مع تكدس السجناء في مساحات ضيقة تفتقر لأدنى المتطلبات الصحية، من تهوية وتدفئة ونظافة، يصبح السجناء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الجسدية والنفسية هذا قبل اجتياح فيروس كورونا المستجد العالم.
ومع انتشار الفيروس ووصوله مصر؛ خرجت عدة دعوات لإطلاق سراح المحبوسين احتياطيًا، وتطبيق نص المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية باستبدال الحبس الاحتياطي بأحد التدابير الاحترازية، خوفًا من تفشي المرض بينهم، ومن ثم حدوث كارثة صحية كبيرة.
الدعوة إلى إصلاح أحوال السجون والحفاظ على صحة السجناء وتوفير سبل الحياة المناسبة لهم، ليست دعوة لإلغاء العقوبة على المخطئ، ذلك لأن الحياة الآمنة الهادئة حق للجميع، وكذلك لابد من وسيلة محاسبة عادلة مناسبة لمن اقترف خطأ أو جريمة، وهذا يمثل ضمانًا لحقوق المجتمع ككل.
ولكن مع حاجة المجتمع إلى وسيلة ردع عادلة، هناك ضرورة للحفاظ على حقوق السجناء أيضًا، ومن بين تلك الحقوق تبرز الرعاية الصحية كحق أصيل لكل انسان على وجه الأرض مهما كان وضعه ومهما كان خطأه، وهذا ما تنص عليه كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية، ومنها مواثيق منظمة الصحة العالمية.
لم يخرج الدستور المصري عن المواثيق الدولية، إذ تنص مادته الـ 24 على أن "كل من يُقبض عليه أو يُحبس أو تُقيد حريته بأي قيدٍ، تجب معاملتُه بما يحفظ كرامتَه ولا يجوز تعذيبُه ولا ترهيبه ولا إكراهُه ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا ولا يكون حجزُه ولا حبسُه إلا في أماكنَ لائقة إنسانيّا وصحيّا وخاضعة وفقًا للاشراف القضائي".
ويقول تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن عدد المعتقلين في مصر منذ عام 2013 يتجاوز 60 ألفًا، وهذا العدد الذي تحتجزه السلطات يلزمها بتوفير تقديم كافة الحقوق الإنسانية وتوفير الرعاية الطبية الكاملة، طبقًا للدستور المصري والقوانين الدولية.
مخاطر كورونا
في ظل هذه الجائحة التي ضربت أكثر من مائة دولة في العالم، وتجاوز أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد مائتي ألف شخص، فإن واحدة من أهم طرق انتقال العدوى هو التواصل المباشر مع المصاب، وضيق المساحات في السجون هو بيئة خصبة لانتقال الأمراض المعدية بين السجناء.
إذا انتقلت العدوى إلى داخل السجون ستكون كارثة صحية عنيفة، وستتفاقم الكارثة في ظل عدم اكتشاف علاج فعال لهذا الفيروس، بالإضافة إلى ضَعف المناعة عند كثير من نزلاء السجون، نتيجة نقص الطعام وسوء أحوال مياه الشرب وقلة التريض ومحدودية الرعاية الصحية في السجون.
اﻹصلاح بالتعذيب
السؤال الذي يطرح نفسه؛ هل يردع التعذيب البدني أو النفسي، بالبقاء تحت تهديد العدوى والموت، المذنب عن مخالفة القانون وينأى به عن العنف؟ هل التأديب كما يدّعيه المعذِبون هو وسيلة لضبط سلوك المخالِف؟
تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب "أي فعل يؤدي إلى ألم أومعاناة نفسية أو عقلية" بمثابة تعذيب، ويذكر التقرير السنوي الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش عن حالات التعذيب في مصر عن عام 2017 أساليب وطرقًا كثيرة جدًا للتعذيب، تتفاوت من التعذيب بالضرب واللكم، مرورًا بالصعق بالكهرباء والاغتصاب، والعديد من الممارسات التي تتم داخل السجون المصرية.
ومن بين المذكور هذا التقرير؛ "يقيِّد العناصر يدي المشتبه به خلف ظهره، ويسحب يديه، ويعلق أصفاده على الحافة العلوية من الباب، ليرفعه فوق الأرض، وهي وضعية غير طبيعية تسبب ألمًا شديدًًا في الظهر والكتفين، وأحيانًا تتسبب بخلع الكتفين".
الاختفاء القسري هو واحد من الأساليب التي يتبعها النظام المصري في التعامل مع العديد من النشطاء السياسيين، بل قد يتطرق الأمر إلى أشخاص عاديين في بعض الأوقات التي ينشط فيها الحديث عن حقوق أو احتجاجات أو بعض الذكريات مثل ذكرى ثورة يناير وأحداث محمد محمود.
ونتيجة الاختفاء القسري الذي يدوم لفترات غير متوقعة، تتفاوت من ساعات إلى شهور، مما يسبب كثيرًا من المتاعب النفسية، حيث يتغيب المخطوف عن العالم الخارجي وتنقطع صلته بكل أقاربه. هذا الأسلوب يؤدي إلى العديد من المضاعفات النفسية وأهمها التروما أو اضطرابات ما بعد التعرض للصدمة والقلق ونوبات الخوف والهلع، التي قد تلازم الضحية فترات طويلة من حياته، يستيقظ وسط الليل في كابوس كأنه مقيد أو يتعرض للتعذيب طبقًا للطريقة التي كان يتم تعذيبه بها.
وعن التعرض لضربات الرأس بشكل خاص، نشرت مجلة ساينس دايركت بحثًا أجري على عدد كبير من الأشخاص الذين أصيبوا إصابة مباشرة في الرأس، سواء عن طريق التعذيب أو نتيجة حادث أو شجار أو غير ذلك، وقال إن السلوك النفسي للمصاب بلكمات في الرأس، يتحول إلى العنف بنسبة 35% تقريبًا، واضطراب نفسي بنسبة 50% تقريبًا، مع احتمالية الإدمان وتعاطي المخدرات والاكتئاب بمعدلات عالية جدًا.
التعذيب لن يؤدي أبدًا إلا لمزيد من الانتكاسات، ولو كانت الدولة حريصة على حياة المواطن حتى لو كان مذنبًا، فإن هذا السلوك يضر الشخص والمجتمع ككل. ولذلك نرى الكثير من الأفراد الذين يقبعون تحت التعذيب في جرائم جنايات، ويتم تعذيبهم بحجة أن هذه هي الطريقة المُثلى التي تصلح للتعامل مع السجناء والمعتقلين، ولكن الحقيقة العلمية تقول إن التعذيب يؤدي إلى سلوك أكثر عنفًا وضررًا على الشخص الذي يتعرض له.
أمر آخر في غاية الخطورة، وهو أن الضرر الذي يصيب الأشخاص المتعرضين للتعذيب، لا يقتصر على الاكتئاب والقلق وأعراض ما بعد الصدمة وخسارة المجتمع فردًا قد يكون فاعلًا منتجًا فحسب، بل قد تتجاوز آثار التعذيب ما هو أكثر من ذلك، ملحقة الضرر بالمجتمع ككل، ومن أشهر هذه الحالات ما ورد في تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي عن رمزي بن الشيبة المتهم بتخطيط هجمات الحادي عشر من سبتمبر، يقول إن الشيبة تعرض للتقييد بالأغلال وتُرك في مواقع الإجهاد والإيذاء الجسدي، وظل في ظلام دامس لتكثيف شعوره بالخوف لعدة أسابيع في كل مرة.
في عام 2005، كتب عالم نفسي في وكالة المخابرات المركزية أن الشيبة "ظل في عزلة اجتماعية" لمدة عامين ونصف وكان يعاني من تدهور نفسي "ينذر بالخطر"، بما في ذلك الرؤى والجنون العظمة والأرق ومحاولات إيذاء النفس. لم يساهم التعذيب والتخويف في ردع الشيبة عن أفعاله المخالفة للقانون، بل شارك في أكبر كارثة حلت على الولايات المتحدة في العصر الحديث.
الحبس الانفرادي
هناك طريقة تعذيب أخرى تمارسها السلطات المصرية على بعض المعتقلين وخاصة المشاهير منهم، وهي الحبس الانفرادي، ومن أشهرهم في الوقت الحالي المرشح الرئاسي السابق، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح. وعن الحبس الانفرادي يذكر موقع سيكولوجي توداي أن الحبس الانفرادي لفترات زمنية طويلة يؤدي إلى الاكتئاب والاضطراب النفسي والقلق المزمن، ويجعل الفرد غير صالح لممارسة حياته بشكل طبيعي، وكلما طالت المدة، كلما يبدأ العقل في فقد قدراته الطبيعية في قدرة تحديد الجهات والتعرف بشكل سهل على الأشياء والأفراد، حيث يظل المخ فترة طويلة لا يستعملها.
عن ضيق مساحات الزنازين في مصر، يتحدث م. ش. للمنصَّة وهو معتقل سابق، قضى فترة حبس احتياطي في سجن أبو زعبل على خلفية اتهامه بقضية تظاهر ومكافحة النظام والانضمام لجماعة محظور "كنا حوالي 80 فرد في زنزانة 4×6 تقريبًا، بالنسبة للنوم في مصطلح اسمه تنام سيف، مينفعش تفرد ضهرك عشان مفيش مكان، وطبعًا خِلف خلاف عشان لازقين في بعض، أنا كنت في شهر يناير وكنت لابس نص كم"، وأكمل "في القسم التهوية صعبة جدًا" علشان التدخين بكميات رهيبة وأنا مش مدخن.
هذا التكدس الذي يتواجد فيه السجناء يسهِّل انتقال العديد من الأمراض المعدية مثل الدرن والسل والأمراض الجلدية، ويسبب العديد من الأزمات لأصحاب أمراض الصدر والرئة مسببًا تفاقم أمراضهم، دون وجود رعاية صحية لهم، حيث يتواجد في كل سجن طبيب واحد، بحسب شهادات مسسجونين سابقين، مع ضعف الإمدادات وتعنت أفراد الأمن في نقل المرضى من زنازينهم.
داخل السجون يختلط عدد كبير بشكل يومي في مساحات محدودة، وغالبًا ما تكون صغيرة، مما يسهل انتقال الأمراض المعدية التي تنتشر بطريقة أسرع كنتيجة طبيعية لمحدودية المساحة ونصيب الفرد فيها.
مخاطر الإصابة بالسل
تقول منظمة الصحة العالمية إن الاصابة بمرض السل يزداد بين المسجونين في أوروبا بمعدل 84 مرة عنه خارج السجون، بل تجاوز الأمر هذه المعدلات في بعض السنوات، ففي عام 2003 وصل معدل الإصابة بمرض السل إلى 145 مرة أكثر منه في خارج السجون، فمقابل كل شخص مصاب بالسل خارج السجون، كان مقابله 145 مصابًا داخلها.
احتماليات الإصابة بهذه المعدلات تستوجب التدخل المنتظم من المؤسسات الصحية في كل بلد، لأن الإصابة بالأمراض تمثل تهديدًا مباشرًا للمجتمع ككل، فأغلب السجناء لن يقضوا حياتهم إلى آخرها في السجون، بل يقضون فترة ويخرجون للتواصل مع المجتمع مرة أخرى، مما يزيد من احتمالية نقل الأمراض المعدية خارج السجون، ويرفع كلفة العلاج على الدولة وعلى المجتمع، وهذا إذا نظرنا إلى الأمر كأنه حسابات مادية، متجاهلين حق الإنسان في العلاج والحقوق الإنسانية لكل فرد في المجتمع.
مع أهمية النظافة في الوقاية من الأمراض، وضرورة أن تتمتع دورات المياه بالقدر اﻷدنى من العناية، إلا أن ذلك لا يوجد في السجون. يقول م. ش. "طبعًا الحمامات حالتها مزرية والحمام من غير باب، واحنا كنا 80 فرد في الزنزانة، واستنى دورك بقى لما تحب تدخل الحمام"، هذه الأحوال خاصة بالحجز (مرحلة ما قبل الانتقال للسجن)، أما في أبو زعبل فالتفاصيل مختلفة بعض الشيء، كان العدد أقل في الزنزانة، لكن هناك مشاكل أخرى تواجه المحبوسين هناك.
لا يقتصر الأمر على سجون الرجال فقط بل النساء أيضًا. تقول م.أ. التي قضت سنتين على خلفية قضية تظاهر في سجن القناطر "العنبر جواه حمامات احنا اللي بنضفها، والسجن كان بيسمح لنا إننا ندخل أدوات نضافة، بس هما مش بيجيبوا حاجة"، وبسؤالها عن عدد دورات المياه مقابل عدد السجناء، تقول للمنصَّة "من ضمن العنابر في عنبر كان فيه 200 واحدة فيها أربع حمامات، حمامات بمعنى قاعدة تواليت لكن الأربعة في حمام واحد، وممكن يبقى في فاصل بين كل قاعدة والتانية ملاية".
وجود أماكن دورات المياه بهذا الشكل هو وسيلة محفزة لانتقال الأمراض الطفيلية، بالإضافة للأعباء النفسية التي قد يصاب بها المسجون نتيجة عدم الفصل بين دورات المياه بشكل واضح.
برد الزنازين هو هاشتاج أطلقه حقوقيون ونشطاء ليغردوا عليه عن أوضاع افتقاد المسجاين ﻷبسط وسائل التدفئة في الشتاء، وقال م. ش. "وأنا داخل أبو زعبل أخدوا مني هدومي وادوني بدلة التحقيق اللي هي حتة قماشة خفيفة جدًا على الملابس الداخلية وبطانيتين، بطانية تنام عليها وبطانية تتغطى بيها. التهوية في أبو زعبل من ناحية التنفس مش سيئة لكن من ناحية البرد عذاب طبعًا، انت في منطقة مفتوحة والشبابيك كبيرة وما تقدرش تسدها".
البرودة ليست أمرًا عابرًا وإحساس مزعج ينتهي بنهاية وقته، بل يسبب العديد من المشاكل الصحية التي تتمثل في إصابة الجسم بالأنيميا وضعف إفراز هرمونات الغدة الدرقية، بالإضافة لتقلصات في الأوعية الدموية الطرفية، التي هي مؤلمة في حد ذاتها بشكل كبير، وترفع من احتمالية إصابة مرضى السكري بالعدوى البكتيرية، ويتضاعف الألم عند هؤلاء الذي يعانون من مرض رينود.
البرودة أيضًا لفترات طويلة تزيد من احتمالية الإصابة بمرض السكري وضعف الشهية، مما يؤدي إلى صعوبة في أداء الجسم لوظائفه الحيوية.
مياه ملوَّثة
مياه الشرب النقية ضروية لكل العمليات الحيوية في الجسم، والتخلص من السموم، كما تدخل في صناعة مختلف العناصر الضرورية مثل الإنزيمات والمعادن، وتقول المعتقلة السابقة س.ل. والتي قضت سنة احتياطيًا في سجن القناطر للمنصة "المياه المتوفرة في السجن هي مياه خزانات طعمها وريحتها وحشة جدًا، وكنا بنشتري مياه معدنية، المشكلة إن كان في ناس كتير قوي مكانتش بتقدر تشتري مياه معدنية".
التعرض للمياه الملوثة على مدى طويل قد يكون سببًا مباشرًا لحدوث الأورام وأمراض الكلى وانتقال العديد من الأمراض مثل التيفويد والأميبا.
يحتاج الجسم بشكل دائم إلى كافة عناصر الغذاء، وغياب أي نوع منها يؤثر بالسلب على صحة الجسد، الذي يحتاج للبروتين لبناء الجسم، والدهون والكربوهيدرات للطاقة، والمعادن والفيتامينات للعمليات الحيوية المختلفة في الجسم. يخبرنا السجين السابق س. م. الذي أمضى خمس سنوات في سجن طرة، على خلفية قضية فض اعتصام رابعة.
"بيجيبوا لنا أكل غير صالح للاستخدام الآدمي، الأكل قذر جدًا، والفطار كان فول وأحيانًا بيض، الغدا رز ومعاه خضار سواء لوبيا أو عدس أو حاجة اسمها الطبخة السودا، عبارة عن بتنجان وشوية حاجات، أو قرنبيط أو سبانخ وأحيانا لحمة كاوتش حرفيًا، والمياه متتشربش طبعًا ومفيش عَشا".
كان هذا كلام السجين السابق، الذي يوضح كلامه مدى النقص الحاد في احتياجات الجسم اليومية من الغذاء وضعف التغذية الذي يسبب ضعفًا عامًا ونقصًا في الوزن، مع صعوبة في التركيز وضعف القدرة على مقاومة الأمراض، وأنيميا الدم ووهن العضلات وصعوبة المشي.
معاناة السيدات المرضعات من سوء التغذية يسبب مشكلة كبيرة في عدم قدرة الأم على توفير الغذاء الكافي لرضيعها، فتظهر مشكلة أخرى وهو توفير الألبان لأطفال السجينات.
تقول السجينة السابقة م. أ. "في أزمة كبيرة في توفير لبن الأطفال لأن كان في ستات كتير كانت بتتحبس وهي حاضنة أو بتولد جوه، فمش بيلاقوا رعاية كويسة ولا لبن الأطفال متوفر قوي". وهو أمر بالضرورة قد يسبب المزيد من أمراض سوء التغذية للأطفال والتي بطبيعة الحال تقلل المناعة وتزيد من احتمالية الإصابات بالأمراض التنفسية ونزلات البرد وغيرها بسهولة، نتيجة عدم التغذية الصحية الجيدة.
لم تقتصر معاناة النساء في السجن على أطفالهن، بل واحدة أكبر التحديات التي تواجه السجينات في مصر هي توفير الفوط الصحية أثناء الدورة الشهرية، وحيث إنه حدث طبيعي تمر به كل امرأة بشكل شهري فلا بد من التعامل معه على أنه طقس مهم مثل الطعام والشراب وتوفير الفوط الصحية للسجينات ليس رفاهية، ولكن ليس هكذا تجري اﻷمور في السجن، فتقول سجينة سابقة، للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الفوط الصحية تتوافر فقط من خلال "كانتين" السجن لبيعها للسيدات، وهو ما لا تستطيع أغلب السجينات تحمل نفقاته.
المخاطر التي تتعرض لها النساء نتيجة عدم توافر الفوط الصحية بشكل كافٍ، تتمثل في احتمالية اﻹصابة بعدوى بكتيرية في الجهاز البولي أو عدوى فطرية مهبلية، وجود رائحة سيئة مع التهابات جلدية وحساسية، وفي حالة عدم علاج هذه الحالات قد يتفاقم الأمر إلى عدوى شاملة في الجسم كله، بالإضافة إلى الحالة النفسية السيئة التي تعاني منها المرأة في حالة عدم توافر الفوط الصحية، أو استخدامها نفسها لفترات طويلة.
إهمال طبي
اﻹهمال في صحة المسجونين قد يؤدي إلى الوفاة، وتقول السجينة السابقة في سجن القناطر س. ل. "واحدة من المعتقلين الجنائيين اتعملها استئصال ورم في الثدي بشكل غلط، لحد ما الجرح اتلوث وطلع في صدرها دوود والكلام ده يحاسبني عليه ربنا، اسمها زينب كان بيقولوا عليها السودا لأنها كانت من أسوان، وده حصل في سنة 2015، وحالة تانية اسمها فُلة من إمبابة ماتت بالقلب في نفس السنة برضو".
وتضيف س. ل. "العنبر كان بيدخله ثعابين بحكم الموقع الجغرافي، ومرة تِعبان قرص زميلتي في السجن وموتناه، وبعد كده بقينا نتعامل معاهم".
وعن إمكانية تلقي العلاج في السجن يحدثنا س. م. "العيادة فيها دكتور واحد وبييجي بالمزاج، واحنا طبعًا بنروح العيادة طبقًا للحالة المزاجية للأمن، يعني كان واحد معانا معدي السبعين وعنده القلب قعدنا يومين نتحايل عليهم عشان يطلعوه العيادة".
الأدوية منتهية الصلاحية
وعن توفير اﻷدوية، تقول السجينة السابقة س. ل. للمنصة "المستشفى بتصرف علاج الشديد القوي، ده إذا توفر أصلًا، وده إذا مكانش منتهي الصلاحية، الموضوع ده كان بيتكرر كتير جدًا، لدرجة إننا بقينا نعتمد بشكل كامل في أي أدوية على أهالينا، يجيبولنا اللي احنا عايزينه من بره". وعن مخاطر الأدوية منتهية الصلاحية، تقول المنظمة الأمريكية للغذاء والدواء أن استعمال الأدوية منتهية الصلاحية هو أقل فعالية أو أشد خطورة وذلك لتغيير في التركيبات الكيميائية، مع احتمالية نمو البكتيريا بها مسببة العديد من المشاكل الصحية.
تقول منظمة الصحة العالمية إن من حق كل سجين الحصول الرعاية الصحية الأوّلية الأساسية، والقدر الأدنى من الأغذية الأساسية والأطعمة المغذية، ووسائل الإصحاح (دورات مياه صحية)، والمياه النقية والصالحة للشرب، والأدوية الأساسية، ولكن تلك الحقوق تُنتهك طبقًا للشهادات المختلفة من السجناء والمعتقلين وتقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية والمحلية، وكل هذا يدعو المجتمع إلى وقفة جادة لوقف هذا الاستنزاف المستمر لصحة السجناء وأعمارهم.