بسم الله الرحمن الرحيم،
فخامة الرئيس نيكوس أنستسيادس، رئيس جمهورية قبرص،
دولة رئيس الوزراء كرياكوس ميساتوكيس، رئيس وزراء الجمهورية اليونانية،
السيدات والسادة، الحضور،
يسعدني أن أتواجد معكم في هذا البلد الصديق، ويطيب لي توجيه الشكر لصديقي العزيز، فخامة الرئيس أنسيادس على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، فضلا عن حسن إدارة فعاليات اجتماعنا الثامن لقمة التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان، والذي، والذي يتزامن هذا العام مع احتفالنا بالذكرى ال60 لتدشين العلاقات الدبلوماسية بين مصر وقبرص عام 1960.
وأؤكد مجددا اليوم على ما تمثله آلية التعاون الثلاثي، منذ تدشينها عام 2014 بالقاهرة، من محفل استراتيجي لتبادل الرؤى حول سبل تطوير علاقات التعاون فيما بين دولنا الثلاث، والارتقاء بها على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، وتنسيق المواقف حيال القضايا ذات الأولوية إقليميا ودوليا، سعيا لتعظيم المصالح المتبادلة بيننا، وتعزيز الاستفادة من الفرص المتاحة، وبما يسهم في التصدي للتحديات الراهنة التي تواجه أمننا القومي.
لقد أسهمت تلك الآلية في الاتفاق على مشروعات للتعاون في قطاعات الزراعة، والنقل، والسياحة، والطاقة، انطلاقا من حرصنا المتبادل على الاستفادة القصوى مما تحظى به دولنا من إمكانيات وموارد، تؤهلها لتحقيق تطلعات شعوبها نحو مزيد من الرفاهية والرخاء.
واتساقا مع ما تقدم، وقعت دولنا الثلاث إلى جانب شركائنا في شرق المتوسط، على الميثاق التأسيسي لمنتدى غاز شرق المتوسط، الذي لا يمثل فقط نموذجا لتشجيع التعاون الإقليمي والحفاظ على الاستقرار بالمنطقة، وإنما يعد إطارا للتوافق على محددات ومشروعات مشتركة في مجال الغاز، لتوظيف الثروات الهائلة في شرق المتوسط من أجل تحقيق المنافع المتبادلة، مع احتفاظ كل دولة بحقوقها السيادية، واتصالا بتلك الثروات.
ومن هذا المنطلق، تنفرد آليتنا للتعاون الثلاثي بكونها قدمت نموذجين ناجحين لتعيين الحدود البحرية، استنادا لقواعد القانون الدولي، وبنود اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، حيث وقعت مصر مع كل من قبرص واليونان اتفاقيتين في هذا المجال، وهو ما يعكس الإرادة السياسية المشتركة الهادفة إلى الاستفادة من الثروات المتاحة، خاصة احتياطات النفط والغاز الواعدة، وفتح آفاق جديدة لمزيد من التعاون الإقليمي بمجال الطاقة.
السيدات والسادة،
لقد شهد اجتماعنا اليوم مناقشات بناءة، عكست توافقا في الرؤى حول التطورات الإقليمية والدولية، وبالأخص في منطقة شرق المتوسط، في ضوء السياسات الاستفزازية المتمثلة في انتهاكات قواعد القانون الدولي، والتهديد باستخدام القوة المسلحة، والتعدي على الحقوق السيادية لدول الجوار، ودعم التطرف والإرهاب، ونقل المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاعات، واتفقنا على ضرورة التصدي لتلك السياسات التصعيدية التي تزعزع استقرار المنطقة، بالإضافة إلى التنسيق مع الشركاء الدوليين لاتخاذ ما يكفل من إجراءات للحفاظ على متطلبات الأمن القومي.. على متطلبات الأمن الإقليمي.
وفي هذا السياق، جددنا دعمنا لمساعي جمهورية قبرص، الرامية، لإيجاد تسوية شاملة ودائمة للقضية القبرصية، استنادا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، على نحو يؤدى إلى إعادة توحيد شطري الجزيرة مرة أخرى. وتناولت محادثاتنا مختلف جوانب وتطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث اتفقنا على ضرورة استمرار الجهود لتسوية القضية الفلسطينية على أساس مقررات الشرعية الدولية، وكذا أهمية إنهاء حالة الجمود الراهنة، واستئناف المفاوضات سعيا لتحقيق هذا الهدف المنشود.
واستعرضنا الوضع في سوريا، وأشرنا إلى أن استئناف الحوار بين كافة الأطراف على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 يمثل المرجعية الرئيسية للتسوية السياسية وعناصرها، وأعربنا عن إداناتنا لأي تواجد عسكري غير مشروع على الأراضي السورية، أو مساع لتغيير التركيبة السكانية بمناطق الشمال السوري، وجددنا التأكيد على دعم وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية.
من جهة أخرى، أكدنا على ضرورة مضاعفة الجهود لمكافحة ظاهرة الإرهاب، بكل حسم، وعدم التسامح مع الدول والكيانات الداعمة له، تسليحا وتمويلا وتدريبا، مع انتهاج مقاربة شاملة لمعالجة كافة الجذور والأسباب المؤدية له، وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته في مواجهة من يرعى الإرهاب، ويوفر له الملاذ الآمن ومختلف أوجه الدعم.
هذا، وقد أشادت القمة بالجهود المصرية لمواجهة، لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، واستضافة أكثر من 5 ملايين لاجئ يتمتعون بكافة الحقوق والخدمات الأساسية المتاحة للمواطنين المصريين، ووقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من سواحلها، من سواحلها منذ عام 2016، اعتمادا على قدراتها الذاتية، وانطلاقا من مسؤوليتها الأخلاقية، خاصة وأن مصر لم تلجأ في أية مرحلة لاستخدام هذه المسألة كأداة للتفاوض، أو الابتزاز مع شركائها الأوروبيين لتحقيق استفادة مادية أو سياسية.
وفى الختام، أود أن أعرب عن تقديري لفخامة الرئيس وصديقي العزيز دولة الرئيس القبرصي، ودولة رئيس الوزراء اليوناني على هذه المحادثات البناءة التي جرت في إطار من المودة والصراحة، وأتطلع إلى اجتماعنا العام القادم في الجمهورية اليونانية الصديقة. وشكرا.
ألقيت الكلمة في العاصمة القبرصية نيقوسيا، بحضور الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس.
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط