قضت محكمة جنح أمن دولة طوارئ أسوان، في جلستها المنعقدة اليوم الأحد، بتغريم 23 متهمًا نوبيًا تظاهروا سلميًا وهم يحملون الدفوف في القضية المعروفة إعلاميًا باسم "معتقلي الدفوف"، 50 ألف جنيهًا لكل منهم مع إيقاف التنفيذ، وتغريم متهم آخر 30 ألف جنيهًا مع وقف التنفيذ، وببراءة سبعة آخرين، وانقضاء الدعوى الجنائية لأحد المتهمين لوفاته.
وتعود أحداث القضية إلى 3 سبتمبر/ أيلول 2017، الذي وافق أول أيام عيد الأضحى، حين ألقت الشرطة القبض على 25 من النوبيين الذين شاركوا بمسيرة سلمية في محافظة أسوان، رفعوا خلالها مطلب حق العودة التاريخي عبر الغناء ودق الدفوف.
وتنص المادة 236 من الدستور المصري على حق العودة النوبي، لكن السلطات المصرية أصدرت قرارات تتعارض مع إمكانية تنفيذ هذا النص، وكان منها القرار رقم 444 لعام 2014، والذي اعتبر 16 قرية نوبية من أصل 44 قرية أراض حدودية عسكرية.
وألقي القبض في وقت لاحق على ثمانية شباب آخرين، نظموا مسيرة للتضامن مع المحبوسين، وانضموا للقضية نفسها.
وكانت التهم الموجهة للمتهمين النهائيين في القضية، وعددهم 32 شخصًا بعد وفاة واحد منهم هو جمال سرور "التحريض على التظاهر، والتظاهر بدون ترخيص، وإحراز منشورات، والإخلال بالأمن العام، وتعطيل حركة المرور، وتلقي التمويل".
وقال المحامي منير بشير، عضو هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية، إن حكم اليوم صدر بتغريم المتهم الأول 30 ألف جنيهًا ومن المتهم الثاني وحتى المتهم رقم 24 غرامة 50 ألف جنيه لكل منهم على حده، والبراءة لبقية المتهمين من المتهم 25 وحتى 32، وانقضاء الدعوى الجنائية للمتهم جمال سرور، لوفاته.
وتوفى سرور، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، إثر تدهور حالته الصحية داخل محبسه بسجن الشلال، بعد أن أضرب عن الطعام مع عدد آخر من السُجناء بسبب منعهم من حضور جلسة تجديد حبسهم؛ ما أدى إلى تعرّضه لغيبوبة أدت إلى وفاته، بعد عدم متابعة حالته الصحية من قبل سلطات السجن.
وعن الإجراءات التالية على الحكم، أوضح بشير في تصريحات أدلى بها للمنصّة عقب الجلسة، أن أي تظّلم على الحكم سيكون موجهًا للحاكم العسكري، وأن الأخير "في يده سلطات مثل تخفيف الحكم أو حتى إلغائه".
ومرّت قضية "مُعتقلي الدفوف" بمنعطفات مختلفة، على مستوى التقاضي وعلى مستوى التضامن، إذ شهدت جلستها التي انعقدت في مارس/ أذار 2018، تنحي الدائرة التي تنظر القضية "لاستشعار الحرج".
وكان من بين جولات التقاضي، طلب ردّ لهيئة المحكمة، قدّمه بشير، المحامي وفي الوقت نفسه المتهم الثاني في القضية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وهو ما قوبل بالرفض وتغريمه 4 آلاف جنيهًا.
ومن قضية "معتقلي الدفوف"، ظهرت قضية أخرى هي المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث كلابشة"، التي تأججت عقب جنازة سرور، وعلى مدار الأيام الثلاثة التالية لوفاته، إذ احتج عشرات النوبيين في محافظة أسوان، وانتهى الأمر باشتباكات بين الشرطة وبينهم، وحملة "قبض عشوائي" على عدد من أهالي قُرى نوبية، من بينها جرف حسين وكلابشة والعلاقي، وفقًا لما ذكره أهالي من النوبة ومحامٍ حقوقي للمنصّة في وقت سابق.
ولاقى المتهمون في قضية "معتقلي الدفوف"، تضامنًا من خارج النوبة أيضًا، إذ أصدرت عدة منظمات حقوقية بيانًا مشتركًا طالبت فيه بـ"إسقاط كافة الاتهامات الموجهة للنوبيين في هذه القضية، وإصدار قرار جمهوري يقضي بإعادة النوبيين لقراهم القديمة، وتعويضهم عمّا لحق بهم من ضرر جراء التهجير القسري".
وطالب البيان أيضًا بأن يتضمن القرارالجمهوري "إنشاء هيئة عليا لتنمية بحيرة ناصروتعميرها على النحو الذي يقتضيه الدستور، وبوقف التعامل مع النوبة بوصفها ملفًا أمنيًا والنظر بريبة وتربص لكل تحرك نوبي ووصمه بالسعي للانفصال، على نحو مخالف للحقيقة، والتوقف عن ملاحقة أو تهديد النشطاء النوبيين".