بعد مرور أسبوع على اختفائها، ظهرت الصحفية عبير الصفتي، مساء الأحد الماضي، في نيابة أمن الدولة العليا التي قررت حبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات معها في قضية جديدة مُرتبطة بالاستفتاء على التعديلات الدستورية التي أجريت شهر أبريل 2019، فيما كشف محاميها عن إجراءات اتخذها منعًا لوقوع ضرر عليها جرّاء تخلّفها عن التدابير الإحترازية المفروضة عليها في قضية أخرى.
وألقي القبض على الصفتي يوم 22 أبريل/ نيسان الجاري، ثالث أيام الاستفتاء على تعديل الدستور، أثناء سفرها من القاهرة إلى كفر الدوار حيث تُقيم وتؤدي إجراءات التدابير الاحترازية على ذمة قضية قديمة هي "معتقلي المترو".
والصفتي ليست المقبوض عليها الوحيدة بالتزامن مع الاستفتاء، فوفقًا لحصر أجراه حزب العيش والحرية، تبين وجود عدد آخر ألقي القبض عليهم، وظهر بعضهم في النيابة وصدر ضدهم قرارًا بالحبس على ذمة القضية نفسها المتهمة فيها الصحفية عبير.
من الميكروباص
تعرّضت الصفتي، وهي عضو بحزب العيش والحرية، لتوقيف الشرطة لها وللركّاب أثناء تواجدهم في الميكروباص، ومطالبتهم بمغادرته للتصويت في إحدى لجان استفتاء الدستور المقامة في الموقف؛ مما أدى لاحتجاج الركاب والقبض على أحدهم ثم القبض عليها.
وبحسب ما ذكرته صفحة العيش والحرية وأكدّه محاميها للمنصّة، اختفت عبير منذ ذلك الحين دون أن تتمكن أسرتها من الاتصال بها؛ فتقدمت ببلاغات للجهات المعنية، حتى ظهرت يوم اﻷحد في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة قضية جديدة برقم 674 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، وهي القضية التي وصفها المحامي بـ"الجديدة"، قائلاً إنه "لا تتوفر عنها أو عن المتهمين فيها معلومات كافية حتى الآن".
وسبق أن اتُهمت الصفتي في قضايا أخرى، كان منها القضية رقم 45 لسنة 2107، المعروفة بـ"معتقلي الأرض"، إذ ألقي القبض عليها في يناير/ كانون الثاني 2017 من محطة الرمل بالأسكندرية وهي تحمل لافتة مكتوب عليها "تيران وصنافير مصرية"، اعتراضًا على تنازل الحكومة المصرية على الجزيرتين لصالح المملكة العربية السعودية، ووُجهت إليها تهم "التظاهر، والتجمهر، واستعراض القوة".
وكانت الصفتي واحدة من المتهمين أيضًا في القضية رقم 718 لسنة 2018، المعروفة إعلاميًا باسم "احتجاجات المترو"، وواجهت فيها اتهامات بـ"الاشتراك مع جماعة إرهابية في أنشطتها، والتظاهر، وتحريض المواطنين على الاحتجاج على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق"، لكن أخلي سبيلها على ذمة القضية بتدابير احترازية.
بلاغات ضد الاختفاء
رمضان محمد، محامي عبير الصفتي، تقدّم ببلاغات وتلغرافات للنائب العام ووزير الداخلية "لتوثيق واقعة القبض عليها وتاريخها، مع سرد ما حدث معها بالتفصيل من توقيف ضابط شرطة للميكروباص الذي كانت تستقله، ومطالبته الرُكاب بالتصويت في لجنة بالموقف، ورفض عبير للأمر والقبض عليها".
وقال محمد للمنصّة إن هذا الإجراء هدفه "الإثبات للنيابة أنها متخلّفة عن أداء التدابير الاحترازية لسبب خارج عن إرداتها".
ومن المقرر، وفقًا لمحمد، أن يتم الاستعانة بهذه البلاغات والتلغرفات "للتدليل على المخالفات الإجرائية التي وقعت أثناء القبض عليها، ومن بينها عدم عرضها على النيابة في غضون 24 ساعة من تاريخ إلقاء القبض عليها".
وتواجه الصفتي في القضية الجديدة اتهامات بـ"الانضمام لجماعة إرهابية، واستخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية لارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا بهدف الإخلال بالنظام والأمن العام".
وكشف المحامي أن عبير خلال التحقيقات "لم تواجه بالمعلومات الواردة في التحريات بخصوص موضوع القضية، ووجهت الاتهامات لها دون سند، سواء المتعلقة بالانضمام لجماعة إرهابية أو استخدام فيسبوك في أي عمل مخالف للقانون".
وتابع محمد، الذي تواصل مع موكلته وجهًا لوجه ولمدة ساعتين بعد ظهورها في النيابة "مع العلم بأن عبير لا تمتلك أي حسابات على السوشيال ميديا باستثناء فيسبوك، وقد أغلقته منذ فترة بناءً على تعليمات الطبيبة النفسية".
واختتم المحامي بالإشارة إلى أن إجراءات التدابير الاحترازية أوقفت حاليًا، ﻷن موكلته "محبوسة بالفعل على ذمة قضية أخرى، وصارت في عهدة السلطات بالفعل".
نمط أمني
ترى إلهام عيداروس، وكيل مؤسسي حزب العيش والحُرية، في القبض على عضوة الحزب أنه يكشف عن "نمط" تتبعه السلطات، قائلة "من وقائع القبض على عبير سواء هذه المرّة أو في مرّات السابقة؛ يبدو أن هُناك نمطًا تتبعه الأجهزة اﻷمنية مع أصحاب الملفات السياسية، وهو القبض عليهم ثم الزجّ بهم في أية قضية، وقد صار هذا الأسلوب متبعًا ومتكررًا".
وضربت الناشطة السياسية مثالاً على حالات قبض واختفاء بالتزامن مع الاستفتاء على الدستور، كان منها بخلاف الصفتي "أحمد بدوي الذي حمل لافتة ضد التعديلات، وأمير عيسى أحد أعضاء حزب الدستور".
وبحسب ما ذكرته اليوم اﻷربعاء مؤسسة حُرية الفكر والتعبير، "تقرر حبس أمير عيسى 15 يومًا، بعد القبض عليه أثناء تصويره مخالفات أمام لجنة الأستفتاء بقليوب".
وعن القبض على الصفتي وغيرها بالتزامن مع الاستفتاء قالت عيداروس "هنا رغبة في تصدير صورة عن وجود مواطنين يريدون إفساد العُرس الديمقراطي؛ فألقي القبض على عدة أشخاص بالتزامن مع الاستفتاء، بالإضافة لترهيب حدث قبل إجراء الاستفتاء لمَن يعارض التعديل، كما وقع مع نواّب بالبرلمان حدّ انتهاك خصوصيتهم واستخدام التسريبات الجنسية ضدهم؛ ما أدى للإضرار بسيدات بعيدات تمامًا عن العمل السياسي".
بحسب حصر أجراه العيش والحرية- وحصلت المنصّة عليه- بلغ العدد المؤكد للمقبوض عليهم قبل الاستفتاء 13 شخصًا، بينهم حزبيين مثل "الصحفي خالد سويدة، عضو حزب الدستور، والمحامي هشام عادل عضو العيش والحرية، والصيدلي جمال عبد الفتاح، وأعضاء حزب الكرامة خالد بسيوني وعبد العزيز الفضالي ومهاب الإبراشي"، وجميعهم صاروا متهمين في قضايا مختلفة.
ووفقًا للحصر نفسه، فإن "حملة الاعتقالات" تواصلت بعد إطلاق الحركة المدنية حملة توقيعات إلكترونية في منتصف فبراير/ شباط الماضي لرفض تعديل الدستور، إذ ألقي القبض وقتها على 4 أعضاء بحزب الدستور، واتهموا على ذمة القضيتين 277 لسنة 2019 و1739 لسنة 2018.
واختتمت وكيل مؤسسي العيش والحرية بقوله "صارت الدولة تتبنى منهج التنكيل بالقوى المدنية المعارضة وشن حرب تكسير عظام ضدها عبر التضييق على فعالياتها واعتقال أعضائها؛ ليصبح الشغل الشاغل لهذه القوى هو التعامل مع هذه التضييقات، بدلاً من ممارسة العمل السياسي والمشاركة في الاستحقاقات السياسية، ما أدي لخنق تام للمجال العام".