بسم الله الرحمن الرحيم،
السيدة أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة رؤساء الوفود،
يسعدني أن أشارككم مجددًا في هذا الاجتماع الهام، وأتوجه بالشكر للقائمين على تنظيمه، لما تمثله قضية جذب الاستثمارات من قاطرة لا غنى عنها في تحقيق التنمية الشاملة المنشودة في قارتنا الإفريقية، فهي تشكل جزءًا لا يتجزأ من مكونات الاستقرار، نظرًا لأثرها الإيجابي والعابر لقطاعات الدولة، لما يصاحبها من زيادة في فرص التشغيل، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات، فضلًا عن إضفاء طابع من الثقة إزاء حالة الاقتصاد ككل، وبما يعزز من مساهمة القارة في سلاسل القيمة المضافة للعملية الإنتاجية على المستوى الدولي.
وفي الوقت نفسه، فعلينا إدراك أن هذا التأثير الإيجابي لا ينحصر في المحيط الإفريقي فحسب، بل تمتد آثاره عبر البحر المتوسط لجوارنا الأوروبي، في ظل تنامي الطبيعة المترابطة والمتشابكة التي باتت تتسم بها العلاقات الدولية على نحو غير مسبوق، وهو ما يفسر حرصنا جميعا على التحاور وتبادل الآراء بشكل متواصل في مختلف الأطر الدولية، مثل اجتماعنا اليوم، وبما يرسخ من مفهوم إن نهوض دولنا الإفريقية يحقق المنفعة المتبادلة بيننا.
وإذا كنا نتوافق على منطق التأثير المتبادل، فيجب أن نعي حجم ونطاق التحديات المحيطة بنا، ففي الوقت الذي تتزايد فيه حدة التوترات التجارية العالمية، وتتصاعد التوجهات الحمائية، وتتانمى المخاوف من مواصلة تباطؤ الاقتصاد العالمي، فإن دولنا النامية بالتأكيد، وخاصة الإفريقية منها، ستكون الأكثر تضررًا من استمرار هذه التطورات السلبية، لاسيما عند الأخذ في الاعتبار التحديات القائمة في الأساس مثل أعباء الديون ومحاربة الفقر والأمراض المتوطنة، والتصدي لظاهرة تغير المناخ، والهجرة غير ال، وغيرها، الأمر الذي يستلزم قيام المجتمع الدولي بتوفير جميع صور الدعم الممكن لدول القارة لمجابهة تلك التحديات.
وعلى الرغم مما تقدم، فإن قارتنا الإفريقية تمتلك من المقومات والموارد المتنوعة، والموقع الجغرافي المتميز، جنبًا إلى جنب، مع ما لديها من إرادة سياسية، ورؤية واضحة المعالم لتنفيذ الإصلاحات وإقامة مشروعات الربط والاندماج الإقليمي، وتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية، بما يؤهلها لأن تصبح أحد محركي النمو للاقتصاد العالمي، ومن أبرز وجهات أنشطة الاستثمار، وهو ما يؤكده حفاظها على مدار السنوات الأخيرة على كونها واحدة من أسرع المناطق نموًا، واقتران ذلك بارتفاع معدل نمو التجارة البينية، وتنامي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
السيدات والسادة،
إن التقييم الأمين للعلاقات المصرية الألمانية، يجعل منها مثالا يحتذى به للتنسيق والتشاور السياسي، ولبناء الشراكات الاقتصادية والتجارية، القائمة على المصالح والمنفعة المتبادلة. فمن ناحية، توفر مصر فرصًا استثمارية هائلة، جراء ما تحقق من نتائج مشهود بها على صعيد الإصلاح الاقتصادي، إضافة لما توفره كبوابة للنفاذ إلى قارات ومناطق أخرى. ومن ناحية أخرى، يعد الجانب الألماني، بما لديه من خبرات وقدرات مالية وتكنولوجية متميزة، شريكا استراتيجيا موثوقًا على أصعدة متعددة.
وتأسيسًا على ما تقدم، فهناك العديد من التجارب الناجحة التي تحققت ويمكن الاسترشاد بها، لتكون حافزًا لقيام المزيد من الشركات بتوجيه استثماراتها للدول الإفريقية، وبحيث تضيف للتاريخ الطويل من الترابط القائم بين القارتين الأوروبية والإفريقية، والتي تشكل الاستثمارات الألمانية في مختلف القطاعات لاقتصادية الإفريقية ركنا أساسيا منه، وهو ما نأمل أن تفضي هذه، مخرجات اجتماعنا إلى تطويره والارتقاء به، من خلال إجراءات عملية توفر التمويل، وتعرض فرص الاستثمار، وتحفز الشركات بشكل عملي.
ولعل المبادرة الألمانية بإنشاء صندوق لتشجيع الاستثمار في إفريقيا، تعد بمثابة تطور مهم نحو تحقيق هذه الغايات المشتركة.
السيدات والسادة، في الختام، أود تأكيد وجود قصص نجاح عديدة للشراكة بين ألمانيا ودول القارة الإفريقية، لا يوجد مجال للتطرق إليها تفصيلًا، وإنما يكمن المغزى في الاسترشاد بعوامل وظروف نجاحها وجعلها حافزًا لمزيد من التعاون، بما يمثل تطبيقًا عمليًا لمنطق المنفعة المتبادلة.. شكرًا.
...
ألقيت الكلمة في العاصمة الألمانية برلين، خلال القمة غير الرسمية للاستثمار فى أفريقيا، بحضور المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وفرانك فالتر شتاينمر رئيس ألمانيا، وعدد من رؤساء دول وحكومات البلدان المشاركة في قمة مجموعة العشرين وأفريقيا.
...
خدمة الخطابات الكاملة للسيسي تجدونها في هذا الرابط