سأركز حديثي اليوم على النقاط التالية:
أولا: بادرت مصر باتخاذ خطوات جادة لتطبيق نموذج تنموي مستدام، يأتي تغير المناخ والتكيف مع آثاره في القلب منه. ويهدف إلى الوصول بنسبة المشروعات الخضراء الممولة حكوميا إلى 50% بحلول عام 2025، و100% بحلول عام 2030. فعلى سبيل المثال، تمثل مصادر الطاقة المتجددة اليوم نحو 20% من مزيج الطاقة في مصر، ونعمل على وصولها إلى 42% بحلول عام 2035، بالتزامن مع ترشيد دعم الطاقة.
كما تعمل مصر على التحول إلى النقل النظيف، من خلال التوسع في شبكات المترو والقطارات والسيارات الكهربائية، وتجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك، فضلا عن إنشاء المدن الذكية والمستدامة، كما تنفذ مصر مشروعات لترشيد استخدامات المياه، وتبطين الترع، والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية.
ولتمويل تلك المشروعات، أصدرت مصر مؤخرا الطرح الأول للسندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار. وحتى توضع هذه الجهود في إطارها المؤسسي، انتهت مصر من إعداد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ عام 2050، والتي ستفتح الطريق أمام تحديث مصر لمساهماتها المحددة وطنيا. بحيث تكون السياسات والأهداف والإجراءات المتضمنة بهذه المساهمات مكملة لجهود الدولة التنموية، ولمساعيها للتعافي من آثار جائحة كورونا، وليست عبئا عليها.
ثانيا: مثلما تدرك مصر واجباتها، فإنها تعي حجم التحديات التي تواجهها كافة الدول النامية. وهنا أود التأكيد على أن تنفيذ الدول النامية لالتزاماتها في مواجهة تغير المناخ، مرهون بحجم الدعم الذي تحصل عليه، خاصة من التمويل الذي يعد حجر الزاوية والمحدد الرئيسي لقدرة دولنا على رفع طموحها المناخي، في إطار التوازن الدقيق الذي يمثله اتفاق باريس، والذي يتعين الحفاظ عليه لضمان تعزيز جهود خفض الانبعاثات، والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ على قدم المساواة.
وإننا نشعر بالقلق إزاء الفجوة بين التمويل المتاح، وحجم الاحتياجات الفعلية للدول النامية، علاوة على العقبات التي تواجه دولنا في النفاذ إلى هذا التمويل. ومن ثم، فلابد من وفاء الدول المتقدمة بتعاهدها بتقديم 100 مليار دولار سنويا لصالح تمويل المناخ في الدول النامية. ونؤكد على دعمنا لما نادى به السكرتير العام للأمم المتحدة من ضرورة ألا يقل حجم التمويل الموجه إلى التكيف عن نصف التمويل المتاح، وعلى أهمية بدء المشاورات حول الهدف التمويلي الجديد لما بعد 2025.
ثالثا: على الرغم من عدم مسؤوليتها عن أزمة المناخ؛ تواجه القارة الأفريقية التبعات الأكثر سلبية للظاهرة، وما يترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية، ومع ذلك تعد القارة نموذجا لعمل المناخ الجاد، بقدر ما تسمح به إمكانياتها والدعم المتاح لها.
ومن ثم، تدعو مصر إلى ضرورة منح القارة الأفريقية معاملة خاصة، في إطار تنفيذ اتفاق باريس، بالنظر لوضعها الخاص، وحجم التحديات التي تواجهها.
السيدات والسادة،
إنني واثق أن المداولات التي ستشهدها قمتنا، والنتائج التي ستخرج بها، ستعبر عن التزامنا السياسي بمواجهة تغير المناخ والتكيف مع آثاره السلبية. كما أثق أن ذلك سوف يصل إلى وفودنا التي تستعد الآن لبدء التفاوض حول الموضوعات المطروحة على جدول أعمال المؤتمر ليكون دافعا ومحفزا لها للخروج بنتائج إيجابية.
كما أود الإعراب عن ترحيبنا بلجنة اختراق جلاسكو، وبالتقارير التي ستصدر عنها، وكذلك دعمنا للرئاسة البريطانية للمؤتمر، التي سنعمل معها على مدار الأيام والأشهر القادمة، وصولا إلى الدورة القادمة للمؤتمر، التي نتطلع إلى استضافتها في مصر باسم القارة الأفريقية، حيث سنسعى خلال رئاستنا إلى تعزيز عمل المناخ الدولي للوصول إلى أهداف اتفاق باريس، تحقيقا لمصالح شعوب قارتنا، وشعوب دول العالم أجمع. شكرا لكم.
ألقيت الكلمة في جلاسكو الأسكتلندية، بحضور عدد كبير من رؤساء وملوك ورؤساء وزراء الدول والحكومات.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط