لو قاعد بتشرب قهوة في البلكونة ولسه جاي تشوف الماتش، أحب أقولك إن الماتش ده تروح تشوفه على يوتيوب، بتعليق يوسف سيف كمان، واللي قاعد في ليالي العزل المنزلي الجميل وبيسأل عن أخبار الكورة في مصر، أحب أقولك إن النجيلة في ستاد القاهرة بقت أطول منك، والمدرجات زي ما هي من غير جماهير بس كمان من غير أمن، ولو بصيت على شمال العزل هتلاقي اللعيبة على تيكتوك والمدربين على التلفزيون، هتسألني وتقولي يا كابتن بكر؟ طب وإحنا فين؟ الجماهير يا كابتن؟ هقولك إنت زي ما إنت يا ابني شاهد مشفش حاجة.
شكرًا لكم أعزائي المشاهدين، دلوقتي هنروح للتقرير التحليلي مع الكباتن الأعزاء عشان نعرف حال مصر مع الكورة في زمن الكورونا.
فتش في دفاترك القديمة
لو أن الأمور جرت في مسارها الطبيعي ولم يهاجم فيروس كورونا العالم، لاختلفت الأجواء الرياضية بالطبع. في الصباح سنتابع أخبار تدريبات الأندية المصرية واستعداداتها لمباريات الدوري، تليها في منتصف اليوم مباراة الاهلي وطلائع الجيش بنقل تلفزيوني مبهر وتحكيم مصري خالص و90 دقيقة من المتعة أو تضييع الوقت، ونختتم يومنا السعيد بسهرة كروية رائعة بصحبة مدحت شلبي وضيوفه الكرام، حتى مطلع الفجر أو انقطاع البث لعطل تقني أيهما أقرب.
ولكن الآن حُرمنا من ذلك كله، وأصبحت هذه التفاصيل أشياء نتمنى عودتها من جديد، لدرجة تقديم الوعود والعهود لـ "شلبوكة" بالاستمرار في مشاهدته حتى نصاب بالملل قبل أن يصاب هو بالإجهاد. ولكن في وسط هذا الجفاف الرياضي، كان لسيف زاهر ورفاقه كان رأي آخر، أضاف بعض الحيوية على المشهد الإعلامي الرياضي في مصر.
"لو رجع بيك الزمن تاني كنت رحلت عن الأهلي يا حضري؟".
يفتش الإعلام الرياضي في دفاتره القديمة ليملأ ساعات البث التلفزيوني وتستمر المشاهدات وتبقى الإعلانات التجارية بلا تأثر. السؤال السابق وجهه الإعلامي سيف زاهر في برنامجه ملعب on time، للحارس الأسطوري عصام الحضري، الذي هرب من النادي الاهلي عام 2008 إلى نادي سيون السويسري.
بالطبع أجاب الحارس كما رد على السؤال نفسه على مدار سنوات خلت، فلا جديد يقال، كما لا يعلم سيف زاهر. ولكن ليحدث المراد ونجد ما نملأ به وقت الحلقة المديد، يفتح مقدم البرنامج العديد من القصص القديمة التي تحفظها جماهير الكرة المصرية، كخلافات الحضري مع حراس المنتخب أحمد الشناوي وشريف إكرامي، وقصص السحر المثارة منذ قديم الأزل، وعلى الهامش يحكي الحارس عن تجربته القصيرة في نادي الزمالك، والتي استمرت أربعة أشهر فقط، شارك فيها في أربع مباريات استقبلت فيها شباكه العديد من الأهداف.
"اتمنى الفترة دي تتمسح من تاريخي"، يصرح الحضري بعفويته المعهودة، ليمنح مقدم البرنامج ورفاقه ضالتهم؛ غضبت جماهير الزمالك وانطلقت موجة السباب على وسائل التواصل المتنوعة. لاحقًا، يخرج الحارس بصحبة طارق حامد لاعب الزمالك معتذرًا عن تصريحه غير المقصود. تهدأ الأمور قليلًا، ويسعد مقدم البرنامج، والقناة وشركات الرعاية، ويحاسب الجمهور دائما على "المشاريب".
تلك الخلطة الإعلامية التجارية، ليست حكرًا على برامج الإعلام الرياضي، أغلب مقدمي البرامج يبحثون عن الإثارة والمواضيع الساخنة، التي تجذب أكبر عدد من المشاهدين. "الإثارة إثارة، والإثارة شطارة.. وأنا شاطر في الإثارة.. نعم أحيانا ألجأ لصناعة اشتباكات مع شخصيات مثيرة، وأضيف شوية توابل"، اختار الإعلامي تامر أمين أن يخبرنا بعض أسرار خلطته الإعلامية لصناعة الإثارة، في حواره الصحفي مع اليوم السابع.
"لو أنت رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم.. هتعمل إيه؟"، سؤال مكرر في الوسط الرياضي، صدر هذه المرة من الإعلامي الشاب إبراهيم فايق مقدم برنامج جمهور التالتة. الأمور تسير في نطاقها المتعارف عليه، بقي أن نتعرف فقط على الضيف الذي باغته المذيع بهذا السؤال. قد تتخيل أنه حسام غالي مدير الكرة بنادي وادي دجلة، أو أحمد حسن لاعب المنتخب السابق، ربما يصل بك الأمر إلى حد تخيل المشاكس إبراهيم سعيد، لكن السؤال كان موجهًا للفنان بيومي فؤاد.
حيث لجأت بعض البرامج الرياضية للاستعانة بنجوم الفن لتعويض حالة الركود في الأحداث الرياضية المصرية جراء تفشي وباء كورونا، فالبرنامج نفسه استضاف الفنان احمد فهمي، مع قليل من المداخلات لبعض الفنانين، من بينهم أحمد مكي.
تريكة وشيكا: انتبه.. الزمن يرجع إلى الخلف
يعيش الكوكب، وليس مصر وحدها، ظروفًا استثنائية ربما لم تحدث من زمن بعيد. يقف العالم عاجزًا أمام هذا الفيروس اللعين الذي يضع قدمًا في آسيا وأخرى في أوروبا، ويضم بقية العالم بين يديه. آلاف الإصابات والوفيات يوميًا، حالة من القلق والذعر تجتاح البشرية هنا وهناك.
هنا، يخرج السؤال الصعب من قلب وسائل التواصل الاجتماعي في مصر. ليس سؤالًا عن موعد اختراع مصل القضاء على الفيروس، ولا عن كيفية الحياة بعد كورونا. المسألة أصعب من ذلك. تتساءل شريحة كبيرة من المصريين في الأيام الماضية، عن الأفضل بين محمد أبو تريكة لاعب الاهلي المعتزل منذ 6 سنوات، ومحمود عبدالرازق شيكابالا الذي يعيش أيامه الأخيرة في الملاعب بعد أن بلغ عمره 34 سنة.
دارت رحى المعركة الإلكترونية بين جماهير الكرة المصرية، مع الاستعانة بأرقام من هنا وهناك، توضح أعداد الأهداف التي أحرزها كل لاعب مع ناديه ومع منتخب مصر الأول. ستشعر -عزيزي القارئ- أن الزمن عاد بك إلى الخلف لأكثر من عشر سنوات على الأقل. جماهير الزمالك ترى أن الكفة تميل لفتاهم المدلل صاحب اللمسات السحرية، وجماهير الأهلي ترى أنه لا مجال للمقارنة أساسا، فمكانه تريكة محفوظة في صدر كتاب تاريخ الكرة المصرية. أما الفيروس فينظر مبتسمًا إلى الجمع وهو يقول؛ العبوا مع بعض يا ولاد، ده لو لحقتوا يعني.
حالة التباين الكبيرة بين رؤية جماهير الكرة المصرية للأحداث والأشخاص، ربما يفسرها عالم الاجتماع الفرنسي، جوستاف لوبون في كتابه سيكولوجية الجماهير، إذ يقول إن "الجمهور يفكر عن طريق الصور، والصور المتشكلة في ذهنه تثير بدورها سلسلة من الصور الأخرى بدون أي علاقة منطقية مع الأولى والعقل يبين لنا عدم تماسك تلك الصور، ولكن الجمهور لا يرى ذلك. فالواقع أنه يخلط بين التضخيم الذي يلحقه بالحدث وبين الحدث ذاته وبما أنه غير قادر على التمييز بين الذاتي والموضوعي، فإنه يعتبر الصورة المثارة قي خياله بمثابة الواقعية والحقيقية".
بقعة ضوء: تحديات خيرية
ولكن على هامش ضجيج الإعلام وجدليات السوشيال ميديا، ثمة بقعة ضوء زينت المشهد في أيامه الأولى.
"اتفقت على إطلاقها، من أجل تشجيع أكبر عدد ممكن من نجوم الكرة المصرية، على دعم الاسر المحتاجة، التي توقفت عن العمل، وجلست في بيوتها حاليا، للحد من انتشار فيروس كورونا، لاعبو كرة القدم يسعون في الخير دائما". هكذا أطلق مدافع الأهلي سعد سمير مبادرته تحدي الخير، بالتعاون مع جمعية رسالة للأعمال الخيرية.
تفاعل مع المبادرة الكثير من لاعبي كرة القدم المصريين مثل وليد سليمان ومحمود علاء ومحمود جنش وغيرهم، حيث تسابقوا في الإعلان عن كفالة عدد من الأسر خلال فترة الأزمة التي أوجبت على الكثيرين البقاء في منازلهم ما أدى إلى قطع أرزاقهم، وتحدي مجموعة من زملائهم للمشاركة، بينما أهدت مؤسسة محمد صلاح الخيرية آلاف الأطنان من السلع الغذائية لقرية نجريج، مسقط رأس جناح ليفربول وهداف الدوري الإنجليزي في موسميه السابقين.