قررت محكمة النقض المصرية اليوم الأربعاء "تصحيح" الحكم الصادر ضد الناشط السياسي علاء عبد الفتاح من السجن خمس سنوات إلى الحبس خمس سنوات، على أن يستمر خاضعًا للمراقبة لخمس سنوات بعد الإفراج عنه، وأبقت على الغرامة 100 ألف جنيه في القضية رقم 12085 لسنة 2013 جنايات قصر النيل المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث مجلس الشورى".
وقبلت محكمة النقض الطعن المقدم من علاء ومتهمين آخرين في القضية نفسها شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم نقضًا جزئيًا وتصحيحه باستبدال عقوبة السجن المشدد 5 سنوات بالحبس 5 سنوات، وهو ما يعني عمليًا استمرار تطبيق الحكم عليه بكامل بنوده.
لعنة الوليد
في يونيو/حزيران 2014 عاقبت محكمة جنايات القاهرة 26 متهما بالسجن 15 عامًا وتغريمهم جميعا مبلغ 100 ألف جنيه وإخضاعهم للمُراقبة لمدة 5 سنوات، في قضية "أحداث مجلس الشورى"، وكان بين هؤلاء المتهمين علاء عبد الفتاح الذي صدر الحكم ضده غيابيًا، إذ كان حينها مخلي سبيله على ذمة القضية.
ألقي القبض على علاء في ذلك اليوم وبدأ تنفيذ الحُكم الذي صدر ضده والآخرين، بعد ما وجهته لهم النيابة العامة من اتهامات بـ"الاعتداء على ضابط شرطة وسرقة جهازه اللاسلكي والتعدى عليه بالضرب، وتنظيم مظاهرة بدون ترخيص أمام مجلس الشوري، وإثارة الشغب والتعدى على أفراد الشرطة وقطع الطريق والتجمهر واتلاف الممتلكات العامة".
نُسب لعلاء ارتكاب تلك التُهم خلال وقفة احتجاجية، في ديسمبر/ كانون الأول 2013، على الرصيف المُقابل لمجلس الشورى، حيث اصطف عدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين لحضّ "لجنة الخمسين" لتعديل الدستور، للمطالبة بإلغاء المادة الخاصة بمحاكمة المدنيين عسكريًا.
نُظِمَت الوقفة الاحتجاجية في وقت شهد ميلاد "قانون التظاهر" وتطبيقه بصورة سريعة؛ كان لها تأثير لم يتوقف عند يوم الوقفة حين امتدت يد الشرطة للتعدي على المشاركين فيها، بل امتدت خارج نطاق زمان ومكان الوقفة الاحتجاجية، وطالت علاء عبد الفتاح الذي ألقي القبض عليه بتهمة خرق القانون الوليد.
ومنذ ذلك الوقت، مرّ بعلاء فصول حوّلت قضيته إلى لعنة بدأها "قانون التظاهر" واستمرت، دون أن يكون للحكم بعدم دستورية أحد مواد أو تعديل بعض منها أي تأثير في تحسين وضع السجين، الذي أحكمت اللعنة خيوطها حوله كما بدا فيما بعد، حين كان ممكنًا أن يتحسن وضعه عبر محاولات وفُرص مرّت به سُدى.
لا عفو.. لا نقض
بعد الاستنئاف، قررت محكمة جنايات القاهرة في فبراير/ شباط 2015، تخفيض الحُكم الصادر ضد متهمي "أحداث مجلس الشورى" إلى ثلاث سنوات مع تغريمهم مائة ألف جنيه، وهو ما لم يُطبق على علاء ومتهم آخر بالقضية هو أحمد عبد الرحمن، اللذين حُكم عليهما بخمس سنوات، مع الخضوع للمُراقبة لمدة 5 سنوات أخرى بعد انتهاء العقوبة، بالإضافة لغرامة مائة ألف جنيه.
كُتبت نهاية لمعاناة "عبد الرحمن" في يونيو/ حزيران 2017، حين ورد اسمه في واحدة من قوائم العفو الرئاسي، ليغادر الشاب سجنًا قضى فيه ما يُناهز نصف مُدة العقوبة تقريبًا، ويكون رغم هذا أسعد حظًا من علاء الذي لم يكن اسمًا مُحببًا لأعضاء اللجنة المُخوّلة بانتخاب سُجناء للعفو الرئاسي.
بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي تشكيل لجنة العفو الرئاسي، خرجت عضوتها الكاتبة الصحفية المؤيدة للنظام نشوى الحوفي، بإعلان عبر صفحتها على فيسبوك، عن أن ما تعدّه من قوائم و"على بلاطة"، ستخلو تمامًا من معتقلين سياسيين محسوبين على ثورة 25 يناير، وخصّت بالذكر منهم علاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، وأحمد دومة، بالإضافة لأي من سجناء الإخوان.
لم تكتف "الحوفي" بما كتبته عن علاء والآخرين، بل خصّته بالذكر في مُداخلة هاتفية مع برنامج "على مسؤوليتي"، باعتباره مُتهمًا في "قضية جنائية"، وقالت عنه إنه "خلع مدفع دبابة في أحداث ماسبيرو، وسرق مسدس ضابط جيش، وحاول سرقة جهاز لاسلكي خاص بضابط آخر، بالإضافة إلى أنه متهم بإهانة القضاء".
من إعلان "الحوفي"، صار مفهومًا أن تُحكم اللعنة قبضتها وتمرّ فرص قوائم العفو الرئاسي واحدة تلو الأخرى خالية من اسم علاء عبد الفتاح، على الرغم من المطالبات التي لا تنقطع بالحرية له.
بعيدًا عن العفو وفي المسار القضائي، مرّت فُرصة أخرى بعلاء دون أن تُسدي له صنيعًا، وذلك في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين كان من المنتظر صدور قرار خاص بنقض حكم سجنه، ليفاجأ الجميع بتنحي هيئة المحكمة وإحالة الطعن إلى دائرة أخرى "لاستشعار الحرج، وﻷن الدائرة كان منوطًا بها الفصل في عدد كبير من الطعون".
في ذلك الوقت، أصدرت أسرة علاء بيانًا وصفت فيه السببين بـ"غير المُقنعين"، لاسيما وأن الدائرة نفسها فصلت في طعون مُتهمين آخرين في القضية نفسها في يناير/ كانون الثاني 2017، وكان بينها طعنه الذي "تأجل فجأة لشهور".
وبعد شهور حلّ يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، لتقرر الدائرة الجديدة رفض طعن علاء عبد الفتاح، ليبقى رهين فصل من لعنة "قانون التظاهر" لن ينتهي قبل مارس/ آذار 2019، الموعد المُنتظر لخروجه من السجن، حين سيبدأ فصل آخر من اللعنة بخضوعه للمراقبة لمدة 5 سنوات أخرى.