فاز الباحث القانوني مُحمد زارع، مدير مكتب مصر بمركز القاهرة لحقوق الإنسان، بجائزة مارتن إينالز الدولية الرفيعة لحقوق الإنسان، وفق ما أعلنت اللجنة المانحة مساء اليوم الثلاثاء.
وقال "زارع" لـ"المنصة" إن الجائزة ليست له وحده، بل لحقوقيي مصر جميعًا "تكريمًا للعمل والنضال والتضحيات اللي قدمتها الحركة الحقوقية المصرية"، معتبرًا نفسه بمثابة "مرشح عنهم" فقط.
وقال مدير مكتب مصر فور إعلان فوزه بالجائزة "في تقديري، اختياري هو اختيار للنضالات الحقوقية المصرية اللي بتواجه قمع غير مسبوق.. فهي رسالة للحركة الحقوقية المصرية وأيضًا للنظام المصري، بأن العالم يراقب ما يحدث في مصر وما بها من تدهور وتردّي".
https://www.facebook.com/plugins/video.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Fvillegeneve.ch%2Fvideos%2F1700934439939255%2F&show_text=0&width=560
واختير الحقوقي المصري بعد منافسة في قائمتها القصيرة أمام الناشطة السلفادورية العابرة جنسيًا كارلا أفيلار، ومجموعة "افرجوا عن المدافعين الخمسة" من كمبوديا. وأثنى زارع عليهم وأكد استحقاقهم للجائزة بقوله "كارلا اتعرضت لتهديدات وخطر على حياتها، والباقيين (المجموعة الكمبودية) اتسجنوا لشهور".
ويجرى اختيار الفائز بالجائزة من خلال لجنة مكونة من 10 منظمات حقوقية دولية، من بينها هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية وفرونت لاين ديفندرز وEWDE الألمانية وهيومان رايتس فيرست والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب.
وشن النظام المصري هجومًا، في سبتمبر/ أيلول الماضي، على منظمة هيومان رايتس ووتش، بسبب انتقادات وجهتها إليه، ما قد يضع "زارع" في مرمى هجوم بسبب اللجنة المانحة، ولكنه يقول "الموقف ضدنا (الحقوقيين المصريين) مُعزز فعلا بأكاذيب. وللنظام المصري أن يقول على المنظمات الدولية ما يشاء، لكن الحقيقة هي أن العالم يصدقها أكتر [مما يصدق] الحكومة المصرية".
وتمُنح الجائزة، وفقًا لما ذكره بيان صادر عن مؤسسة مارتن إينالز وحصلت "المنصّة" على نسخة منه، للحقوقيين "الذين يبدون قدرّا عاليا من الالتزام والشجاعة في وجه المخاطر التي تطالهم شخصيًا"، وتهدف إلى توفير الحماية للفائز بها من خلال التقدير الدولي لجهوده.
ويتولى "زارع" مهمة إدارة مكتب مصر بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي نقل مقره إلى تونس منذ عام 2014، بعد ما تعرّض له من "ضغط مارسته الحكومة" وفقًا للبيان، الذي وصف الحقوقي المصري بأنه "أصبح شخصية قيادية في حركات حقوق الإنسان في مصر"، بما يقوده من مبادارت تتعلق بإعداد الدراسات البحثية والتثقيف حول قضايا حقوق الإنسان ومناصرتها على المستوى الوطني.
وقال ديك أوستينج، مدير مؤسة مارتن إينالز، إن "قيودًا صارمة على مساحة المجتمع المدني للتعبير عن نفسه، هي ما دفع محمد زارع للدفاع عن حقوق الإنسان والكفاح من أجل حرية تكوين الجمعيات"، واعتبر الحقوقي المصري "لا زال يدفع ثمن تصرفاته الشجاعة".
وطالب "أوستينج" الحكومة المصرية برفع حظر السفر المفروض على محمد زارع، الذي كان مفترضا أن يتسلم الجائزة في جنيف من نائب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لكن تتسلمها نيابة عنه زوجته ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان شيماء عبد العزيز.
وسعت مؤسسة مارتن إينالز لتمكين "زارع" من السفر إلى جنيف لتسلّم جائزته، عبر مخاطبات وجهتها إلى رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية، إلا أنها لم تتلق أي ردّ، على حد قوله.
وعلّق الباحث الحقوقي على منعه من السفر باعتباره "أمرًا مُكررًا" من الحكومة، تعرض له خلال هذا العام نفسه الحقوقيتين مُزن حسن وعزة سليمان، معتبرًا إياه "تصديقًا من النظام على ما يقال عن انتهاكه لحقوق الإنسان".
وصدر قرار في ديسمبر/كانون الأول 2016، عن قاضي التحقيق في القضية رقم 173 لسنة 2011 المعروفة بـ"التمويل الأجنبي" الموجهة ضد عدد من منظمات المجتمع المدني، بمنع "زارع" من السفر، لينضم بهذا إلى حقوقيين آخرين طالهم القرار نفسه بجانب التحفّظ على أموالهم، مثل عزة سليمان وجمال عيد ومُزن حسن.
وعلى الرغم من منعه عن السفر، حرص "زارع" على توجيه كلمة، ستُلقى خلال حفل تسليم الجائزة، قال للمنصّة إنها ستكون حول الحالة الحقوقية وما آلت إليه، مع إعادة التأكيد على أن احترام حقوق الإنسان "ركن أساسي للاستقرار "، وأن ما يخل بالأمن ليس عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، بل "الديكتاتورية".