بعد ساعات من تقديم إدارة صحيفة المشهد طعنًا أمام محكمة القضاء الإداري على قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بتغريمها 50 ألف جنيه وحجب موقعها لستة أشهر، صدر قرار جديد من المجلس اليوم الأحد بمنع بث برنامج "الزمالك اليوم" على قناة المحور لمدة شهر، مع إنذار القناة بعدم عرض أي مادة إعلامية مماثلة خلال مدة منع البث، وتغريمها 50 ألف جنيه، وإمهالها أسبوعين لتقنين أوضاع البرامج المؤجرة وبرامج الإنتاج المشترك والبرامج المهداة، التي تبثها دون تصريح منه.
وفي القرار، ذكر المجلس أن إيقاف البرنامج جاء بسبب "الخروج عن القيّم واﻷخلاق، والتحقير من شأن عدد من الشخصيات العامة والرموز الرياضية، واستخدام ألفاظ وعبارات مسيئة لها، ومخالفة ميثاق الشرف المهني والمعايير واﻷعراف المكتوبة (اﻷكواد)".
تواصلت المنصّة مع عضو المجلس، جمال شوقي، لمعرفة حيثيات العقوبة وطبيعة ما ورد في المادة الإعلامية وسبب إدراجه تحت "الخروج عن القيم"، إلاّ أنه رفض الردّ، مُحيلاً اﻷمر إلى خبراء الإعلام "للتعليق"، أو رئيس المجلس مكرم محمد أحمد "ليذكر الحيثيات"، باعتباره المتحدث الإعلامي له.
وكان المجلس اﻷعلى أصدر قرارًا، يوم الخميس الماضي 21 مارس/ أذار، بتغريم صحيفة المشهد الأسبوعية 50 ألف جنيه وحجب موقعها الإلكتروني لمدة 6 أشهر، وذلك بعد يومين فقط من إصداره لائحة الجزاءات.
وقال مجدي شندي، رئيس تحرير الصحيفة، إن الطعن الذي يحمل رقم 37723 لسنة 73 قضائية، ليس الإجراء الوحيد من جانب المشهد أمام قرارات المجلس، بل سيقدم طعنًا آخر غدًا الاثنين أمام القضاء الإداري على اللائحة نفسها، فضلاً عن تظلّم تم تقديمه بالفعل للمجلس اﻷعلى للإعلام ضد القرارات "الجائرة".
وفي تصريحات لصحيفة الشروق، أول أمس الجمعة، قال مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس اﻷعلى للإعلام، إن قال رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مكرم محمد أحمد، إن حجب موقع المشهد وتغريم الصحيفة 50 ألف جنيه، "جاء بعد ارتكابهما جرائم إعلامية تتعلق بالخوض في الأعراض ونشر مواد إباحية".
وذكر شندي لـ المنصّة أنه توجّه أمس لمقر المجلس، في محاولة للتعرف على ما نشرته الصحيفة واستوجب عقابها، قائلاً "قعدت هناك 4 ساعات بحاول افهم إيه العناوين أو المواد الغلط اللي نشرناها، وماوصلتش لحاجة"، ووصف ما تتعرض له الصحيفة بـ"التربص".
وعلّق شندي "من المفترض أن اللوائح لا تسري إلاّ من تاريخ إقرارها، أي من يوم 20 مارس في حالة لائحة الجزاءات، لكننا فوجئنا بالعقوبة موقّعة علينا بعد 24 ساعة فقط من الإقرار، ما يؤشر لوجود تربّص بالصحيفة، لاسيما وأنه لم يصدر للمشهد أي أعداد في الفترة بين 20 و21 مارس".
وذكر مكرم، في تصريحاته للشروق، أن الموقع "غير مُرخص"، فيما ردّ رئيس تحرير المشهد بقوله "ردينا على كلام رئيس المجلس بمستندات ترخيص الشركة بصحيفة وموقع إلكتروني كانت مُقدمة لوزارة الاستثمار، بل إنه وحين سأل المجلس عن موقفنا من الضرائب تقدمنا بالبطاقة الضريبية للموقع والسجل التجاري أيضًا، وحين فتح المجلس باب التقديم للتسجيل، تقدمنا باﻷوراق المطلوبة واستوفينا الإجراءات بما فيها سداد 50 ألف جنيه، بدأ المجلس بالفعل في سحبها من حسابنا منذ نوفمبر الماضي".
وفسّر رئيس التحرير ما يراه من "ترّبص" بالصحيفة، بقوله "أعتقد أن سببه هو تمسّكنا بحريتنا حتى هذه اللحظة، وبأن ننشر ما نراه في مصلحة الوطن والذي لدينا رؤية واضحة تُفرّق بينه وبين النظام، كما أننا معنيين بقضايا الحقوق والحريات، فصرنا بمثابة مَن يُناقش أمورًا محرّمة".
وأشار شندي إلى أن آخر أعداد الصحيفة تناولت التعديلات المزمع إجراؤها على دستور 2014، مُضيفًا "لم نتعرض لضغوط إلا منذ بدأت أحاديث تعديل الدستور، وكانت في البداية ضغوطًا بسيطة من قبيل مشكلات في الطباعة والتوزيع، أما الضغط الواضح والخشن فبدأ مع انتقال أمر التعديل إلى الساحات الرسمية، وكان من بينها منع ندوة لنا ثم قرار المجلس اﻷعلى".
ولاقى قرار معاقبة المشهد ردود فعل تضامنية مع الصحيفة وغاضبة من الجزاء باعتباره "قرارًا رقابيًا جائرًا ويستكمل إجراءات الاجهاز على الصحافة المستقلة في مصر"،حسبما وصفته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
وذكرت الشبكة الحقوقية، في بيان صادر عنها اليوم، أن المجلس "بتطبيقه مواد لائحة مفصّلة لتكميم أفواه الصحفيين وإسكات وسائل الإعلام فضلاً عن عدائه لحرية الصحافة، فهو يُخالف مواد الدستور".
وتحظر المادة 77 من الدستور المصري تدخّل الجهات الإدارية التدخل في شؤون أعضاء النقابات المهنية، وأن أي خطأ يرتكبوه يكون الحق في المساءلة عليه للنقابة وحدها.
ورأت الشبكة أن المجلس بقراراته "يمنح لنفسه حق فرض العقوبات على الصحافة والصحفيين". واختتمت بيانها بتأكيد أن "استمرار عمل هذا المجلس وقيامه بلعب دورالرقيب الصارم، وأن هذه اللائحة بوضعها الحالي يُعدّ سيفًا مسلطًا على كافة وسائل الإعلام وأصحاب الرأي- لاسيما المنتقدين أو غير المرضي عنهم- مما يهدد صناعة الإعلام ويؤذن بغياب ما تبقى من حرية الصحافة وحرية التعبير التي أوشكت أن تخلو منها مصر".