التأكيد على ضرورة التنسيق المشترك بين أفريقيا والصين، اتصالا بالقضايا الخاصة بتعزيز السلم والأمن، استنادا إلى المبادئ الخاصة بسيادة الدول واحترام أولوياتها الوطنية.
ختاما، لايسعني إلا أن أتقدم بالشكر لفخامة الرئيس شي جين بنج لدور الصين الداعم للقارة الأفريقية، ترسيخا للعلاقات المتميزة التي تجمع أفريقيا بالصين الصديقة، والتي تعود لعام 1956 عندما كانت القاهرة أول عاصمة أفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية العظيمة. ووفاء بدور مصر التي ستظل بحكم موقعها الجغرافي، جسرا للتواصل بين الصين وأفريقيا، يعزز التضامن بين حكوماتنا وشعوبنا، لتحقيق أهداف القارة الأفريقية.
كما أغتنم هذه المناسبة لأعبر لفخامة الرئيس ماكيسال عن خالص تمنياتي له بالتوفيق، اتصالا بقرب رئاسته القادمة للاتحاد الأفريقي، في ظل ثقتنا جميعا في قدرته على قيادة دفة قارتنا الأفريقية بما يحصص أهداف وتطلعات أبناء القارة. شكرا لحسن الاستماع.
ألقيت الكلمة عبر الفيديو كونفرانس، بمشاركة الرئيس الصيني شي جين بنج، وعدد من الرؤساء الأفارقة.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط