بسم الله الرحمن الرحيم،
أخي العزيز فخامة الرئيس فليكس تشيسكيدي،
رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، ورئيس الاتحاد الإفريقي،
السادة أصحاب الفخامة رؤساء هيئة مكتب قمة الاتحاد الإفريقي،
صديقي العزيز فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية،
سعيد إن أنا ألتقي بفخامتكم في هذا اللقاء...
أخي السيد موسى فقيه محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،
السادة الحضور،
يطيب لي أن أجدد التهنئة لأخي فخامة الرئيس تشيسكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، على توليه رئاسة الاتحاد الإفريقي، متمنيا لفخامته النجاح والتوفيق في مهامه نحو دفع جهودنا الإفريقية في ظل هذه الفترة الصعبة التي تموج بالعديد من التحديات، وعلى رأسها تداعيات جائحة كورونا.
كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى أخي فخامة الرئيس رامافوزا على جهده المقدر في التعامل طوال الفترة الماضية مع ملف جائحة كورونا، سعيًا إلى التخفيف من آثارها، ومحاولة توفير اللقاحات لدول القارة.
وأرحب كذلك بأعضاء هيئة مكتبنا الموقر في أول اجتماع بشكله الجديد، تحت قيادة الرئيس تشيسكيدي، ولا يفوتني في هذا المحفل أن أتوجه بالتهنئة إلى أخي موسى فقيه على توليه رئاسة مفوضية الاتحاد لولاية ثانية، وهو ما ينم عن ثقة الدول الأعضاء في قيادته الحكيمة للنهوض بأجندتنا الإفريقية المشتركة.
واسمحوا لي أيضًا أن أخص بالشكر فخامة الرئيس تشيسكيدي على الدعوة الكريمة لهذا الاجتماع المهم لمواصلة جهودنا المشتركة للتعامل مع تأثيرات وتبعات فيروس كورونا، بما يفرضه من تحد ضخم وتهديد غير مسبوق للنظم الصحية وللسلم والأمن والتنمية، إقليميًا ودوليًا، على حد سواء.
كما أرحب بمشاركة الرئيس إيمانويل ماكرون، واهتمامه بمواصلة التنسيق معنا لدعم جهود الأنظمة الصحية والطبية في إفريقيا لمكافحة الجائحة، وإتاحة الفرصة للدول الإفريقية للحصول على لقاحات فيروس كورونا بشكل منصف وعادل، وبعيدًا عن أي اعتبارات سياسية، خصوصًا قبيل انعقاد قمة مجموعة الدول الصناعية السبع، مما يعطي هذا الاجتماع أهمية متزايدة في ضوء الحاجة الملحة والضرورية لحشد التمويل الدولي والدعم اللوجيستي لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية المترتبة على فيروس كورونا، وضرورة مراعاة الظروف الخاصة التي تواجه الدول الإفريقية، والتركيز على أولويات محددة فعالة، تخدم احتياجات القارة بشكل سريع وفي إطار مؤسسي شامل، تحت مظلتنا الإفريقية الجامعة.
السادة أصحاب الفخامة،
لقد أصبحت التحديات التي تفرضها علينا جائحة كورونا واقعًا نعيشه يوميًا، يؤثر على جهودنا الدؤوبة لدفع قاطرة العمل الإفريقي المشترك، فليست ثمة شك فيما باتت تمثله تلك الجائحة من تحد كبير أمام قارتنا الإفريقية، بما يستوجب المزيد من التضامن والتكاتف بين شعوبنا وحكوماتنا، من أجل السيطرة على انتشارها، والحد من تداعياتها السلبية، وهو الأمر الذي لن يتأتى حدوثه دون التنسيق المتبادل، وتسخير كافة الطاقات لإيجاد حلول وتركيبات فعالة ومبتكرة، تتيح تجاوز صعوبة الظروف الحالية، وتؤسس استراتيجية فاعلة للقضاء على الجائحة، وتوفير اللقاحات الخاصة بها، إذ أن القضاء على هذا الوباء، لن ينتهي إلا بتوفير اللقاح لكافة الشعوب.
لقد كشفت تلك الجائحة ضرورة الربط بين عدالة توزيع اللقاحات، وقضية تعزيز النظم الصحية، حيث أظهرت مدى التباين بين النظم الصحية في جميع دول العالم، بتفاوت درجاتها، ليبقى العنصر الحاسم هو القدرة على التعافي، واستعادة التوازن المطلوب لتمكين النظم الصحية من الاضطلاع بدورها في رعاية الصحة العامة، وانعكاس ذلك على تحقيق التعافي الاقتصادي المحلي والإقليمي والعالمي. ويرتبط ذلك بدوره بالإمكانات المتوفرة، ليس فقط داخل كل دولة، ولكن أيضًا بصورة عابرة للحدود.
ومن هذا المنطلق، فإنني أود التأكيد على ضرورة تركيز نقاشنا على النقاط التالية:
أولًا: أهمية ضمان حصول القارة الإفريقية على حصة كافية من اللقاحات، وبأسعار تفضيلية، تلبي احتياجات شعوبنا، مع استمرار المشاورات مع الشركات العالمية المطورة للقاحات، للتعاون في إنتاج تلك اللقاحات على المستوى القاري.
فلقد أظهرت الجائحة أثر الإشكاليات المرتبطة بقدرات الإنتاج على المسائل الخاصة بالتوزيع العادل للأدوية واللقاحات، بما يؤكد حتمية تعزيز قدرات الإنتاج المحلي لتمكين الدول من مواجهة أي طوارئ صحية، ويفتح ذلك المجال لنقاش جاد حول قضايا نقل وتوطين التكنولوجيا في قطاع الصحة.
ثانيًا: ضرورة إيجاد إطار قاري للحصول على التراخيص الخاصة بإنتاج اللقاح وتوزيعه، وكذلك توفير مصادر التمويل اللازمة لذلك.
ثالثًا: أهمية العمل على تعزيز دور المؤسسات الصحية الوطنية، لعلاج الأمراض المعدية، وغير المعدية، ودعم آليات البحث العلمي في قطاعات الرعاية الصحية، سعيا لتطوير عمليات الإنتاج المحلي للقاحات، والمنتجات الدوائية، ومستلزمات التشخيص، وتعزيز الاستثمار في القوة العاملة البشرية في القطاع الصحي.
رابعًا: إنه على الرغم من مساعي أطراف عدة لإيجاد آليات توفير اللقاحات والعلاجات، وغيرها من منتجات طبية لمواجهة الجائحة، إلا أن العالم يشهد تنافسًا حول النفاذ إلى اللقاحات التي تم تطويرها بصورة طارئة لمواجهة الجائحة، بما يشير إلى خطورة أبعاد هذا العلاقة الترابطية.
أصحاب الفخامة،
رؤساء الدول والحكومات،
إن مصر تثمِّن كافة المبادرات الرامية لتأمين التوزيع العادل للقاحات على كافة دول العالم، بالقدر والتوقيت المناسبين، وندرك حجم الجهد المبذول في هذا المضمار، لاسيما تحت مظلة مجموعة العمل الإفريقية المعنية بتوفير اللقاح لدول القارة.
وكذلك منظومة تأثير إتاحة اللقاحات، المعروفة اختصارا بـ كوفاكس، والتي جاءت كثمرة للتعاون الدولي، ولجهود متعددة الأطراف للتغلب على الجائحة، عن طريق تأمين مساعي ضمان استفادة الجميع من اللقاحات التي تم التوصل إليها بشكل عادل ومنصف.
ونبرز هنا أهمية التكاتف والتضامن الدوليين للعمل على سد الفجوة التمويلية، تجنبا لمزيد من التأخير في إتاحة اللقاحات، وعدالة توزيعها بالحجم والتوقيت الملائمين، وبما يتيح تسريع عملية التعافي العالمي.
في الختام، أود التأكيد على أن مصر لن تدخر جهدا نحو تسخير كافة إمكانياتها لمساندة أشقائها الأفارقة من أجل الحصول على لقاحات فيروس كورونا، أخذا في الاعتبار الخبرات والإمكانيات المصرية التي ستعزز من استراتيجية الاتحاد الإفريقي للحصول على اللقاح، وذلك سعيًا للقضاء نهائيًا على تلك الجائحة، وتداعياتها السلبية، ولنضع دائمًا نصب أعيننا تطلعات وآمال شعوبنا الإفريقية التي تعول علينا في توفير اللقاح بما يساهم في دفع عجلة التنمية بوتيرتها الطبيعية، بغية تحقيق التقدم الذي تصبو إليه قارتنا الإفريقية.
أشكركم على حسن الاستماع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
...
ألقيت الكلمة عبر تقنية الفيديو كونفرانس، بحضور فليكس تشيسكيدي رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية ورئيس الاتحاد الإفريقي، وإيمانويل ماكرون رئيس فرنسا، وموسى فقيه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، وسيرل رامافوزا رئيس جنوب إفريقيا.
...
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط