الصفحة الرسمية للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية
الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس المجلس الأوروبي السيد أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. 22 أكتوبر 2025.

نص كلمة السيسي في المؤتمر الصحفي بمناسبة انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى 22/10/2025

منشور الخميس 23 تشرين الأول/أكتوبر 2025
https://www.youtube.com/watch?v=k0_5E9Epdss

 

بسم الله الرحمن الرحيم،

السيد أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي،

السيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية،

السادة الحضور،

اسمحوا لي أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للجانب الأوروبي على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة منذ وصولي إلى بروكسل. أحل اليـ.. أحل اليوم ضيفًا على مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بعد أشهر قليلة من دخول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي عامها الثاني، كي نجني معًا ثمار الارتقاء بتلك العلاقة، وندفعها مجددًا نحو الأمام لتحقيق مصالح وطموحات شعوبنا، ومواجهة التحديات الجسام التي تواجه جوارنا الجغرافي المشترك، بل والعالم بأسره.

السيدات والسادة،

تكتسب القمة المصرية الأوروبية اليوم أهمية خاصة لأسباب عدة، أولا لكونها.. الأولى من نوعها التي يعقبها الاتحاد الأوروبي مع أحد شركائه من دول جنوب المتوسط أو دول الشرق الأوسط. وثانيًا لأنها تأتي في توقيت بالغ الأهمية والتعقيد إقليميًا ودوليًا لتعكس الأولوية التي يمنحها الجانبان المصري والأوروبي لترسيخ شراكتهما الاستراتيجية ولتعظيم الاستفادة الجانبين من تلك الشراكة، سواء فيما يتعلق بالتشاور والتنسيق حول التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية المشتركة على ضفتي المتوسط، أو لاستكشاف آفاق جديدة لزيادة حجم التعاون الاقتصادي والتنموي بين مصر ودول الاتحاد الأوروبي.

السيد الرئيس كوستا،

السيدة الرئيسة فون دير لاين،

إن العلاقات بين مصر ودول الاتحاد الأوربي ليست وليدة اليوم، إنما تضرب بجذورها في عمق التاريخ والجغرافيا وتربطهما المصالح المشتركة، فالاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر والداعم الرئيسي لبرامج التنمية المستدامة والتحديث في بلادنا.

ومصر بدورها معبر آمن وجسر حيوي لأوروبا، يربطها بالعالمين العربي والأفريقي، وشريك جاد يجدر الاعتماد عليه لاستقبال الاستثمارات الأوروبية، والإسهام في سلاسل الإنتاج الأوروبية في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي الكثير من عوامل عدم الاستقرار والتوتر.

من هذا المنطلق، أولت اجتماعاتنا .. اجتماعاتنا اليوم اهتمامًا خاصًا بضرورة الارتقاء بمستوى التعاون القائم في المجالين الاقتصادي والاستثماري، مع التركيز بصفة خاصة على الاستثمار في رأس المال البشري، باعتباره أحد أهم محاور شراكتنا الاستراتيجية.. أحد أهم محاور شراكتنا الاستراتيجية الشاملة، بالإضافة إلى ضرورة استشراف فرص ومجالات جديدة للتعاون.

السادة الحضور، لقد مثلت قمة اليوم أيضا فرصة جيدة لتبادل وجهات النظر حول العديد من التحديات والأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، حيث أطلعت القادة الأوروبيين على ما بذلته مصر انطلاقًا من مسؤولياتها التاريخية ودورها الإقليمي من جهود مكثفة بهدف التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل ومستدام في قطاع غزة، استنادًا إلى خطة السلام التي طرحها الأمريكي دونالد ترامب، حتى وصلنا إلى اللحظة التاريخية حين تم التوقيع على إعلان الرئيس، إعلان الرئيس ترامب للسلام في مدينة شرم الشيخ يوم 13 أكتوبر الجاري، ومشاركة رئيس المجلس الأوروبي السيد أنطونيو كوستا، وعدد كبير من قادة دول الاتحاد الأوروبي والعالم.

ولعلني أغتنم هذه المناسبة كي أؤكد أن ما حدث كان إنجازًا حقيقيًا، ولكنه في الوقت ذاته خطوة في مسار ممتد، يستهدف تهيئة الظروف لاستئناف مسار السلام العادل والشامل القائم على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ولعلي... ولعل أولى خطوات هذا المسار هي البدء في جهود إعادة الإعمار، وإنني ليسعدني من هذا المنبر أن أؤكد تطلعنا لمشاركة فاعلة من دول ومؤسسات الاتحاد الأوروبي في مؤتمر التعافي المبكر، وإعادة الإعمار والتنمية في غزة الذي نعتزم تنظيمه خلال النصف الثاني من شهر نوفمبر 2025.

السادة الحضور،

تطرقت مباحثاتنا كذلك إلى الأوضاع في السودان الشقيق، حيث أكدت للقادة الأوروبيين عزم مصر بحكم الروابط التاريخية والمصير المشترك على مواصلة جهودها الحثيثة من أجل وقف إطلاق النار، وتطلعنا للعمل معا لرباعية وبالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لإعلان هدنة إنسانية فورية وشاملة توقف المعاناة المستمرة للشعب السوداني الشقيق. وعبرت عن تطلعي كذلك للعمل مع الجانب الأوروبي من أجل الحفاظ على وحدة السودان وسلامة مؤسسات الدولة، ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو التقسيم.

تناولت أيضا الوضع في ليبيا، حيث عاودت التأكيد على الموقف المصري الذي يستهدف تحقيق الاستقرار المستدام في ليبيا باعتباره يمثل ركيزة أساسية لأمن منطقة المتوسط بأسرها، ومن هذا المنطلق أكدت دعم مصر الكامل لجهود تحقيق تسوية سياسية شاملة، بقيادة ومشاركة ليبية خالصة تنهي الانقسام، وتعيد توحيد مؤسسات الدولة، وتهيئ الأجواء لإجراء انتخابات حرة تعبر عن إرادة الشعب الليبي. كما أعدت التأكيد على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضي ليبيا حفاظا على سيادتها ووحدة ترابها.

تطرقنا كذلك إلى قضية الهجرة غير الشرعية، التي تمثل تحديا مشتركا يواجه ضفتي المتوسط، ولا يمكن معالجتها إلا من خلال منهجية شاملة تعالج جذورها الحقيقية لا مظاهرها فقط، ومن هذا المنطلق تؤمن مصر بأن الحل يكمن في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والاستقرار السياسي والأمني، والعمل على خلق فرص كافية للعمل والتأهيل المهني، بما يمهد الطريق لوضع حلول مستدامة لتلك المشكلة.

وفي هذا الصدد أؤكد أن مصر تقوم بدور محـ.. جوهري في منع الهجرة غير الشرعية، تمثل في منع خروج أي مراكب تحمل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية باتجاه أوروبا منذ سبتمبر 2016، وذلك في الوقت الذي تستضيف فيه مصر ما يزيد على 9.5 مليون أجنبي وفدوا إلى مصر من دولهم بسبب ما تواجهه من أزمات، ويحظون بذات المعاملة ويحصلون على ذات الخدمات التي تقدمها أو التي نقدمها للمواطنين المصريين.

السيدات والسادة،

اسمحوا لي أن أعرب أيضا عن تقدير مصر الكبير للتوقيع اليوم على الاتفاقية الخاصة بانضمام مصر إلى برنامج أفق أوروبا، والذي نتطلع أن يمثل انطلاقة لتعزيز التعاون بيم مصر والتعاون الأوروبي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وهو ما يعد استثمارًا طويل الأجل في مستقبل الأجيال الحالية والمقبلة، وفرصة لمد جسور راسخة للتبادل بين شعوب شمال وجنوب المتوسط.

السيد الرئيس كوستا،

السيدة الرئيسة فون دير لاين،

وحديثي أيضًا إلى الشعوب الأوروبية الصديقة، يجمعنا الكثير والكثير من الروابط التاريخية والمصالح المشتركة، وما نطمح إليه هو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لأجيالنا القادمة، مستقبل قائم على العدل والسلام والتكامل والاحترام المتبادل، ومبني على شراكة متوازنة تحقق مصالح الطرفين.

من هنا، فإنني أدعوكم جميعا لكي نجعل من هذه القمة نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من العمل المشترك، بما يعزز السلام والتنمية، ويرسخ العلاقات المصرية الأوروبية كنموذج يحتذى به في التعاون بين ضفتي المتوسط.

شكرًا لكم.

(تصفيق)


أُلقيت الكلمة في العاصمة البلجيكية بروكسل، بمقرّ المفوضية الأوروبية، حيث شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي فعاليات القمة المصرية الأوروبية الأولى، وذلك بحضور رئيس المجلس الأوروبي السيد أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وعدد من قادة وممثلي دول الاتحاد الأوروبي، حيث تناولت الجلسة سبل تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين في مجالات الطاقة والهجرة والتنمية والاستثمار.