بدأت مساء أمس الثلاثاء، التحقيقات في القضية رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عُليا، التي تضم عددًا من الصحفيين والمحامين والعاملين بالمجال الاقتصادي، بخلفيات سياسية متنوعة، وانتهت بصدور قرار بحبسهم جميعًا 15 يومًا.
كانت وزارة الداخلية أعلنت يوم أمس الاثنين القبض على من اعتبرتهم "متورطين" في "مخطط عدائي" يستهدف "الدولة ومؤسساتها وصولًا لإسقاطها تزامنًا مع احتلافات 30 يونيو" من خلال 19 شركة وكيانًا اقتصاديًا "تديره بعض القيادات الإخوانية بطرق سرية، حيث تقدر حجم الاستثمارات فيه ربع مليار جنيه".
وزعم البيان، الذي لم يسمٍّ الشركات والكيانات الاقتصادية، أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين خارج مصر نسقوا هذا المخطط مع من "يدعون أنهم ممثلي القوى السياسية المدنية تحت مسمى خطة الأمل".
ولكن محامين حضروا التحقيقات مع المتهمين المنتمين إلى تيارات سياسية مدنية أكدوا أن موكليهم لم يواجهوا تهم الإضرار بالمصالح الاقتصادية للبلاد، بل اتهموا بـ"مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وبث أخبار كاذبة".
تحقيقات متزامنة
ذكر المحامي خالد علي، الذي حضر التحقيق مع النائب البرلماني السابق زياد العليمي، أن التحقيق الرسمي معه استغرق ثلاث ساعات، بينما كانت هُناك جلسة سبقت التحقيق جمعت العليمي بممثل نيابة أمن الدولة، استغرقت الوقت نفسه تقريبًا، وكانت دون حضور محامٍ.
وقال علي للمنصّة إن العليمي "لم يكن يعرف مكان احتجازه في الفترة الفاصلة بين القبض عليه من الشارع وبين عرضه على النيابة".
كانت إكرام يوسف، والدة العليمي، ذكرت في تصريحات للمنصّة، أن عددًا من الرجال بملابس مدنية "حاولوا خطف ابني من أحد شوارع المعادي فجر أمس الثلاثاء، أثناء عودته من زيارة صديق، وحين سألهم عن هوياتهم عرّفوا أنفسهم بأنهم من اﻷمن الوطني".
وفيما يتعلق بما دار في التحقيقات، كشف علي أن نيابة أمن الدولة سألت العليمي عن "تحالف اﻷمل" ومشاركته فيه، وكان رده أنه لا يوجد أي كيان بهذا الاسم، وأكد أنه ينتمي لحزب مدني مُشهر قانونيًا هو المصري الديمقراطي الاجتماعي، وأنه كان يتناقش وآخرين حول المشاركة في الانتخابات النيابية المُقبلة.
ولقيت وقائع القبض إدانة من قوى سياسية مثل حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، وكذلك الحركة المدنية الديمقراطية، التي وصفت ما يحدث بأنه "نهج من السُلطات الحاكمة حاليًا، يسعي إلى سد جميع المنافذ السياسية وسبل الحوار ويخنق العمل السياسي تمامًا".
وحذرت الحركة، في بيان لها، من أن هذا النهج "سيؤدي إلى انتشار اليأس وتمكنه من عقلاء ذلك الوطن، ولن تجد السلطة أمامها سوي مجموعات من المتطرفين والراغبين في هدم الدولة لتتعامل معهم؛ ما يمكن أن يكون له عواقب وخيمة علي الجميع"، مُطالبة بالإفراج الفوري عن المقبوض عليهم والشباب و"الرموز السياسية الشريفة والمخلصة لوطنها".
.. تفاصيل "غير واضحة"
قال المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، محمد عيسى، إنه تمكن من حضور التحقيق مع حسام مؤنس، والذي استغرق حوالي ساعتين، مُشيرًا إلى أن نيابة أمن الدولة اشترطت عدم حضور أكثر من محاميين اثنين فقط- بحد أقصى- مع كل متهم.
وكشف عيسى، للمنصّة، تفاصيل القبض على مؤنس، قائلاً إنها تمت فجر أمس من منزله "اقتحمته قوة أمنية، وأخدوا لابتوب وموبايلات، وأثبتنا ده في محضر".
وقال عيسى إن "تفاصيل القضية لم تتضح بصورة كاملة حتى الآن، لكن الاتهام الرئيسي الموجه للجميع هو مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها"، بينما بقية الاتهامات موزعة بينهم.
وأضاف المحامي إلى أن ما يواجهه مؤنس بخلاف الاتهام الرئيسي هو "نشر أخبار كاذبة".
في حسابه على فيسبوك، ذكر المحامي محمد الباقر، الذي كان ضمن من حضروا التحقيقات، أن الاتهامات في هذه القضية "موزعة بواقع تهمة أو اثنتين لكل شخص، حسب الخلفية السياسية والمهنية له".
في هذا السياق، ذكر خالد علي أن الاتهامات التي يواجهها المحسوبين على التيار المدني مثل زياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد وأحمد تمام وحسن بربري، هي "مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وبث أخبار كاذبة"، ولا علاقة لهم فيما يتردد من اتهامات تتعلق بـ"الإضرار بالمصالح الاقتصادية، أو التمويل، أو هدم أركان الدولة".
.. وأسئلة بلا إجابات
قالت المحامية ماهينور المصري لـ المنصة، التي حضرت التحقيق مع الصحفي هشام فؤاد، إنه يواجه التهمتين نفسهما "مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، ونشر أخبار كاذبة".
وكشفت ماهينور المصري أن جلسة التحقيق مع هشام فؤاد لم تشهد فض أي أحراز أو مواجهته بما يدلل على "نشره أخبار كاذبة" على الرغم من مطالبتها وفريق الدفاع بهذا اﻷمر، مضيفة "طالبنا أيضًا بالتعرف على دوره في مشاركة الجماعة الإرهابية أو اﻷلفاظ المؤثّمة قانونيًا، لكن دون استجابة. كما طالبنا بالاطلاع على محضر الضبط والتحريات، لكن النيابة أرجأت الأمر".
وألقي القبض على هشام فؤاد- وفقًا لما ذكرته المصري- من منزله فجر أمس "وجد حوالي 20 شخصًا أمام الباب، اقتادوه في بوكس (سيارة شرطة) معصوب العينين إلى مكان غير معلوم، قبل أن يتم ترحيله لمقر نيابة أمن الدولة".
وشددت المصري مجددًا على أن فؤاد لم يواجه في نيابة أمن الدولة بأي أحراز أو أدلة، وأن "ما وُجه له من أسئلة كانت حول نشأته وعائلته وأماكن عمله وأفكاره السياسية ومشاركته في ثورة 25 يناير أو استحقاقات سياسية، وعن حسابه على فيسبوك"، وإنه أجاب بأنه "شارك في الثورة، ويعتنق الفكر الاشتراكي. وفيما يتعلق بحساب فيسبوك، ذكر أنه منذ فترة لا يتمكن من التعامل به بسبب قرصنته".
وذكرت المحامية أن التحقيق استغرق حوالي خمس ساعات تقريبًا "بسبب تغيير وكيل النيابة في منتصف التحقيق لسبب غير معلوم؛ ما أدى إلى فتح تحقيق آخر جديد".