اعتاد سكان حى الكوثر فى مدينة الشيخ زويد على الالتزام حرفيًا بتطبيق ساعات حظر التجوال المفروض منذ سبع سنوات حيث يبدأ هنا من الساعة السابعة مساء حتى السادسة صباحًا بتعليمات أمنية نظرًا لاستمرار العمليات الأمنية ضد عناصر تنظيم ولاية سيناء، لكن أزمة فيروس كورونا المستجد شكلت أعباء إضافية على سكان بعض مناطق شمال سيناء، حيث يترقب الأهالي نهاية لسبع سنوات قاسية من هجمات التنظيم وحظر التجوال المستمر منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، حتى الآن، بجانب استمرار عمليات التنظيم المسلح.
يعتبر حى الكوثر مقرًا للعديد من المصالح الحكومية ومجمعات المدارس التي تُنعش المكان بالحركة طوال ساعات النهار، وتعوّض ساعات السكون التي تخيم في ساعات الحظر الليلي الذي تبدده أصوات معتادة للعيارات النارية والقذائف، حتى جاءت القرارات الوزارية التي عطلت الدراسة وقلّصت أعداد الموظفين في الدوائر الحكومية، فانكمشت حركة الأهالي، خلافًا لخضوع مداخل الحي إلى المراقبة المشددة من الحواجز الأمنية التي يقوم أفرادها بتفتيش السيارات.
للخوف أسباب ليس من بينها حظر التجول
ما يعتبره الأهالي أمورًا معتادة لم يتسبب في إثارة خوفهم إلا إعلان السلطات الصحية في قطاع غزة يوم 22 مارس/ آذار اكتشاف حالتين مصابتين بالفيروس عبرتا معبر رفح الحدودي البري. السلطات الصحية الفلسطينية قالت إنها احتجزت اثنين من الدعاة في العزل الصحي بعد عبورهم معبر رفح البري قادمين من الأراضى المصرية بعد أن كانوا في مؤتمر ديني عالمي في دولة باكستان. حالة الخوف هذه جاءت بسبب السائق الذي أقلّ الفلسطينيين فهو واحد من سكان حي الكوثر.
يقول أحد سكان الحي أن إعلان السلطات الفلسطينية إصابة المسافرين بفيروس كورونا المستجد وصلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يؤكد محافظ شمال سيناء هذه الأخبار يوم 23 مارس، حتى تداول اسم السائق بين السكان، وهنا بدأت رحلة البحث عنه، ليتضح أنه سافر إلى محافظة الإسماعيلية، وبعدها احتجزته الجهات الطبية وأخضعته لفحوصات أوضحت فيما بعد سلبية نتائج التحليلات، عندها فقط تنفس أهالي الحي الصعداء.
معبر رفح حاليًا فى حالة شبه إغلاق بقرار اتخذته حركة حماس نفسها لأول مرة عندما منعت السفر من القطاع إلى مصر، فيما سمحت السلطات المصرية للمغادرين منها بالسفر إلى القطاع، مع تزويد سلطات المعبر بجهازين للكشف الحراري.
فرض حظر التجوال بقرار مجلس الوزراء يوم 25 مارس للحد من انتشار فيروس كورونا؛ لم يضف جديدًا لتفاصيل الحياة في المحافظة، وذلك بألفاظ المحافظ اللواء محمد عبد الفضيل شوشة الذي قال إن "الأهالي معتادون على حظر التجوال وأنه لم تسجل حالات محاضر لمخالفي قرار الحظر الجديد"، مضيفًا في معرض إجاباته على استفسارات الإعلاميين على هامش حملة لتعقيم شوارع العريش يوم 31 مارس الماضي، أن "المحافظة تمتلك عدة منافذ مع محافظات أخرى يتم مراقبتها عن طريق مديرية الصحة، بجانب استمرار العمل في منفذ العوجة الخاص بالتبادل التجاري مع الأراضي المحتلة التي يتفشى فيها فيروس كورونا".
وعن قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات التي تراقب بنود اتفاقية كامب ديفيد في نطاق المحافظة؛ قال شوشة في اللقاء الذي حضره مراسل المنصة في سيناء أنه "تم الاطمئنان إلى سلامة الإجراءات التي تتخذها قيادة القوات لمنع انتشار الفيروس من خلال التنسيق معها".
وحتى الآن لم يثبت طبيًا وجود حالات إصابة بفيروس كورونا بين سكان محافظة شمال سيناء وفقًا للبيانات التي تعلنها مديرية الصحة، وآخرها الصادر بتاريخ اليوم 12 أبريل 2020.
خلوّ المحافظة من الإصابات دفع بعضًا من الأهالي للمطالبة بإغلاق المحافظة بشكل كامل على أهلها، لكن المحافظ رفض هذه المقترحات "لتسهيل حركة دخول البضائع والسلع، بجانب النشاط الملحوظ لأجهزة الرقابة الصحية التي أخضعت 12 أسرة في قريتي رمانة وبالوظة بمركز بئر العبد للرقابة الصحية، بعد وصولهم من محافظة بورسعيد المجاورة حيث ظهرت حالات إصابة بفيروس كورونا المستجد يوم الثلاثاء 31 مارس الماضي، لكن جميع الحالات ثبت أنها سلبية فيما بعد، لتحافظ المحافظة على سجلها نظيفًا من الإصابات".
جاءت هذه المطالبات وسط مخاوف من تسلل فيروس كورونا عبر جنود قوات إنفاذ القانون من الجيش والشرطة الذين يصلون من باقي المحافظات المصرية خلال عمليات تبديل الإجازات وينتشرون في غالبية مناطق المحافظة، وبحسب مصادر فى مستشفى الشيخ زويد المركزي فقد عزلت السلطات الصحية أكثر من 7 جنود في أوقات متفرقة من الشهر الماضي للاشتباه بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد. وأضاف المصدر أنه "تم سحب العينات من الجنود المشتبه في إصابتهم وإرسالها إلى المعامل المركزية بوزارة الصحة التي أثبتت أن العينات سلبية، لكن تم تسفير الجنود خارج المحافظة كإجراء احترازي إضافي".
التعليم: دراسة "معتادة" من المنزل
للمرة الثانية يرتبك العام الدراسي في شمال سيناء، إذ سبق وأن عطلّت وزارة التعليم الدراسة في التيرم الثاني لعام 2018 في أعقاب انطلاق العمليات العسكرية الشاملة فى 9 فبراير 2018. وقتها احتسبت وزارة التعليم نتيجة إمتحانات التيرم الأول كنتيجة نهائية لسنوات النقل عدا طلبة الشهادات والجامعات.
تعطيل الدراسة على كل طلاب الجمهورية أضاف مأزقًا جديدًا لطلاب شمال سيناء رغم مرورهم بنفس التجربة قبل عامين، وهو عدم استقرار خدمات الإنترنت في منازل المحافظة نتيجة انقطاعات التيار الكهربائي، فيما تعاني مدينة الشيخ زويد من مشكلة إضافية وهي عدم توصيل المدارس الثانوية بالإنترنت من الأساس. قرار عقد امتحانات الصف الأول الثانوي في المنازل خفف قليلًا من آثار غياب الإنترنت في مدارس الشيخ زويد، ولاحظ الأهالي بعض التحسين في سرعات الإنترنت في المدينة مؤخرًا ما مكّن طلاب الصف الأول الثانوي من آداء الامتحان التجريبي من المنازل.
وفى شكل داعم لأنشطة منظمات المجتمع المدني الفاعلة في مجال تقديم الإعانات لمواجهة خطر انتشار فيروس كورونا المستجد؛ أصدرت وزارة الخارجية الامريكية بيانًا عن هيئة المعونة الامريكية نشرته على حسابها الموثق على موقع تويتر يوم 4 أبريل جاء فيه "فخورون للغاية بدعم المتطوعين الشباب في شمال سيناء من خلال جمعية تنمية مجتمع الجورة لرفع مستوي الوعي بوباء كورونا عبر الوصول إلى الأسر المهمشة في العريش، وتقديم إرشادات حول الممارسات الصحية المناسبة وتوفير مطهرات اليد الكحولية".
"ولاية سيناء": تفجير أبراج كهرباء وتسليم قيادات
قبل أن يودع شهر مارس أهالي مدينة الشيخ زويد؛ فجّرت عناصر تنظيم ما يسمى ولاية سيناء 5 أبراج كهرباء من الخط الجديد جهد 22 الذي ينتظرونه منذ أشهر لإمدادهم بالتيار الكهربائي بجانب تشغيل مواتير رفع المياه. وتسبب التفجير في انقطاع التيار الكهربائي في الثامنة من مساء الخميس 26 مارس، وبحسب رواية أحد العاملين في قطاع كهرباء الشيخ زويد، فإن المسلحين تركوا رسالة ورقية وأخرى مكتوبة على الأرض تحذرهم من استهداف عمال شركة الكهرباء الذين سيقومون بإصلاح الخط، وهو الأمر الذي واجهته قوات الجيش بأن سيّرت دورية حراسة مع عمال التصليحات يوم السبت 28 مارس، وإعادة توصيل الكهرباء وسط فرحة عارمة و تصفيق كبير من سكان المدينة، فيما بقيت مخاوف أطقم صيانة الكهرباء قائمة من أي استهداف انتقامي في المستقبل.
تنظيم ما يسمى " ولاية سيناء" لايزال يبث بيانات تدّعي تنفيذ عمليات استهداف لقوات إنفاذ القانون سواء بتفجير عبوات ناسفة على الطرق أو باستخدام أسلحة قنص، فيما أفادت مصادر مقربة من الجيش انشقاق مجموعة من عناصر من التنظيم سلموا أنفسهم لقوات الجيش وأفراد من اتحاد قبائل سيناء (وهي مجموعة مدنية مسلحة متعاونة مع قوات الجيش). وأضافت المصادر أن المجموعة التي سلمت نفسها أمدّت قوات الجيش بمعلومات عن الأسماء الحقيقية لأعضاء في التنظيم بجانب الكشف عن بعض أماكن اختباء بعض العناصر في مزارع رفح وجنوبها، وجنوب الشيخ زويد، ومزارع جنوب مركز بئر العبد، وأشارت المصادر التي تحدثت إلى المنصة أن الجيش ألقى في الأيام الماضية القبض على مجموعة تورطت في إمداد عناصر التنظيم بالطعام، وعناصر أخرى ترصد تحركات قوات الجيش والشرطة.
حركة شراء الطعام والأسواق العامة
عقب التدافع الكبير في الأيام الأولي لقرار الحظر الصحي وتخزين السلع الغذائية؛ هدأت الحركة بالتدريج لتعود إلي طبيعتها مرة أخرى في المحال التجارية والأسواق الأسبوعية في مدن المحافظة.
وفي واقعة نادرة الحدوث أوقفت قوات الأمن سوق الثلاثاء الشعبي فى الشيخ زويد يوم 31 مارس الماضي، بعد وصول معلومات تفيد إحتمالية شن هجوم انتحاري على السوق في الذكرى السنوية الأولى لتفجيره في أبريل 2019، لكن السوق عاد للنشاط في الأسبوع التالي على هذا الإغلاق يوم 7 أبريل.