ظهر الصحفي أحمد جمال زيادة، اليوم الأربعاء في قسم شرطة العمرانية بعد 15 يومًا من اختفائه من مطار القاهرة الدولي حيث كان عائدًا من تونس.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، ظهرت منشورات من قبل زملاء وأصدقاء زيادة، تطالب بالكشف عن مصيره.
بدأت قصة زيادة، في 29 يناير/ كانون الثاني 2019، حين "تم توقيفه والتحفظ عليه داخل مطار القاهرة، الذي وصله عائدًا من تونس، حيث منحته الدراسية، ولم يظهر منذ ذلك الحين"، حسبما ذكرت منشورات على فيسبوك.
وأثار اختفاء زيادة ردود فعل استنكارية من جانب عدد من زملائه الصحفيين، الذين طالبوا باستجلاء مصيره، وحمّلوا الجهات الرسمية المسؤولية عن سلامته الشخصية.
وقائع الاحتجاز
عن وقائع ما حدث لزيادة، قال صديقه *محمد محمود، "أحمد كان راجع من تونس هو وزوجته، وده بصورة استثنائية لحضور لجنة قيد النقابة، وكان المفروض يرجع تونس تاني".
وقال محمود، الذي كان في استقبال صديقه "أنا كنت منتظر برّه المطار، لما أحمد اتصل بي الساعة 3 ونص وقت وصول الطيارة، وقال لي أنا نزلت. وبعد كده تليفونه رن مرّة واحدة وقفل؛ قلقت.. ولما اتصلت بيه لقيت زوجته هي اللي بترد عليّا وبتقولي أحمد اﻷمن أخده".
وأضاف محمود "عرفت إنهم شافوا الجواز بتاعه، وقالوا له اتفضل معانا. في الوقت ده زوجته أخدت كل متعلقاته وخرجت بيها، وفضلنا أنا وهي منتظرين من 3:30 الظهر لحد الساعة 2 الفجر".
وتخلل ساعات الانتظار، بحسب الصديق، محاولة لرؤية المحتجز، وفقًا لقوله "الساعة 6 مساءً قالت جهات الأمن في المطار لزوجته عايزين متعلقاته الشخصية، وكنا مترددين نعمل الخطوة دي ولا ﻷ، فقررنا نخرج من المطار خالص لحد ما نقرر. بعد شوية، موبايل أحمد كان معايا أنا، ولقيت رقم سري private number بيتصل أكتر من مرة، على تليفون زوجته وبعدين تليفونه؛ رديت فلقيت أحمد بيكلمني وقال لي ابعت الموبايل والشنطة، وبعده كلمنا ظابط من الأمن الوطني، وقال تعالوا هنخليكم تشوفوه، والموضوع بسيط".
في تلك اللحظة، كان التوتر والارتباك هو سيد الموقف "مش عارف اخد أي خطوة، خايف اللي اعمله يطلع غلط"، يقول محمود.
لكن اﻷمر انتهى في النهاية بقرار تسليم متعلقات زيادة "ﻷنها حاجات سليمة ومفيش فيها ما يدينه.. وكمان على حسب كلامهم هيخلونا نشوفه".
لكن وعلى الرغم من الوعد برؤية المحتجز، لم يفلح اﻷمر "زوجته دخلت بالمتعلقات. أخدوها منها ومنعوها من إنها تشوفه.. وكل ساعتين تقريبًا كانت بتدخل تسأل، لكن مفيش رد.. وكنا متوقعين إن الموضوع هيكون مجرد تحقيق معاه وبعدها يخرج، لكن الساعة 1 صباحًا، الكلام اتغير وقالوا ماعندناش حد أصلًا".
واختتم محمود شهادته عما حدث بقوله "من هنا حسينا إنه خلاص، كل انتظارنا ومحاولاتنا مالهاش لازمة، وأحمد بقى في عداد المختفين قسريًا، والموضوع بقى في إيد المحامي، وهو نفسه زينا، مش عارف أحمد فين".
تحركات محمومة
يشرح المحامي الحقوقي محمد الباقر، الموكل في قضية زيادة، الموقف القانوني الحالي له، بقوله إن ما جرى هو "استيقاف داخل مكتب الجوازات في مطار القاهرة بصورة غير مبررة، ثم اقتياده إلى حجز المطار حيث تم احتجازه بشكل غير قانوني".
وأضاف الباقر "مع عدم عرضه على النيابة في غضون 24 ساعة من احتجازه بصورة غير قانونية في مكان غير معلوم، صار توصيفه مختفي قسريًا، وممنوع من التواصل مع محاميه وذويه، وذلك بالمخالفة للمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري".
وعن التحركات التي اتخذها وأسرة زيادة، قال المحامي إنها تنقسم إلى شقين "تحركات رسمية بإرسال تلغرافات وبلاغات للأجهزة والشخصيات المعنية، مثل وزارة الداخلية ومساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان والنائب العام، وكذلك النيابة المختصة وكانت في حالة زيادة نيابة النزهة قبل ظهوره اليوم".
وذكر المحامي أن المسار الثاني كان غير رسمي "عبر مخاطبة كُتاب صحفيين وشخصيات عامة مهتمة باﻷمر وبقضايا الشأن العام، للتواصل مع جهات من الدولة لاستجلاء مصير أحمد".
في سياق متصل، قبلت لجنة القيد بنقابة الصحفيين أوراق زيادة، باعتباره صحفيًا في جريدة "الكرامة"، وذلك دون تقدّمه بنفسه إليها، كما تواصلت مع الجهات المعنية، فيما وصفه محاميه بـ"الدور المهم"، مُطالبًا النقابة باستكمال هذا الدور عبر مواصلة التواصل والضغط لحين استجلاء مصيره.
* استخدمنا اسمًا مستعارًا للحفاظ على أمان الصحفي.