المرشحين الثلاثة المحتملين للانتخابات الرئاسية

نضال وإنجازات وإصلاح.. ما قرأناه في خطابات مرشحي الرئاسة

منشور الاثنين 22 يناير 2018

بين عزف على نغمات ثورية حقوقية والحديث عن ضرورة الإصلاح وتعديد الإنجازات، تنقّلت مسامع الشعب المصري بين خطابات ثلاثة من المرشحين المُحتملين، هم الأبرز حتى الآن، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

خالد علي وسامي عنان وعبد الفتاح السيسي، ثلاثة متنافسين محتملين في انتخابات يُغلق باب الترشح لها 29 يناير/ كانون الثاني الجاري، قرر كل منهم إعلان ترشحه للرئاسة بخطابات رسمت ملامح الصورة التي اختاروها ﻷنفسهم، كما بيّنت شيئًا من انحيازات واستراتيجيات كل منهم، وكشفت عن بعض الفئات التي يعقد كل منهم الأمل على أصواتها.

ثُنائيات الحقوقي

بخطاب مزدوج اللهجة بين التحذير من أزمات تعيشها البلاد واﻷمل في تخطيها نحو غدٍ أفضل، أطلق المحامي الحقوقي خالد علي خطاب أعلن به الترشح لانتخابات الرئاسة 2018، وكان مفهومًا بعده أن يكون شعار الحملة "طريق لبُكرة".

في خطابه المُطوّل، عزف الحقوقي على أوتار النضال والثورة ضد سياسات النظام الحالي، فاستهلّه بانتقاد أدقّ تفاصيل هذه السياسيات بصورة تلقى هوى في نفس معارضي النظام، لا سيما أبناء المعسكر المدني والمنتمين أيديولوجيًا لأفكار ثورة 25 يناير، وهم كما يبدو من تشكيل الحملة القاعدة الأساسية التي يراهن عليها المُرشح لانتخابه.

صيغ الخطاب بعبارات مُحببة للكتلة الثورية، ففيه سُمي السُجناء السياسيون "مُعتقلين" والاحتجاجات "نضالات اجتماعية"، فضلًا عن تكرار كلمة "حُرية" وهي التي توسطت العيش والعدالة الاجتماعية في هتاف الثورة الأشهر- بجانب استخدامه مفردتي "ديمقراطية" و"حقوق" في أكثر من موضع.

ولم يكن المحامي الذي شارك في تأسيس مركزين حقوقيين شهيرين هما "هشام مبارك" و"المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، ليفوّت فرصة مخاطبة جماهير أوسع من قاعدته الثورية، فكان وأن حرص على استثارة حماس العديد من الفئات المجتمعية المختلفة عبر إثارة قضايا حقوقية تتعلق بهم، مثل المسيحيين بالحديث عن "تهجير أهالي العريش، والعنف الطائفي"، أو العُمال والفلاحين بالحديث عن "إفقار المصريين"، والمرأة بالحديث عن "السياسات التمييزية ضدها".

https://www.facebook.com/plugins/post.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fkhaled.ali.72%2Fposts%2F1218836548261701&width=500

خالد علي وإن كان يُراهن على الكُتلة الثورية، إلا إنه لم يستعدٍ مؤسسات الدولة في خطابه، حتى المؤسسة العسكرية التي ينتمي لها الرئيس واحتدمت الخصومة بينها وبين أبناء يناير ﻷكثر من مرّة خلال سنوات سبع، إذ تحدث بالتعاطف مرّة حين ذكر "الإرهاب الذي ينهش أرواح المواطنين عسكريين ومدنيين"، والتحذير مرّة أخرى حين ذكر "مخططات الخروج بالقوات المسلحة عن دورها الطبيعي والمتعارف عليه".

اقرأ أيضًا: خالد علي مُرشحًا.. الحقوقي يواجه الجنرال

إنجازات ووعود

بأي حال، لا يُمكن النظر لخطاب ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسة ثانية بمعزل عن المناسبة التي قيل فيها، مؤتمر عام بعنوان "حكاية وطن"، يستعرض إنجازات النظام.

قرر الرئيس أن يختتم المؤتمر بإعلان ترشحه أمام حشد من رجالات الدولة والمؤيدين الذين استقبلوا الخبر بتهليل وتصفيق، قاطعوا به الخطاب الممتد لحوالي ثلث الساعة، في صورة تُحاكي مؤتمرات أخرى عقدها في زمن آخر الرئيس اﻷسبق حُسني مبارك.

على مستوى اللغة، فرضت المناسبة نفسها، فالمشاهد أمام رئيس حقق على مدار 4 أعوام "إنجازات" يستعرضها في مؤتمر امتد لثلاثة أيام، ما يجعل من المتوقع أن تتكرر على مسامعه في خطاب الترشح مفردات حماسية من قبيل "العمل" و"الإنجازات" و"الوطن" و"ملحمة" و"تضحيات".

"الحفاظ على الدولة" تلك العبارة التي وردت في خطاب الرئيس، هي المحور الرئيسي الذي يدور حوله تأييد قطاع من المصريين للرجل ذي الخلفية العسكرية، مَن رأوه في 30 يونيو/ حزيران 2013 حمى البلاد من الإخوان والآن يحميها من الإرهاب، ويخاطبهم في المؤتمر بردّ الفضل لهم.

وهذا القطاع الباحث عن "الاستقرار والأمن" لم يكن الوحيد الذي وجه له السيسي خطاب الترشح، إذ أنه وصف العُمال والفلاحين- حين ذكرهم بصورة عابرة- بـ"الأبطال"، وهو الوصف الذي شاركهم فيه أفراد "الجيش والشرطة"، الذين لا تصويت منهم في الانتخابات بحسب القانون، لكن الرئيس لم ينس مخاطبتهم بالمدح خلال تعديد اﻹنجازات، فقال عنهم "الأبطال الذين انتفضوا دفاعًا عن وطنهم حين انقضّت عليهم قوى الظلام، والذين وقفوا على الحدود في كل ربوع الوطن دفاعًا عن أمنه وسلامة أرضه".

خاطب الرئيس الجهات والفئات التي شكّلت ظهيرًا داعمًا له، وعلى رأسها الجهتين صاحبتي السلطة الواسعة على قطاع عريض من الشعب، الأزهر والكنيسة اللتين لم تفارقا صفّه منذ 3 يوليو/ تموز 2017، ليُتبع الأمر بذكر المرأة المصرية، التي سمّى نفسه في إحدى جلسات المؤتمر نفسه "وزيرها"، والشباب الذي حرص على تنظيم مؤتمرات دورية على شرفه.

وعد الرئيس بالمزيد من الإنجازات حين استبق إعلان ترشحه بذكر عبارة "رؤية مصر 2030"، وحين أعلن ترشحه فضّل أن يحافظ على الصورة التي أخلص لها منذ 2014، رجل راغب عن المناصب يترشح نزولًا على رغبة الجماهير، ويوصي الشعب بالتصويت ﻷي من كان، وهذا لا يُنسي مُتابع المؤتمر أن الرئيس في جلسة سابقة على خطاب الترشح، توّعد "الفاسدين" بعدم السماح لهم بالاقتراب من كرسي الرئاسة.

اقرأ أيضًا: "علشان تبنيها".. بساطُ أحمر في طريق شبه خالٍ للاتحادية

رصيد الحُلفاء

مُنذ تنحي مُبارك وحتى عام 2012 حين عزله الرئيس اﻷسبق محمد مرسي من رئاسة أركان الجيش، لم يكن الفريق سامي عنان استثناءً من حالة العداء التي وجهها المُعسكر الثوري للمجلس العسكري، الذي اتهموه خلال المرحلة الانتقالية بارتكاب أفعال تُمثّل "انتهاكًا للحقوق والحريات"، التي للمفارقة تحدث عنها عنان في خطاب ترشحه للرئاسة.

 

 

جاء خطاب عنان هادئًا موجزًا ومُركزًا في 6 دقائق أو أقل، وذلك حتى عندما تطرّق بعناوين عريضة لما تشهده مصر من "تحديات"، ليقدم نفسه في صورة السياسي البعيد عن الثورية ونَزَقِها، المُدرك لأوضاع البلاد بخبرة كونها السن والمنصب، وهي البضاعة التي قد تلقى رواجًا بين الفئات المُحبة لتغيير آمن غير مُكلّف يضمن تحسين أوضاعها ماديًا ومعيشيًا، ممن عُرِفوا يومًا بـ"حزب الكنبة".

لعب عنان، على الملفات المُلحّة شعبيًا مثل "الإرهاب، وتردي أوضاع الشعب المعيشية"، ملقيًا باللوم على النظام دون الهجوم الصريح على الرئيس، وبصورة تفتح بابًا لعنان كي يتحدث عما تحتاجه مصر- من وجهة نظره "نظام تعددي يحترم الدستور والقانون".

لم يكتف عنان بخطب ودّ راغبي الاستقرار، فالمؤسسة العسكرية كان لها نصيب ، سمّاها "قواتنا المسلحة" وأبدى تعاطفًا معها أمام "السياسات التي حمّلتها وحدها مسؤولية المواجهة"، كما بدا من الخطاب أنه لم ينس هتاف "الجيش والشعب إيد واحدة"، فبعد الجيش وجه حديثه للمواطن بدعوة "جموع الشعب المصري لتتحمل (معه) نصيبها من المسؤولية"، واصفًا الشعب بـ"صاحب السيادة".

وأما ثالث المخاطبين بعد الجيش والشعب فكان أبناء المعسكرات البعيدة نسبيًا، النشطاء، وهؤلاء ادخر لهم عنان أكثر أوراقه أهمية وهي "منظومة الرئاسة المدنية"، التي كشف عن جزء من تشكيلها بإعلان اسم له رصيد لدى قطاعات من الشعب، بما فيها الإخوان المسلمين، وهو هشام جنينه الذي كان يومًا رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، والذي وعد عنان بتعيينه نائبًا للرئيس- حال انتخابه- لشؤون حقوق الإنسان وتعزيز الشفافية وتفعيل الدستور.

ركّز عنان خطابه حول محاور "مصر، والشعب، والجيش"، ليُقدّم نفسه في صورة رجل دولة تدرّج في المناصب داخل واحدة من المؤسسات السيادية المصرية، والتي لها رصيد ملايين المصريين ممن يتغنون بعبارات مثل "الجيش حمى الثورة، وأنقذ مصر من الإخوان"، في صورة مُرشح صاحب مشروع للرئاسة يحرص فيه على الحُكم بمعاونة مدنيين.

في خطاباتهم، اتسق المرشحون- ولو بدرجات متفاوتة- مع مواقفهم وخلفياتهم السياسية والفكرية، فالرئيس فعل كأي رئيس يسعى لفترة جديدة استعرض إنجازات وأثنى على الأنصار، والعسكري المتقاعد تحدث عن تغيير هادئ الإيقاع، وأما الحقوقي فقرر غوض غمار المعترك الانتخابي تحت شعارات 25 يناير وبخطاب لا يخرج عما حكم من قبل معاركه الحقوقية.

اقرأ أيضًا: فريق متمهّل وعقيد سجين ومحامٍ مُلاحق.. أي صُندوق تريده مصر في 2018؟