أعلن الجيش الليبي، اليوم الاثنين، القبض على الجهادي والضابط السابق في سلاح الصاعقة بالجيش المصري هشام العشماوي الذي ارتبط اسمه خلال الأعوام الماضي، خاصة بعد 30 يونيو/ حزيران 2013، كواحد من القيادات الجهادية والعقل المدبر لعمليات إرهابية استهدفت في المقام الأول ضباط الجيش والشرطة.
لاعب ماهر
وُلد هشام علي العشماوي مسعد إبراهيم، في عام 1978، في مدينة القاهرة، وعُرف في أعوامه اﻷولى كطفل مولع بممارسة الرياضة، تحديدًا كرة القدم، الهواية التي لازمته حتى بعد التحاقه بالجيش المصري، حيث يذكر أحد رفاقه السابقين لوكالة رويترز أنه كان لاعبًا ماهرًا، كما أنه كان يستمتع بمشاهدة مباريات كرة القدم.
وبدأت الحياة العملية للعشماوي- والمعروف بألقاب من بينها "شريف" و"أبو مهند"- ببداية النصف الثاني من التسعينات، 1996، حينما التحق بالكلية الحربية، لينضم إلى سلاحي المُشاة ثم الصاعقة على الترتيب.
خدم العشماوي في المنطقة العسكرية الغربية (واحة الفرافرة تحديدًا) وفي سيناء لفترات طويلة، ما منحه معرفة بنقاط قوة وضعف القوات المتمركزة هناك، بالإضافة لمهارات قتالية مثل التخفي والقدرة على التعايش مع الظروف القاسية للصحراء لفترات طويلة.
.. شاب "مُتشدد"
وكما اشتهر بلعبه الماهر للكرة، كان للضابط الشاب شهرة أخرى، إذ عرفه المحيطين به كشاب "مُتشدد" في آرائه ومعتقداته الدينية، التي أثارت حوله الشكوك، منذ مطلع الألفية، حين علم المحيطون به بواقعة توبيخه ﻹمام أحد المساجد، بسبب ما رآه "أخطاء " وقع بها في تلاوة القرآن.
عرف العشماوي أيضًا كضابط حريص على توزيع الكُتيبات الجهادية التي تحمل أفكار وأدبيات الجماعات الإسلامية على زملائه، وهو السلوك الذي تلقّى تحذيرات من التمادي فيه، بل ونُقل للأعمال الإدارية كعقاب عليه، لكن دون استجابة منه، فكان وأن أحيل للمحاكمة في 2007، بعد استمراره في تنظيم اجتماعات يومية عقب صلاة الفجر، لنشر هذه الأفكار.
في 2011، حين كانت مصر مشغولة بالثورة ضد مبارك، كان العشماوي يقضي أيامه اﻷخيرة في الجيش، إذ شهد ذلك العام فصله نهائيًا من الخدمة، بناء على حكم محكمة عسكرية، لينخرط بعد ذلك في اﻷعمال التجارية، لكنه لم يستمر طويلاً حتى انتقل نشاطه إلى العمليات القتالية.
.. وجهادي خطير
في 2103 أكدت وزارة الداخلية أن عشماوي قام بزيارة سريعة لسوريا عبر الحدود التركية، وهناك أضاف إلى مهاراته القتالية أخرى جديدة توائم المرحلة الجديدة، سواء التي يمر بها شخصيًا أو تمر بها المنطقة بما تشهده من صراعات مُسلحة مفتوحة بين جيوش نظامية ومليشيات، فكان وأن تعلّم حيل وفنون العمليات القتالية وكذلك صنع المتفجرات.
في منتصف ذلك العام، كان العشماوي بين من شاركوا في اعتصام رابعة العدوية مع أنصار الإخوان، وذلك قبل فض الاعتصام وانطلاق الضابط السابق إلى الصحراء الليبية، حيث الحرب مستعرة منذ سقوط نظام القذافي.
في 2015، جاهر العشماوي بعدائه للنظام المصري ورئيسه عبد الفتاح السيسي، ودعا إلى "الجهاد" ضدهما.
لكن قبل هذا العام كان الضابط المفصول نفذ بالفعل عمليات ضد الجيش والشرطة، فكان ضالعًا في مذبحة كمين الفرافرة، في 19 يوليو/ تموز 2014، ومذبحة العريش الثالثة، في فبراير/ شباط 2015، وهو العام الذي شهد منتصفه اغتيال النائب العام هشام بركات، في عملية كان العشماوي العقل المدبر لها، وهو الدور نفسه الذي لعبه في محاولة اغتيال وزير الداخلية اﻷسبق محمد إبراهيم عام 2013.
في رَكب القاعدة
في الفترة الانتقالية بين الخدمة العسكرية والانضمام لصفوف الجهاديين، شكّل العشماوي خليّة جهادية في مسجد بناه والده في حي مدينة نصر، وكانت موالية فكريًا لجماعة "أنصار بيت المقدس"، التي تحوّل اسمها إلى "ولاية سيناء"، بعد أن بايعت تنظيم الدولة الإسلامية في منتصف 2015.
من مدينة سرت الليبية، أسس العشماوي تنظيم "المرابطين"، وصار أميرًا له يحمل لقب أبو عمر المُهاجر، واختار أن يوالي من التنظيمات الكبرى "القاعدة" بزعامة أيمن الظواهري.
ومع الولاء الصريح للتنظيم اﻷقدم، كانت عناصر "المرابطين" في حرب ضد عناصر "الدولة الإسلامية"، بالتوازي مع حربها ضد القوات الليبية التي تقاتل تنظيمات مختلفة في ليبيا، من بينها ما يقوده العشماوي، الرجل "اﻷخطر" في نزر النظامين الليبي والمصري، والذي تمكنت بعد أعوام من القبض عليه في درنة.