تصدرت الاتهامات التي وجهتها صحفية بجريدة اليوم السابع لرئيس التحرير التنفيذي للصحيفة بالتحرش بها، اهتمام مستخدمي فيسبوك وتويتر لليوم الثاني على التوالي، بعد انتشار بوست على فيسبوك يكشف عن الواقعة أمس الجمعة.
وتقدمت مي الشامي الصحفية بوحدة الفيديو بصحيفة اليوم السابع ببلاغ إلى النيابة العامة ضد رئيسها في العمل، تتهمه فيه بالتحرش "لفظيًا وجسديًا" بها في صالة تحرير الجريدة.
بدأت القصة ببوست نشرته صفحة "فضائح وأسرار الصحفيين" يؤكد تحويل رئيس التحرير التنفيذي للتحقيق، وإيقافه عن العمل لمدة 3 أيام، بعد توجيه الصحفية اتهامًا له بالتحرش في محضر حررته بقسم الدقي، وأضاف المنشور أن الاتهام "مدعم بتسجيلات تكشف وقائع التحرش"، وشكوى إلى موقع إعلام المصريين، مالكة اليوم السابع، على حد زعم كاتب الخبر.
تلقف الخبر عدة صفحات تهتم بالعمل الإعلامي المصري، كما نشرته ايضًا، صفحات سياسية معارضة، تهاجم جريدة اليوم السابع ورئيس التحرير التنفيذي المتهم لتأييدهم للنظام على حد قولهم.
عقب انتشار البوست ظهر هاشتاجان حملا اسم #ادعم_مي_الشامي و#دندراوي_الهواري_متحرش، حيث بدأ مغردون ومدونون بنشر الوسمين، واستُخدِم وسم "ادعم مي الشامي" في أكثر من 1000 تغريدة (حتى لحظة إعداد التقرير للنشر)، بينما استخدم وسم "دندراوي الهواري متحرش" في أكثر من 2000 تغريدة، ليتصدر قائمة التريند والوسوم الأكثر تداولًا، ثم يتراجع إلى المركز الرابع في قائمة التريند.
بعد وقت قصير من صعود الهاشتاج، نشرت الصحفية مي الشامي بيانًا عبر صفحتها على فيس بوك، وحسابها على تويتر، أكدت فيه حدوث واقعة التحرش، وانتظارها للتحقيقات، كما نفت علاقتها بالتسريبات، أووجود مكالمات هاتفية مسربة، وهي الادعاءات التي وردت في بوست "فضائح وأسرار الصحفيين" السابق الإشارة إليه. بينما نشرت انتصار السعيد، محامي مي الشامي بيانًا طالبت الجميع بعدم إصدار بيانات للتضامن مع مي إلا بعد الرجوع لهما.
بعدها أعلنت مي عن تقدمها ببلاغ رسمي إلى النيابة العامة بوقائع التحرش، في الوقت الذي انتشرت فيه بيانات الدعم لمي، من مواطنين ومسؤولين بالمجتمع المدني ومحامين.
فتطوع المحامي طارق العوضي للدفاع عن مي الشامي وطالب بدعمها، كما أكد عمرو بدر، عضو مجلس نقابة الصحفيين على وقوف مجلس النقابة بجانب الصحفية الشابة، وحضور محمد سعد عبد الحفيظ التحقيقات معها في مقر النيابة العامة، ممثلا عن مجلس نقابة الصحفيين.
من ناحية أخرى دعا مغردون على تويتر هذه الأحداث بإنها حملة مشابهة لحملة Me too، التي هزت الأوساط الفنية العالمية، بعدما قامت العديد من الفنانات بنشر وشرح وقائع تحرش حدثت لهن داخل أماكن العمل، وأشهر من تم اتهامهم بذلك المنتج هارفي واينستين، والفنان كيفن سبيسي.
حلقة جديدة في سلسلة ممتدة
الواقعة التي تحقق فيها النيابة العامة حاليًا والمتهم فيها الكاتب الصحفي دندراوي الهواري ليست هي الواقعة الأولى التي تتهم فيها صحفية أحد مديريها بالتحرش بها في مجال العمل. فبحسب دراسة أعدتها د. شيماء العزب الباحثة ومدرسة الصحافة الجديدة في كلية الآداب بجامعة حلوان؛ تتعرض 52% من الصحفيات المصريات للتحرش في أماكن العمل. واللافت أن صحيفة اليوم السابع نفسها نشرت نتائج تلك الدراسة عام 2014.
كشفت الدراسة أيضًا، أن الصحفيات تطاردهن اتهامات سوء السمعة بنسبة وصلت إلى 30%، وذلك رغم أن ثلث أعضاء نقابة الصحفيين من النساء، حسب تصريحات الأستاذة أمينة النقاش، مدير تحرير جريدة الأهالي (وقتها).
وتعاني العاملات المصريات عامة من ارتفاع التكلفة الاقتصادية، اللائي يتحملنها بسبب التحرش والاختلافات الجنسية بينهم وبين الذكور، فكشف مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي - مصر 2015- الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، أن تكلفة تغيير النساء لطرق السير أو وسائل المواصلات لتفادي التحرش بلغت 548 مليون جنيه.
كما يشهد سوق العمل المصري انخفاضًا دوريًا في عدد العاملات المصريات. فرغم زيادة عدد السكان، إلا أن سوق العمل المصري شهد تناقص عدد السيدات الراغبات في العمل والقادرات عليه من 7 ملايين امرأة في نهاية عام 2016، إلى 6:4 مليون امرأة بنهاية 2017.
أعادت قضية مي الشامي إلى الأذهان قضايا اخرى تناولتها وسائل الإعلام في نهاية شهر أغسطس/ آب 2016، عندما قدمت الصحفية منى يسري بلاغًا ضد رئيس تحرير جريدة روز اليوسف إبراهيم خليل، اتهمته فيه بالتحرش، الاتهام الذي وصفه خليل بمحاولة للتشهير.
وفي إطار التضامن مع مي الشامي، قامت صحفيات بنشر وقائع التحرش اللائي تعرضن لها. فنشرت نفيسة الصباغ، رئيس تحرير موقع مصريات، واقعة تعرضت لها في بداية التحاقها بالصحافة حينما ربط رئيس التحرير بين مكانتها في الجريدة؛ واستعدادها لتقديم "تنازلات".
وحتى الآن لم تصدر شركة إعلام المصريين المالكة لصحيفة وموقع اليوم السابع اية بيانات رسمية بخصوص الواقعة، أو بخصوص التحقيق داخليًا مع رئيس التحرير التنفيذي دندراوي الهواري. وشركة إعلام المصريين المالكة لليوم السابع تتحكم في نصيب الأسد من السوق الإعلامي في مصر.
ومن أكثر ناشري التغريدات الداعمة لمي هو المحامي هيثم أبو خليل، مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، والمعروف باتجاهاته الإخوانية، حيث قام بنشر أكثر من عشر تغريدات داعمة لمي وضد دندرواي، ونظرًا لوجود 235 ألف متابع له على تويتر، تم اعتباره من قبل البعض، المحرك الرئيسي للقضية، ما دفع متعاطفون مع دندراوي الهواري ورافضين لاتهامه؛ إلى اتهام مي الشامي بكونها "إخوانية"، ونشر وسم #دندراوي_راجل_وطني
وبحسب بوست نشرته مي الشامي عبر حسابها على فيسبوك؛ فإن النيابة العامة لا زالت تواصل تحقيقاتها، ولم تذكر مي أو محاميتها إن كانت النيابة العامة قد استدعت دندراوي الهواري للتحقيق معه.
بينما خرج دندراوي الهواري رئيس التحرير التنفيذي المتهم عن صمته، ونشر بيانًا عبر صفحته الشخصية على فيسبوك نفى فيه الاتهام جملة وتفصيلًا، وأكد احترامه للمؤسسة والتزامه الصمت ليحن انتهاء التحقيقات، وطالب رئيس التحرير خالد صلاح -الذي يتمتع بعلاقة صداقة قريبة معه- بإجراء تحقيق لكشف الحقيقة بوجود عضو من نقابة الصحفيين، كما أكد اعتزامه مقاضاة كل من نشر أو تداول منشورات تنال من سمعته.
اقرأ أيضًا: أنا صايم يا آنسة.. شارع المتدينين يعادي النساء
اقرأ أيضًا: التحرش بالحوامل.. شهادات خادشة للحياء