انتقد المحامي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تأخر نيابة البساتين في اتخاذ الإجراءات الخاصة بالتحقيق في الاعتداء عليه من قبل مسلحين في نهاية العام الماضي، واستنكر كذلك تكليفها ضباط قسم شرطة البساتين الذين يختصمهم في الواقعة، بإجراء التحريات اللازمة حول ما حدث.
وأكد عيد للمنصّة أنه يحمّل كلًا من وزير الداخلية والنائب العام، المسؤولية عن أي اعتداء جديد يقع عليه أو أي تهديد لحياته، وذلك "في ضوء عدم عدالة التحقيقات التي تمت في الوقائع السابقة".
وسبق أن تعرّض عيد في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لاعتداء بدني شهد استهدافه بالرصاص وأسفر عن إصابته بكسر في الضلوع وانتهت التحقيقات فيه إلى الحفظ في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو ما لاقى استنكارًا من الشبكة العربية آنذاك.
وزير الداخلية متهمًا
إلى ذلك، أعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنها "تصر على اتهام وزير الداخلية بالمسؤولية عن الجرائم التي ارتكبها ضباط شرطة يتبعونه"، كما شددت على أن "النائب العام الذي وصلته نسخة من بلاغ جمال عيد، كان الأحرى به أن يشرف بنفسه على التحقيق في جريمة قد تكون إرهابية، وشهدت إجراء تحقيقات تهدر حقوق المجني عليه وتسهل للمجرمين الإفلات من العقاب".
وفي بيان أصدرته مساء أمس، استنكرت المؤسسة الحقوقية الإجراءات المتبعة بالقول إنها "كانت ترجو أن تمارس نيابة البساتين دورها في إقرار سيادة القانون وتحقيق العدالة بسؤال المتهمين، بدءًا من وزير الداخلية وضباط قسم البساتين، وأن تجري المعاينة بنفسها كما وعدت، لا أن تتراجع عن إجراءاتها وتتركها للضباط بعد أيام عديدة".
تحقيقات متأخرة
يأتي بيان الشبكة العربية وما ورد فيه من اتهامات بعد حصول المحامين الممثلين لها على نسخة من التحقيقات، اطلّعت المنصّة عليها.
ونوّه عيد إلى أن هذه التحقيقات "كشفت أن الإجراءات الواجب اتباعها من جانب النيابة تأخرت كثيرًا عن موعدها، وذلك على عكس ما بدا لنا يوم تقديم البلاغ، فحينها أخبرنا وكيل النيابة أنه سيتبعنا إلى موقع الحادث لمعاينته، لكنه اختفى وأغلق هاتفه".
وفصّل الحقوقي إجراءات نيابة البساتين بقوله "اكتشفنا أنه تم تكليف ضباط قسم البساتين بإجراء التحريات بعد 10 أيام من الواقعة، وأن شاهد العيان المفترض استجوابه، من عمال المطعم الذي وقع أمامه الاعتداء كان يعمل في الوردية المسائية، في حين أن الاعتداء كان في الحادية عشر ظهرًا؛ فبالتالي نفى في أقواله مشاهدة أي شيء، إلى جانب ما قيل بأن الكهرباء كانت مفصولة عن كاميرات المراقبة الخاصة بالمطعم".
واستنكر الحقوقي الإجراءت بقوله "كلما سأل محامونا نيابة البساتين؛ أبلغتهم بأنها تتابع الأمر، لنكتشف الآن أنها كلّفت ضباطًا من قسم البساتين بإجراء التحريات، وذلك رغم أننا اختصمنا مسؤولي هذا القسم، كما أن استجواب الشاهد كان متأخرًا جدًا، إذ أن التحقيق بدأ يوم 31 ديسمبر، بينما تم استجوابه يوم 9 يناير؛ ما قد يمنح أي طرف مهلة كافية للتأثير عليه".
بحسب بيان الشبكة العربية، فإن "آثار الطلاء المستخدم في الاعتداء على جمال عيد، مازالت واضحة على أسفلت الشارع، رغم مرور شهر"، معقبًا "ومن ثم فإن التحريات الكاذبة التي سطرها ضباط قسم شرطة البساتين في الجريمة الأولى (الضرب وإطلاق الرصاص)، تكررت في الجريمة الثانية".
يتفق الحقوقي مع ما ورد في البيان بقوله "لا يصلح أن أمنح الخصم أي فرصة للتلاعب في الأدلة أو التأثير على الشهود، خاصة وأننا سبق وأن اتهمنا ضباط هذا القسم بالكذب والتضليل في واقعة الاعتداء السابقة، فكيف يتم تكليفهم اليوم بعمل تحريات عن أنفسهم؟ وذلك مع العلم أن هناك حلاً آخر بتكليف ضباط تابعين للنيابة بإجراء التحريات والمعاينة لموقع الحادث".
مسؤولية مشتركة
وعما قد يستتبعه إعلان الشبكة العربية تحميل مسؤولية الاعتداءات عليه لكل من وزارة الداخلية والنيابة العامة، قال عيد "قد تحدث مساءلة من النائب العام لمسؤولي نيابة البساتين، بالإضافة لتكليف نيابة أخرى باستكمال التحقيقات أو انتداب قاضي تحقيق".
وعلى الرغم من تلك الاحتمالات، يرى الحقوقي أن التحقيقات باتت شبه منتهية، قائلاً "هي بنسبة 90% تقريبًا انتهت، ﻷن أهم أركانها يتمثل في المعاينة وسماع أقوال الشهود وهو ما تم تعطيله منذ البداية".
وكانت الشبكة العربية في بيانها، انتقدت التحقيقات ومساراتها، باعتبارها "تهدر حقوق المجني عليه وتسهل للمجرمين اﻹفلات من العقاب رغم جرائمهم الوحشية"، فيما اختتم عيد بقوله "هذا وعلى الرغم من شكوكنا في تفعيل مبدأ سيادة القانون، إلاّ أننا سنواصل إجراءاتنا حتى لا يفلت الجاني من عقابه".