بسم الله الرحمن الرحيم،
السيدات والسادة،
أود بدايًة أن أرحب مجددًا بصديقي الرئيس بوتين في القاهرة، في زيارة مهمة، تؤكد قوة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين مصر وروسيا.
إن العلاقات التي تجمع بين البلدين ذات تاريخ طويل وتتسم بالقوة والاستمرارية، سواء في إطارها السياسي من خلال التنسيق المستمر إزاء مختلف القضايا الإقليمية، أو في إطارها الاقتصادي الثنائي، فمن السد العالي في أسوان بجنوب مصر، مرورًا بمجمع الحديد والصلب في حلوان، وصولًا لتوقيع عقد إنشاء أول محطة نووية في مصر على ساحل البحر المتوسط.
تشهد مصر من أدناها إلى أقصاها علامات راسخة على علاقات التحالف الاستراتيجي بين مصر وروسيا.
فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،
لقد وضع البلدين على مدار العقود الماضية أساس العلاقات المتميزة بينهما، وفي هذا السياق دارت اليوم مباحثاتي مع فخامة الرئيس بوتين، والتي تطرقنا فيها إلى كيفية دفع العلاقات الثنائية وتطويرها، سواء تلك التي تتصل بالتصنيع المشترك أو الأمن الغذائي أو تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، أو جذب الاستثمارات الروسية إلى مصر، من خلال إقامة منطقة صناعية روسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وقد اتفقنا على تكليف الوزراء المعنيين بمتابعة تلك الملفات، وتسوية أي عقبات تواجه الانتهاء من المشروعات التي نعتزم تنفيذها مع روسيا في المستقبل القريب، وأسوة بروح التنسيق التي سادت المفاوضات على عقود إنشاء محطة الضابعة النووية كأول محطة من نوعها في مصر.
السيدات والسادة،
وكما تتعاون مصر وروسيا لتأمين مستقبل أفضل للشعبين الصديقين، فإن التنسيق بيننا يمتد ليشمل تناول القضايا الإقليمية التي تمس الأمن القومي للبلدين، إيمانًا منا بأن الاهمية القصوى لاستعادة الأمن والاستقرار في منطقة المتوسط بشكل يحقق مصالح شعوبها، ويضمن مستقبلًا أفضل لشبابها بعد المعاناة الطويلة من قسوة الحرب وما تسببت فيه من دمار.
وفي هذا السياق تطرقنا بطبيعة الحال إلى الأوضاع التي شهدتها القضية الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية، على خلفية قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها في إسرائيل إلى القدس، وما لتلك التطورات من آثار خطيرة على مستقبل الأمن والسلم في المنطقة، حيث أكدت للرئيس بوتين، أهمية الحفاظ على الوضعية القانونية للقدس في إطار المرجعيات الدولية القرارات الأممية ذات الصلة، وضرورة العمل على عدم تعقيد الوضع بالمنطقة من خلال اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط.
فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،
لا يفوتني هنا أن أثني على الدور الروسي في إطار جهود تسوية القضية الفلسطينية طوال العقود الماضية، سواء بشكل منفرد أو في إطار آلية الرباعية الدولية، التي تم تشكيلها في توقيت كنا نأمل فيه أن تساهم في التقريب بين مواقف الطرفين، والتوصل لتسوية نهائية عادلة لقضية محورية تطل.. تظل هي الأقدم ضمن القضايا السياسية المعلقة التي يناقشها المجتمع الدولي بأسره، ولا يزال يعاني من عدم تسويتها حتى الآن.
وبقدر ما حظت الأوضاع في فلسطين من اهتمام بالغ ضمن مناقشتنا اليوم، فقد أولينا أيضًا اهتمامًا كبيرًا بالأوضاع في سوريا وليبيا، وسبل ضمان التوصل لتسوية سياسية لهذين الملفين في أقرب توقيت.
في سوريا اتفقت رؤانا على عدد من المواقف السياسية، على رأسها استمرار عملنا المشترك للحفاظ على مناطق خفض التوتر، وتوسيعها؛ لتهيئة الظروف المناسبة للمفاوضات السياسية.
وفي هذا السياق، تناولنا الجهود الناجحة التي أفضت لإنشاء وفد تفاوضي موحد من منصات المعارضة السورية المختلفة، واتفقت آراؤنا على دعم مسار المفاوضات التي يقودها المبعوث الأممي إلى سوريا للتوصل إلى حل سياسي شامل، يحقق الطموحات المشروعة للشعب السوري الشقيق، ويحافظ على وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، وتماسك مؤسسات دولتها.
وفي ليبيا تؤكد مصر على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لتجنب أي فراغ أمني أو سياسي، وستواصل مصر دعم جهود المسار السياسي الذي يرعاه المبعوث الأممي، بغرض تهيئة الأجواء لإنهاء المرحلة الانتقالية، وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في ليبيا. وستواصل القاهرة كذلك جهودها من أجل توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وهو الجهد الذي كان محل تقدير كافة الأطراف في ليبيا، وآخرها خلال لقائي بالأمس مع السيد فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي.
كما اتفقت مع فخامة الرئيس بوتين على أهمية تعزيز تبادل المعلومات بين الأجهزة المختصة، اتصالًا بجهود التصدي للإرهاب، خاصة فيما يتعلق بانتقال الإرهابيين من مناطق عدم الاستقرار إلى دول أخرى وارتكابهم لأعمال إرهابية في تلك الدول. وأكدنا كذلك ضرورة منع الدول لمرور هؤلاء الإرهابيين عبر أراضيها، وتبادل المعلومات بشأنهم، مع كافة الدول الأخرى والمنظمات الدولية المعنية.
فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،
مرة أخرى أجدد الترحيب بفخامة الرئيس بوتين في زيارته لمصر، باسمي وباسم الشعب المصري. وأؤكد على متانة العلاقات الاستراتيجية التاريخية بين البلدين، وتطلعنا لمواصلة تطويرها خلال الفترة المقبلة، بما يلبي تطلعات شعبينا نحو الاستقرار والتنمية.
أشكركم، واسمحوا لي أن أعطي الكلمة لفخامة الرئيس بوتين، فليتفضل.