صفحة مجلس الوزراء، فيسبوك
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في جولة تفقدية في 27 أبريل 2020

بالتزامن مع غضب رجال الأعمال: تحولات خطة حكومية من "خليك في البيت" إلى "عودوا لأعمالكم"

منشور الأربعاء 29 أبريل 2020

أثارت تسجيلات مصورة لمواطنين يطوفون شوارع الإسكندرية حاملين مجسمًا للكعبة قبيل أذان الفجر في أول أيام رمضان، الكثير من الاستنكار والغضب والسخرية، باعتبارها خرقًا لا مبرر له لإجراءات الوقاية من فيروس كورونا، والتي من بينها منع التجمعات وحظر التجول في ساعات الليل. 

ولكن ما حدث في الإسكندرية، من تجمعات بشرية كثيفة خلال ساعات حظر التجول، لم يكن استثناءً، إذ سبقته وتلته تجمعات مماثلة أظهرت خرق مواطنين لهذه الإجراءات والتدابير الاحترازية، من صور تظهر ازدحامًا في مجمعات التسوق (المولات) والحدائق وبعض الأماكن العامة وأماكن العمل والمواصلات، أثارت بدورها انقسامًا وجدلًا كبيرًا.

هذا التناقض لم يقتصر فقط على المواطنين، إذ سبقتهم إليه سلطتهم والتي بعد أن وجهت رسائل بقرارات وتدابير احترازية واضحة في بداية الجائحة، سرعان ما بدأت في الدعوة لاستئناف تدوير عجلة الإنتاج و"مواصلة الجهد في كل مواقع العمل للانتهاء من تنفيذ كافة المشروعات القومية وبأسرع وقت" بحسب رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في اتساق مع اتجاه تبناه ودعا إليه رجال أعمال.

"خليك في البيت"

خرج رئيس الوزراء ليدعو المواطنين لمواصلة العمل و"التعايش" مع كورونا، بينما كان وزراء في حكومته ما يزالون ماضين في إجراءات معاكسة لتشجيع المواطنين على التزام منازلهم، ومن  بينهم وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، التي أعلنت اتخاذ إجراءات في شهر رمضان، تمثّلت في تقديم فعاليات بين أنشطة ومسابقات عبر يوتيوب، في إطار مبادرتها "خليك في البيت.. الثقافة بين إيديك".

الالتزام بالإجراءات كان الاتجاه الذي تبنته حتى المؤسسات الدينية الرسمية ومنها دار الإفتاء، التي طالبت المصريين في شهر رمضان بالصلاة في المنازل وتجنب "العزومات" وقاية من الفيروس.

أبرز الجهات التي تتعامل مع تداعيات الوباء هما وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، وقد صدر قرار باستبدال الأبحاث بما كان مقررًا على الطلاب من امتحانات، وكذلك وزارة الصحة التي لم تكتف بمتابعة تطوارت انتشار كورونا، بل وأعلنت توفير خدمات للمواطنين دون اضطرار للتجمع، ومن بينها تخصيص الأمانة العامة للصحة النفسية خطوطًا ساخنة تقدّم الدعم النفسي للمواطنين المتواجدين بالمنازل خلال هذه الفترة.

خدمة الدعم النفسي التي أعلنت عنها وزارة الصحة- الصورة: صفحة الوزارة على فيسبوك

الإجراءات المكافحة لكورونا لم تغب أيضًا عن السلطة التشريعية، إذ وافق مجلس النواب في 21 أبريل/ نيسان الجاري على قواعد مالية للتعامل مع تداعيات كورونا، تمثلت في تسهيلات نقدية فيما يتعلق بسداد بعض الرسوم والضرائب.

كل ما سبق كان متسقًا مع وضوح اتسم به أداء الحكومة في البداية، حين أعلنت في 16 مارس/ أذار عدد من القرارات التي اتخذتها في إطار مواجهتها لكورونا، وكان من بينها "تعليق حركة الطيران اعتبارًا من يوم الخميس 19 حتى يوم 31 مارس، وتخفيض عدد العاملين في أجهزة الدولة والمصالح الحكومية، باستثناء التي تقدم خدمات استراتيجية".

في ذلك اليوم أكد مدبولي أن هذه القرارات سيكون لها تبعات اقتصادية وخسائر للدولة، قدّرها بالنسبة للشركة الوطنية فيما يخص تعليق حركة الطيران بما يتجاوز 2 وربع مليار جنيه خسائر، قائلاً إن "الحكومة ستتحملها عن نفس راضية في سبيل الحفاظ على أرواح المواطنين".

تفاعل الرئيس عبد الفتاح السيسي مع هذه الإجراءات، إذ أشاد بها في 22 مارس، حين قال في كلمة أمام أعضاء بالحكومة إنها ستكون ذات تأثير اقتصادي، واستدرك "أقل تداعي نتمناه هو إن إحنا نخرج من هذه الأزمة بأقل ضرر، الضرر هنا مش اقتصادي، لا لا، شعبنا غالي علينا، أهلنا غاليين علينا"، مناشدًا الشعب الالتزام، ومعلنًا حزمة من الإجراءات الاقتصادية لمواجهتها وكذلك تسهيلات لقطاع الصناعة. 

استمر تفاعل الرئيس مع هذه الإجراءات، إذ علّق عليها في 31 مارس عبر حسابه على تويتر، وكتب "على ضوء متابعتى على مدار الساعة لكافة الجهود والإجراءات المتبعة لمواجهة انتشار فيروس الكورونا.. أجد أن ما تحقق حتى الآن جيد ويدعو للاطمئنان وهذا وإن دل فهو يدل على جدية وتكاتف كافة أجهزة الدولة والمواطنين"، مهيبًا بالجميع "الاستمرار بجدية وحزم في تنفيذ هذه الإجراءات".

هجوم "الملياردير"

بعد قرابة أسبوع من إقرار الحظر وغيره من التدابير، خرج رجال أعمال يطالبون بـ"استثناء بعض الصناعات من الحظر"، لكن بعد أسبوعين تحولت المطالب لاعتراضات كان أبرزها ما جاء في تصريحات الملياردير حسين صبور، الذي أكد رفضه الإجراءات الاحترازية التي تهدف إلى حماية المواطنين، مؤكدًا على أن حماية الاقتصاد والأعمال أهم من الحفاظ على أرواح المواطنين أو حماية القطاع الطبي من الانهيار مع زيادة أعداد المصابين. 

في ذلك الحوار المنشور بتاريخ 4 أبريل، انتقد صبّور فرض الحكومة حظر التجول لأسبوعين، وشدد على أهمية عودة العمل بصورة طبيعية، بقوله "من بكرة. ما نستناش أسبوعين، نستنى أسبوعين ليه؟ الأسبوعين دول احنا ألفناهم ليه؟ ابدأ فورًا، افتح الوظائف. كل الصناعات هتقف لو مش هستعملها. لو ما استعملتهاش بقول للصناعة فلسي يا صناعة".

الاعتراضات لم تأت من صبّور وحده، إذ سبقه في الهجوم على التدابير الاحترازية، رجل أعمال آخر هو الملياردير رؤوف غبّور الذي قال يوم 3 أبريل في تصريحات إعلامية "الحرص على سلامة الناس شيء مهم جدا، ولكن لا بد أن تعود الحياة، وهناك معادلة صعبة في الوقت الحالي هي لو استمر الناس في المنازل بالطبع سيقل عدد الإصابات، ولكن سينتج عن هذا الإجراء ضرر اقتصادي كبير، وستنتشر السرقات".

في تصريحاته تلك، والتي أثنى عليها زميله صبّور، أكد غبّور أنه لا يمكنه التبرع لضحايا كورونا في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وقال"المثل بيقول اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع. ابقى أنا محتاج فلوس وحد يقولي تعالى اتبرع؟ طبعا آسف مش هينفع".

قبل هجمتي صبّور وغبّور، كان لرجل اﻷعمال نجيب ساويرس تصريحات حثّت على عودة العمل، إذ حذّر في 29 مارس الماضي، من أن "تمديد فترة الحظر ستسبب انهيارًا للاقتصاد. وأن القطاع الخاص سيُفلس إذا استمر في دفع المرتبات دون وجود إنتاج"، والحكومة المصرية "لن تستطيع تعويض الجميع عن فقدهم لمصدر رزقهم؛ ما سيؤدي إلى تحول هؤلاء للجريمة أو الانتحار". وبناءً على ما يراه من "مخاطر"؛ اقترح ساويرس أن "يعود العمال تدريجيًا لأشغالهم، أو أن يبيتوا في المصانع".

عقب كل هذه التصريحات، وفي 5 أبريل، طالبت جمعية رجال الأعمال الحكومة بإلغاء الضرائب والرسوم والتأمينات عن المصانع والشركات في قطاعات اقتصادية مختلفة، وذلك لفترة محددة حتى انتهاء جائحة كورونا "لاسيما وأن القطاع الخاص أكد عزمه الاحتفاظ بالعمالة وسداد كافة الالتزامات تجاهم لأطول مدة ممكنة".

مناشدات حكومية

تصريحات الرجلين أتت على الرغم من إعلان الحكومة في 2 أبريل أن قرارها فيما يتعلق بالعمل من المنزل أو تخفيض العمالة لمواجهة كورونا "ليس ملزمًا لشركات القطاع الخاص، بل العام"، ودونما استجابة منهما لمناشدة وجهها المتحدث باسم الحكومة لرجال اﻷعمال، طالبهم خلالها بـ"الالتزام بروح قرار رئيس الوزراء".

في مقابل المناشدة الحكومية المصرية، قررت حكومة دولة أخرى هي المملكة العربية السعودية اتخاذ إجراء تجاه القطاع الخاص، تمثّل في أن تتحمل 60% من رواتب موظفي القطاع الخاص السعوديين، وبقيمة إجمالية تصل إلى 9 مليارات ريال.

استمر تفاعل الرئاسة مع كورونا ومستجداتها، كما بدا في حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي في 7 أبريل، والذي انتقد فيه عدم الالتزام بإجراءات الأمان من جانب المواطنين في غير أوقات الحظر، قائلاً "أنا بتكلم عن الوقت اللي مافيش فيه حظر، اللي إحنا بنسمح فيه بالحركة، لأن إحنا مش عايزين ناخد إجراء أكثر حدة عليكم، مش عايزين نعمل، نضيق توقيتات الحركة، عشان كمان حياتنا ماتتوقفش، حياتنا ماتتوقفش".

لكنه أيضًَا وفي ذلك الحديث الذي جاء خلال تفقده عناصر ومعدات وأطقم القوات المسلحة لمعاونة القطاع المدني في مكافحة فيروس كورونا، بعد يومين من "غضبة" رجلي الأعمال صبور وغبور، قال الرئيس "أنا مش مع إن إحنا نعطل عمل الدولة المصرية ونوقف الحياة كاملة، لا ده خطير، خطير جدا، في ملايين من الناس بتشتغل في الدولة، وإحنا قلنا فيما يخص الدولة نخلي مثلا نخفض الأعداد اللي بتحضر".


اقرأ أيضًا: نص كلمة السيسي عن جهود الدولة في مكافحة فيروس كورونا المستجد 7/4/2020


خلال تلك الفعالية، أعلن الرئيس عن عدة قرارات، كان منها "استمرار العمل بمشروعات المختلفة ذات الصلة بالنشاط السياحي، و الإسراع في بناء 250 ألف وحدة إسكان اجتماعي، وكذا الانتهاء من بناء 100 ألف وحدة إسكان بديل للمساكن المناطق غير الآمنة، و حصر المصانع التي طلبت العمل بنظام الورديات، والتي يشترط التزامها بكافة الإجراءات الاحترازية والوقائية، ومعظم هذه المصانع تعمل في مجال الصناعات الغذائية فيما تم الترتيب لآلية عمل هذه المصانع بكامل طاقتها".

بخصوص تلك النقطة، علّق السيسي بقوله "صدقوني، في دول حافظت على إن المصانع بتاعتها تعمل بكامل طاقتها، بل بالعكس، خلت المصانع دي تعمل 3 ورديات عشان تجابه يعني تأثيرات السلبية على الاقتصاد. وإحنا حريصين على ده، بس مش هانقدر نعمله إلا إذا كنا نضمن تماما إن ده لا يؤثر على أمن وسلامة العاملين وأسرهم".

عودة العمل

في 15 أبريل، قررت مصلحة الشهر العقاري عودة العمل داخل الهيئة العامة للاستثمار وفروعها بأنحاء الجمهورية، وهي الفروع المعنية بتوثيق عقود الاستثمار، باعتباره اختصاص نوعي يتعلق بكل أنشطة المستثمرين، وغير متاح بتلبية أي خدمات للمواطنين.

بعد أسبوع من هذه الخطوة، أعلن رئيس الوزراء استئناف تقديم بعض الخدمات للمواطنين في المحاكم ومكاتب الشهر العقاري، اعتبارًا من يوم الأحد 26 أبريل، وذلك بعد توقف لها ضمن الإجراءات مواجهة كورونا، على أن يكون ما سيتم استئناف تقديمه هو خدمات "عاجلة وضرورية" مثل عقود الإيجار ومحاضر إيداع الوصية أو فتحها وتحرير توكيلات خاصة بـ(صرف المعاش)، كما ستستأنف المحاكم عقد جلسات إعلام الوراثة، وكذلك سيتم استقبال طلبات التراخيص المرورية للمركبات الجديدة.

جميع هذه الخدمات التي ستستأنفها الحكومة الآن، جاءت باعتبارها "إجراءً تمهيديًا، لبدء العودة التدريجية للعمل بعد نهاية شهر رمضان".

لكن العودة للعمل بالطاقة القصوى حدث بالفعل منذ 4 أبريل، فيما يتعلق بشركات قطاع المقاولات التي تضم قُرابة 4 ملايين عامل وفني ومهندس، وذلك بعد اتفاق بينها والحكومة على العودة إلى مواقع العمل الخاصة بها في المشروعات التي يتم تنفيذها وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، مع اتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة.

تلك التدابير أثار عدم التزام البعض بها في مواقع العمل غضب الرئيس في 9 أبريل، عنّف مسؤولين في موقع عمل بسبب عدم ارتداء العمال كمامات، وسأل الضابط على المهندس المدني المسؤول عن الإشراف على العمالة، وقال "أنا لو جيت بكره وملقيتش الناس لابسة الكمامات؛ هتبقى فيه مشكلة كبيرة"، كما طالب أفراد حراسة موكبه بتوزيع كمامات على العمال.

في 23 أبريل، وخلال افتتاح نفق الشهيد أحمد حمدي 2، استنكر الرئيس غياب العمالة عن مواقع العمل، بقوله "جاتلي شكوى إن العمالة مش موجودة. أنا بقول يعني رسالتي للعمالة، إحنا حرصنا على إن إحنا نوفر في كل مواقع العمل المختلفة التأمين اللازم... أي حد عايز يشتغل، من فضلك اطلع عالعاصمة، اطلع على رشيد، اطلع على المنصورة الجديدة، اطلع على العلمين، فيه شغل.... عشان نرجع على معدلات الأرقام اللي إحنا بنتكلم فيها".

.. ودعوة لـ"التعايش" 

في ذلك اليوم نفسه، 23 أبريل، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن مصر "ستضطر إلى التعايش مع الفيروس، كما فعلت بعض دول العالم، وعودة العمل في قطاعات بعينها، تجنبًا لتأثر الاقتصاد، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية صحة المواطنين".

تماشيًا مع حديث رئيس الحكومة عن الحماية، قررت وزارة العدل إلزام المواطنين الراغبين في التردد على المقار التابعة للوزارة بارتداء كمامات وترك مسافة بينهم والموظفين، وفقًا لما ذكره بيان صادر عنها.

"التعايش" الذي تحدّث عنه مدبولي لم يقتصر على بدء عودة العمل في قطاعات بعينها، بل طال أيضًا حظر التجول، الذي أعلن مطلع شهر رمضان تخفيفه ليبدأ في التاسعة مساءً وحتى السادسة صباحًا، وهو التقليل الثاني لساعات حظر التجول، بجانب السماح للمحال التجارية بفتح أبوابها يومي الجمعة والسبت، بعد أن فرضت الإجراءات الاحترازية بإغلاقها في هذين اليومين. 

وكل هذه القرارات، وفقًا لما هو معلن، صدرت بعد اجتماع عقدته لجنة عُليا شكّلتها الحكومة في وقت سابق لمواجهة فيروس كورونا.

بدت أوجه تعايش المواطنين مع الفيروس ومخاطره في عدة صور، سواء بالنسبة لوسائل المواصلات العامة التي عاني مستخدميها من التكدس والزحام لاسيما قبل قليل من بدء ساعات الحظر، أو بعودتهم للعمل والمخاطرة بالاختلاط- خاصة في قطاع الإنشاء- داخل مواقع لا يتوفر فيها مواد التعقيم، أوإجراء فحوص دورية على العاملين، والاكتفاء  فقط بمنح إجازة للمشكوك في حالتهم الصحية، وفقًا لما ورد في شهادات حصلت عليها المنصّة من عُمال في تقرير سابق.


اقرأ أيضًا: العمل مستمر والعجلة تدور: عمالة مواقع الإنشاءات تواجه الوباء ومخاطر التسريح معًا


التعايش الذي اختارته الحكومة المصرية للتعامل مع الفيروس، لم يكن مطروحًا أمام دول مجاورة مثل السعودية، والتي فرضت إجراءات واضحة ومحددة، تمثلت في "تعليق الرحلات الجوية، ومنع الزيارات إلى الحرمين الشريفين ومكة، وفرض شروط للسماح للمواطنين السعوديين بالعودة من خارج المملكة، وتعليق الدروس في مدارس وجامعات السعودية".

بالإضافة لتلك الإجراءات، قررت المملكة "تعليق العمل في جميع الدوائر الحكومية، وإغلاق الأسواق والمجمعات التجارية المغلقة والمفتوحة، عدا الصيدليات والأنشطة الغذائية، وإغلاق صالونات التجميل، ومنع التجمعات في الأماكن العامة المخصصة للتنزه، وتشجيع الشركات والمؤسسات الخاصة والجمعيات الخيرية على تعزيز العمل الإلكتروني عن بعد، وإلزام جميع الشركات والمؤسسات بتطبيق الحجر المنزلي لمدة 14 يوما من تاريخ القدوم لجميع العمالة الوافدة وكذلك من تظهر عليهم أعراض تنفسية من العمالة الموجودة".

.. وتوقعات بالأسوأ

تخفيف الإجراءات الاحترازية قد يوحي بأن اﻷمور تسير في اتجاه إيجابي فيما يتعلق بمعدلات انتشار كورونا، لكن نفس المؤتمر الصحفي الذي شهد إعلان رئيس الوزراء تخفيف بعض الإجراءات الاحترازية، شهد أيضًا تصريحاته التي توقع فيها زيادة أعداد المصابين خلال الفترة المقبلة، بحيث يرتفع متوسط أعدادهم مما كان عليه خلال الأسبوع الثالث من أبريل، والذي كان يتراوح بين 150 و180 حالة يوميًا، ليتجاوز 200 إصابة يوميًا.

لم تمض على توقعات مدبولي أكثر من بضع ساعات لتصدق. فبينما سجّلت وزارة الصحة يوم اﻷربعاء 22 أبريل، أي قبل يوم واحد فقط من التصريحات، 169 إصابة، سجلت في اليوم التالي، وهو يوم المؤتمر الصحفي، 232 إصابة جديدة، ولم يسجل معدل الإصابات اليومية منذ ذلك الحين أقل من مئتي إصابة. 

أعداد المصابين والمتعافين والمتوفين بسبب كورونا ليوم الخميس 23 أبريل - الصورة من وزارة الصحة

التناقض الذي اتسم به تعامل الحكومة لم يقتصر على الإجراءات فحسب، بل طال التصريحات أيضًا، فعلى الرغم مما ذكره مدبولي من ارتفاع الحالات، إلاّ أنه قال أيضًا "طالما نسير في المسار المخطط له، فنحن قادرين على التعامل مع هذه القضية والسيطرة على الأوضاع". لكن، كل ما اتخذته الحكومة من إجراءات تخفف من التدابير الاحترازية، أتي على الرغم مما أعلنته منظمة الصحة العالمية، في 21 أبريل الجاري من أن "تخفيف القيود قبل الأوان؛ قد يؤدي لعودة العدوى".

وعلى الرغم من هذا التحذير، استمر تخفيف القيود بقرار من مدبولي الذي أعلن خلال جولة تفقدية أجراها لأحد المشروعات أن "الحكومة عازمة على المُضي قدمًا بخطوات حثيثة لتعويض الفترة الماضية بسبب تداعيات كورونا وما يقترن بها من اتخاذ إجراءات احترازية"، وأنه "يتعين على الجميع في كل مواقع العمل والإنتاج مواصلة الجهد للانتهاء من تنفيذ كافة المشروعات القومية، وبأسرع وقت".

النظرة الإجمالية لإحصاء الإصابات، تؤكد أيضًا صدق توقعات الحكومة بشأن تصاعدها، وذلك على مدى زمني قصير، إذ بلغت مصر يوم 4 أبريل اﻷلف إصابة، وفي 12 أبريل وصلت للحالة ألفين، أما الحالة 3 آلاف فوصلت لها مصر في 18 أبريل، وذلك قبل 6 أيام فقط من الوصول للحالة 4 آلاف في 24 أبريل.

في يوم 28 أبريل كان إجمالي ما سجلته مصر 5042 إصابة بكورونا، و359 وفاة، في ظل استمرار حظر التجول، وكذلك عودة العودة بصورة لم تأت فقط كتلبية لقرارات الحكومة والرئاسة بضرورة استكمال الإنتاج، فهناك مَن كانت عودتهم لأعمالهم بشركات ومصانع اضطرارية، حتى لا يتعرضون لأضرار اقتصادية أكبر من التي يتعرضون لها بالفعل من تخفيض لرواتبهم بعد هذه اﻷزمة بنسب مختلفة تتخطى الثلث أحيانًا، وفقًا لما وثقته شهادات حصلت عليها المنصّة، ومنهم من كان مبعث اضطراره أنه من بين عمالة غير منتظمة صارت مخيّرة الآن بين انعدام الدخل وبين المخاطرة بالانضمام لقائمة مصابي كورونا.


اقرأ أيضًا: العمالة غير المنتظمة: رفاهية التباعد الاجتماعي وانتظار القدر