* تحذير: هذا الاستعراض يحتوي على حرق لأحداث الحلقة السابعة من الموسم الثالث لمسلسل ريك ومورتي.
هكذا كان النظام مستقرًا. القلعة التي تسيطر عليها نسخ مختلفة من “ريك”، تجدد نخبتها في كل دورة انتخابية. يحفظ النظام ديموقراطيته الشكلية، ويتواطأ المجتمع مع هذا العرض المثير للجماهير، التي تختار بين عدة أشباه من “ريك”، لن تتغير بهم الأوضاع أبدًا.
كل مورتي يحتاج ريك: التواكل ووأد الخيال (التعليم)
استحكم النظام في القلعة منذ زمن، النظام الذي بناه أحد نسخ “ريك” المتطورة، ترسخت به اعتمادية نسخ “مورتي” كلها على وجود نسخ “ريك” في حياتها. “كل مورتي يحتاج إلى ريك”، هكذا يظهر على السبورة خلف المعلم ريك، الذي يردد وراءه مورتي بمختلف تجلياته “فكرة رائعة ريك!” “هذه مغامرة عظيمة!”.
هكذا وُضع التعليم في القلعة بحيث يحفظ تراتبية القوة بين نوعين من المواطنين لا ثالث لهما. هكذا ينشأ كل مورتي على طاعة أي ريك آخر والاعتماد عليه.
ريك البسيط يجدد نفسه: حلوى النخبة (الإعلام)
في محل آخر من القلعة الفضائية، تظهر أعداد كبيرة من ريك تستقل القطار السريع إلى أعمالهم الروتينية البائسة وتحتسي الخمور الرديئة، بينما يظهر على الجانب الآخر أحد أثرياء ريك، يتجرع كأس مشروب فاخر داخل سيارته/ الطائرة ويسبق كل القطارات بسعادة. تقابل بؤس الناظرين إليه من خلف الزجاج، وهم يفتقدون حريتهم.
في أحد المصانع، يصطف العشرات من نسخ ريك وهم يتابعون العمل على الآلات بشكل ميكانيكي يستخف بقدراتهم الحقيقية، يصنعون بسكويت “ريك البسيط” التي تم تطويرها لكي تحاكي عقل ريك الذي لا يفكر في شئ غير ملذاته اليومية المتكررة، ويرضى بها كل الرضا.
بعدما يلقي أحد المدراء خطابًا عن ترقيات المديرين والمدير الجديد للعمال، يسألهم إذا كان لدى أحدهم أسئلة، ويرد بالشكر ويمضي لمكتبه رغم أن أحد العمال رفع يده.
هكذا تحافظ النخبة على مكانها، بتضليل آلاف النسخ الأخرى من ريك عن قدراتهم الكامنة، فتعيد إنتاج المعاني ذاتها في العقول، وتحفظ للتراتبية السياسية والاجتماعية تماسكها. أين وجدت هذا البسكويت من قبل؟
أخبرونا أننا مميزون ثم جردونا من كل ما يميزنا (العمل)
الريك الذي رفع يده بالسؤال، لم يعد يطيق وضعه المستمر بلا أمل. اتخذ قرارًا بأن يغير هذا الوضع بيده، لأنه لم يستطع التغيير بلسانه، فصعد لمدير العمال الذي تجاهله، فقتله، ثم هرب إلى غرفة صناعة الفكرة البسيطة، حيث يجلس “ريك البسيط” مثبتة في رأسه أجهزة لاستخراج الفكرة وتحويلها إلى مذاق، ثم إعادتها لتتكرر على شاشة دماغه من جديد.
يحاول ريك الثائر إيقاظ ريك البسيط ليخبره فيصرخ فيه “حياتك كذبة!” وحيث تحاصره قوات الأمن من كل اتجاه يصرخ فيهم “حياتكم جميعاً كذبة! ألا تفهمون؟ أخبرونا أننا مميزون لأننا نسخ ريك، لكنهم جردونا من كل شئ يميزنا”.
رد رجال الأمن عليه بأنهم يتعاملون على أساس العدل، وسألوه عن مطالبه، فأجابهم بحاجته لمسدس انتقال آني، يفتح له بوابة الخروج من هذا السجن إلى زمنه حيث سينعم بالحرية وسيمارس مواهبه العقلية التي ستنتج قيم حقيقية تفيد العلم والتقدم بدلاً من الهدر والركود. عندما يدفع ريك الثائر ريك البسيط في بوابة الخروج التي فتحها المسدس، سنعرف أنها بوابة بعد الخلاط التي تقطع كل من يدخلها.
طعم الحرية: أو كيف يتحرر الثائر (باب الخروج)
علم الإعلام بالأمر، وأخبر المراسل الإعلامي “يقول الثائر إن القلعة كذبة مبنية على أكاذيب وكل هذا الهراء، وأنا أقول: قدروا حياتكم التي تعيشوها، فالأسوأ يمكن أن يحدث دائماً”.
أقدمت قوات الأمن للإجهاز على الثائر المحاصر، لكن صاحب مؤسسة البسكويت تدخل في اللحظة الأخيرة، قائلاً أن هذه المؤسسة بنيت بواسطة نسخ ريك حتى تصبح جميع نسخ ريك أحراراً. وفي طريقه للخروج من المصنع إلى الحياة الجديدة التي وعده بها، يخبرنا صوت الخلفية أنه حصل على طعم الحرية الحقيقة، في الوقت الذي قتله فيه صاحب المصنع، ليستولي على هذا المذاق، ويصنع البسكويت بالنكهة الفريدة التي تحطم الوهم الكبير. بسكويت بطعم الحرية.
مدينة مورتي الفاسدة: ضرورة الضرر (التوازن)
“بلا نسخ ريك، بلا عائلة، مشردون، مهتاجون. تم تربية مورتي ليكونوا تابعين، بدون صاحب ليتبعوه، يفقدوا صوابهم”. على أطراف مدن ريك الشاهقة، تقع أحياء مورتي الفاسدة، التي تسكنها نسخ مورتي فقط، وتنتشر فيها تجارة السلاح والمخدرات وتنمو فيها عصابات العنف تحت رعاية النظام.
تتمثل مفارقة جديدة في وجود شرطي من نسخ مورتي، لكنه لا يكف عن الاستهانة بهم ووصفهم بالحيوانات وإصابتهم وقتلهم خلال نشاطه اليومي العادي كشرطي يعرف القانون لكنه يعرف أن أحدًا لن ينفذه، وإلى جواره شرطي آخر من نسخ ريك، لا تعجبه أفعال مورتي البغيضة من قتل مستمر لقرنائه بلا حساب، يحاول إصلاحها بلا جدوى، فيضطر لقتل الشرطي زميله، والوقوع في قبضة الشرطة كمتهم في نهاية المطاف.
يتحدث المرشح الانتخابي في الخلفية عن إشاعة الأسلحة في مدن مورتي الصغيرة، لينشغلوا بقتال بعضهم عن قتال الظلم الحقيقي.
أمل في التغيير (الوعد)
بدأ السباق الانتخابي، ليظهر مورتي جديد كدليل على الديمقراطية وتكافؤ الفرص في القلعة، لكن يبدو مع الوقت أنه لم يكتفِ بالدور الذي يرسمه الجميع له كمورتي متواضع، وبدلًا من ذلك يريد منافسة حقيقية ولو كانت غير متكافئة مع كل نسخ ريك التي تستهين به، وأتباعهم الحرفيين من نسخ مورتي.
في مناظرة جماهيرية مع منافسيه، يلقي مورتي الخطبة التي ستقلب موازين القلعة “الانقسام الذي أراه، هو بين نسخ ريك ومورتي الذين يحبون القلعة منقسمة، وبقيتنا. أراه في كل مكان أذهب إليه. أراه في مدارسنا حيث يعلمون نسخ مورتي أننا جميعًا سواسية، لأننا مهددون بما يميزنا. أراه في شوارعنا، حيث يعطون الأسلحة لنسخ مورتي حتى ننشغل بقتال بعضنا عن الظلم الحقيقي. أراه في مصانعنا، حيث تعمل نسخ ريك مقابل نسبة بسيطة من أجر رئيسهم، برغم أنهم متطابقون ولهم نفس معدل الذكاء.
مشكلة القلعة ليست نسخ مورتي المشردة أو نسخ ريك الغاضبة. مشكلة القلعة هي أن نسخ ريك ومورتي تتغذى على موت القلعة. ولكني لدي رسالة لهم جميعاً، من نسخ ريك ومورتي الذين يحاولون الحفاظ عليها. رسالة من نسخ ريك ومورتي الذين يؤمنون بالقلعة لنسخ ريك ومورتي التي لا تفعل: نحن أكثر منكم عددًا“.
الحرس القديم والعهد الجديد (الحسم)
كانت الرغبة في إنهاء الصراع هي محرك الجماهير للتمسك بالوعد الجديد ولتجربة التغيير المحتمل. الرغبة التي استطاع الرئيس ركوبها للوصول إلى كرسي الحكم، النوايا الحسنة التي افترشت الطريق إلى المجهول.
أفرجت السلطات عن الشرطي ريك قاتل زميله، وحين أخبرهم أنه انتهك عدة قوانين كان ردهم "إدارة جديدة، قوانين جديدة، قلعة جديدة".
أغلقت مدرسة نسخ مورتي، وتغيرت المناهج. في اجتماعه مع النخبة القديمة، بادر أحد النافذين لإخبار الرئيس مورتي بأنه لا يهمهم إذا جلس على هذا الكرسي ريك أو مورتي أو غيرهما، لأنهم يديرون القلعة من قبل تكوين المجلس، وأن عليه العلم أنهم لم يزالوا يديرونها الآن.
بشكل ديمقراطي، طلب الرئيس مورتي من كل الموافقين على هذا الرأي رفع أيديهم، ليقوم حراسه بقتلهم جميعاً في الحال، وترك زملائهم الأحياء في حالة من الصدمة، والموافقة على أي شيء يقوله بعد ذلك.
“يبدو هذا وقتًا جيدًا للشراب، مع خطاب بارد ذو نبرة شريرة. خطاب عن السياسة، عن النظام، الأخوّة، القوة. لكن الخطابات تُلقى للحملات الانتخابية. أما الآن، فقد حان وقت الفعل”.
لحظة.. من الذي أنقذنا؟ (الانقلاب)
في مشهد النهاية تظهر القلعة الفضائية وقد فتحت أحد أبوابها لخروج جثث ضحايا المذبحة. بعد تطهير البلاد، سيصبح نظام القلعة نظيفًا من كل ما قد يعكره. ليبقى السؤال معلقًا في الفضاء هناك؛ هل كان التغيير ضرورة؟ وهل كانت الرغبة فيه صائبة؟ لو علمنا أن منقذنا من السيئ هو الأسوأ، هل سنطمئن لأحوالنا ونرضى بها؟ هل كنا سنختار الواقع لو علمنا الغيب؟ أم كان رفضنا للأوضاع الظالمة سيحركنا في جميع الأحوال؟
الخوف من المجهول سلاح آخر، ذو حدين، أحد حدوده موجه لألسنتنا، كي نتقبل الخداع ونبتلعه، والحد الآخر قد يمسكه منقذ آخر، يخلص الجميع من عدونا وعدوه، فتكشر أنيابه عن وحش جديد، وعن احتمال دائم بحدوث الأسوأ، يستبطنه افتراق القانون عن القوة، وافتراق المسؤولية عن المسائلة. فيتضمن كل حديث كل معنى، سوى معانيه.