قضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة فى محكمة عابدين، صباح اليوم الخميس، ببراءة 43 متهمًا في إعادة محاكمتهم في القضية 173، المعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي، بعد أن قبلت محكمة النقض في أبريل/نيسان 2018 طعن 16 متهمًا على الأحكام الصادرة بالحبس لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات.
يأتي هذا الحكم بمثابة كلمة النهاية في "نصف" القضية رقم 173، بينما لا يزال مصير النصف الثاني من المتهمين معلقًا بقرار قاضي التحقيق.
ويواجه الحقوقيون الواردة أسمائهم في ملف القضية؛ اتهامات منها "تلقي أموال من الخارج بقصد الإضرار بالمصالح القومية. وتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية بغير ترخيص. وتسلم وقبول أموال ومنافع من هيئات خارج مصر لتأسيس فروع لمنظمات دولية".
وعلى مدار الأشهر الماضية، تعرّض عدد من الحقوقيين لإجراءات تنوعت بين "المنع من السفر، والتحفظ على الأموال، والخضوع للتحقيق سواء باستدعاء أو بقرارات ضبط وإحضار"، بسبب القضية التي تعدّ الأكثر تأثيرًا على مسار العمل الأهلي في مصر، نظرًا لما سببته من تداعيات وآثار، في مختلف محطاتها التي ترصد "المنصّة" أبرزها في هذا التسلسل الزمني.
يوليو 2011: تشكيل لجنة تقصي حقائق
كلّف مجلس الوزراء، في 12 يوليو/ تموز 2011، وزير العدل، المستشار محمد عبد العزيز الجندي، بتشكيل لجنة تقصى حقائق، لإعداد تقرير مفصل بشأن "التمويل الأجنبي المباشر لمنظمات المجتمع المدني المصرية والمنظمات الأجنبية غير المرخص لها في مصر".
وعقّبت وزيرة التعاون الدولي، في ذلك الوقت، فايزة أبو النجا، والتي كانت لاعبًا رئيسيًا في تحريك القضية، على القرار بقولها إنه "استجابة للرأى العام المصري الرافض لمثل هذا التمويل، واعتباره تدخلًا في الشأن الداخلي المصري".
سبتمبر 2011: ندب قضاة للتحقيق
قرر وزير العدل، في 22 سبتمبر/ أيلول 2011، ندب المستشارين سامح أبوزيد وأشرف العشماوي، بمحكمة استئناف القاهرة، للتحقيق في تقرير لجنة تقصي الحقائق عن "التمويل الأجنبي للمنظمات وجمعيات المجتمع المدني".
وقبل انتداب القضاة بأسبوعين، نشرت صحيفة "المصري اليوم" نقلًا عن مصدر قضائي مُجَهّل، قوله إن نيابة أمن الدولة العليا بدأت تحقيقات موسعة في القضية.
ديسمبر 2011: مداهمة مراكز حقوقية
صبيحة يوم 29 ديسمبر/ كانون أول 2011، داهمت قوات الشرطة بصحبة مسؤولين من النيابة العامة، مقار 17 منظمة غير حكومية مصرية وأجنبية تعمل في مصر، بناء على طلب القضاة على خلفية قضية "التمويل الأجنبي" والتحقيقات الجارية فيها.
وقال القضاة، في بيان لهم، إن أمر التفتيش يهدف إلى ضبط الأوراق والمستندات والمطبوعات والأجهزة "مما تكون قد استعملت في ارتكاب الجرائم محل التحقيق، أو أعدت لاستعمالها فيه".
ووقتها دافعت الوزيرة فايزة أبو النجا عن الإجراء، مقابل ما لاقاه من إدانات دولية، وقالت إنه " لم يكن مداهمات وإنما هو حق لقضاة التحقيق".
فبراير 2012: إحالة للجنايات
في 5 فبراير/ شباط 2012، قرر المستشاران أشرف العشماوى وسامح أبو زيد، قاضيا التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011، إحالة 43 متهماً من جنسيات مختلفة، بينهم أمريكيين وألمان وصرب وفلسطينيين ومصريين، إلى محكمة الجنايات، بتهم أبرزها "الحصول على تمويل مباشر غير مشروع بما يخلّ بسيادة الدولة، واستعمالها فى أنشطة محظورة".
فبراير 2012: الجلسة الأولى
انعقدت، يوم 26 فبراير 2012، أولى جلسات محكمة جنايات شمال القاهرة، برئاسة المستشار محمد محمود شكري، لنظر القضية 173 لسنة 2011.
ومنع جميع المتهمين المحالين للمحاكمة، بمن فيهم الأجانب، من السفر ، وتقرر رسميًا استمرار وضع أسماء المتهمين "الهاربين" على قوائم ترقب الوصول.
فبراير 2012: تنحي المحكمة
أعلنت هيئة محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمود رشدي، يوم 28 فبراير 2012، قرارًا بالتنحي عن نظر القضية"لاستشعارها الحرج"، وسط أقاويل ترددت عن تعرضها لـ"ضغوط كبيرة".
مارس 2012: سفر المتهمين الأجانب
قبل انقضاء أول أيام شهر مارس/ آذار 2012، كان عدد من المتهمين الأجانب في القضية- 17 شخصًا بينهم 9 أمريكيين- قد غادروا الأراضي المصرية، على متن طائرة أمريكية من مطار القاهرة، بناءً على قرار من النائب العام المصري في ذلك الوقت، المستشار عبد المجيد محمود، لرفع أسمائهم من قوائم الممنوعين من السفر.
وفي ذلك الوقت، دافع المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، عن القرار، ووصفه بأنه "يتفق مع أحكام الدستور والقانون".
يونيو 2013: النطق بالحكم
في جلسة انعقدت يوم 4 يونيو/ حزيران 2013، قضت محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة 43 متهمًا في القضية 173 لسنة 2011، بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات، وبإغلاق "المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد القومي الديمقراطي، وفريدم هاوس، والمركز الدولي للصحافة، ومؤسسة كونراد أديناور".
وجاءت أغلب الأحكام غيابية بحق المتهمين الأجانب سواء "الهاربين" أو الذين سافروا قبل عام من الحكم، بينما كان الحكم بالسجن سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ، من نصيب المتهمين المصريين.
مارس 2016: إعادة فتح التحقيقات
في منتصف مارس 2016، قرر قاضى التحقيق المستشار هشام عبد المجيد، إجراء تحقيقات موسعة فى قضية "التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني"، قال إنها بناءً على ورود معلومات جديدة بشأن عدد من المنظمات الحقوقية وبعض المراكز الأهلية والإخوانية، وأشخاص متورطين فى تلقي تمويلًا من الخارج أجنبيًا وعربيًا.
واستمع قاضي التحقيق لأقوال مقدمى البلاغات ضد هذه المؤسسات، كما خاطب مصلحة الضرائب، للمطالبة بتشكيل لجنة لفحص عدد من الجمعيات، للكشف عن وجود شبهة التهرب الضريبى لهذه الجمعيات، وانتهى وفقًا لما ذكرته صحيفة "اليوم السابع" إلى "وجود شبهة تهرب لجميع الجمعيات الخاضعة للفحص".
وضمت قائمة المنظمات التي اتهمها التقرير بارتكاب مخالفات، كلًا من "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمعهد المصرى الديمقراطي، والمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز هشام مبارك للقانون".
مارس 2016: التحقيق مع عضوات "نظرة"
في يوم 22 مارس 2016، مثُلَت 3 عضوات بمركز "نظرة" للدراسات النسوية، للتحقيق في القضية.
واعتبرت المؤسسة، في بيان لها، أن هذا الأمر يأتي "في إطار خطوات تصعيدية بدأتها الدولة تدريجيا منذ وقت طويل وأخذت خطوات متسارعة في الآونة الأخيرة، لغلق المجال العام بالتضييق على منظمات المجتمع المدني المستقلة بأشكال مختلفة".
سبتمبر- ديسمبر 2016: التحفظ على الأموال
في 17 سبتمبر 2016، قضت محكمة جنايات القاهرة، بتأييد أوامر المنع من التصرف فى الأموال، الصادرة من قضاة التحقيق فى قضية التمويل الأجنبى الجديدة، ضد كل من المدير السابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهى الدين حسن، ومدير المركز المصرى للحق فى التعليم عبد الحفيظ السيد، ومدير مركز هشام مبارك للدراسات القانونية مصطفى آدم.
ديسمبر 2016: منع من السفر
في 14 ديسمبر 2016، قضت الدائرة السادسة جنايات شمال القاهرة، بتأييد طلب قاضي التحقيق في قضية "التمويل الأجنبي"، بمنع مديرة مركز قضايا المرأة، عزة سليمان، من التصرف في كافة أموالها.
وسبق قرار التحفظ على أموال المحامية عزة سليمان، بيوم واحد فقط، مطالب أخرى بالتحفظ على أموال مركز نظرة للدراسات النسوية، ومديرته مُزن حسن.
أبريل 2017: استدعاء مزيد من الحقوقيين
قرر قاضي التحقيقات يوم 10 أبريل/ نيسان 2017، استدعاء المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك للقانون، المحامي مصطفى الحسن، للخضوع لتحقيقات في القضية، وحين مثل أمام قاضي التحقيقات يوم 13 أبريل 2017، فوجئ زميله الذي حضر معه جلسة التحقيق، أحمد راغب، بصفته محاميًا، بأنه هو أيضًا مطلوب في القضية نفسها، وتحدد له جلسة الأحد 16 أبريل 2017، التي قرر قاضي التحقيقات فيها، تأجيل سماع أقواله.
مايو 2017: استدعاء محمد زارع للتحقيق
وفقًا لتدوينة نشرها الموقع الرسمي لمنظمة العفو الدولية، مثُل، مدير برنامج مصر بمركز القاهرة لحقوق الإنسان، محمد زارع، يوم 15 مايو/ أيار 2017، أمام قاضي التحقيق في القضية 173 لسنة 2011.
يونيو 2017: استدعاء أحمد راغب للتحقيق
مثُل المحامي الحقوقي أحمد راغب، يوم الإثنين 12 يونيو/ حزيران 2017، أمام قاضي التحقيق في القضية نفسها، ووجهت له اتهامات تتعلق بعمله السابق في مركز هشام مبارك للقانون، وأخلي سبيله على ذمة القضية بكفالة 5 آلاف جنيه.
أبريل 2018: إعادة محاكمة 16 متهمًا
قضت محكمة النقض، بإلغاء الأحكام الصادرة بحق 16 متهمًا وإعادة محاكمتهم من جديد في قضية التمويل الأجنبي، أمام إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة، غير التي سبق وأصدرت حكمها بالإدانة بحقهم.
أكتوبر 2018: إخلاء سبيل
المستشار عبد المجيد، قاضي التحقيقات في القضية يقرر إخلاء سبيل إسراء عبدالفتاح، بكفالة 10 آلاف جنيه، بعد التحقيق معها في اتهام بالاشتراك مع آخرين في القضية 173 لسنة 2011.
أكتوبر 2018: منع خالد علي من السفر
قرر رئيس محكمة استئناف القاهرة، إدراج المحامي خالد على، على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، لوجود شبهة اتهام بالاشتراك مع آخرين في القضية.
نوفمبر 2018: تحديد جلسة النطق بالحكم
في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، حددت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في محكمة عابدين، جلسة 20 ديسمبر للنطق بالحكم على 43 متهما في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"التمويل الأجنبي".
20 ديسمبر 2018: البراءة
قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة فى محكمة عابدين، يوم 20 ديسبمر 2018، ببراءة 43 متهمًا فى إعادة محاكمتهم بالقضية المعروفة إعلاميًا بـ"لتمويل الأجنبي"، بعد أن قبلت محكمة النقض طعن عدد من المتهمين على الأحكام الصادرة ضدهم بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات.