أتحدث إليكم اليوم، وقد غمرتني السعادة بمشهد اصطفافكم، وانخراطكم في صفوف الناخبين، في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي. وهو ما يعد دلالة واضحة لكل متابع في الداخل أو في الخارج، عن حيوية وفاعلية المجتمع المصري، بكافة أطيافه وفئاته، ويؤكد على أن إرادة المصريين نافذة بصوت كل مصري ومصرية.
ذلك المشهد الذي تابعته عن كثب، ويدفعني لأن أعبر عن عظيم تقديري وامتناني لكل المصريين، الذين شاركوا في هذا الحدث المهم في هذا الظرف الدقيق، والذي تواجه فيه الدولة حزمة من التحديات على كافة المستويات، يأتي في مقدمتها تلك الحرب الدائرة على حدودنا الشرقية، والتي تستدعي استنفار كل جهودنا للحيلولة دون استمرارها، بكل ما تمثله من تهديد للأمن القومي المصري بشكل خاص، وللقضية الفلسطينية بشكل عام.
وكأن اصطفاف المصريين كان تصويتًا للعالم كله من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية، وليس لمجرد اختيار رئيسهم لفترة رئاسية في مشهد حضاري راق، تضافرت فيه جهود الدولة، حكومة وشعبًا، ليخرج بهذا المظهر المشرف، والذي لم يشهد أي تجاوزات أو خروقات أمنية، على الرغم من هذه الحشود غير المسبوقة.
أبناء مصر وبناتها،
أقول لكم بالصدق المعهود بيننا، إنني أدرك يقينا حجم التحديات التي مررنا بها، وما زلنا نواجهها، كما أؤكد إدراكي بأن البطل في مواجهة هذه التحديات هو المواطن المصري العظيم، الذي تصدى للإرهاب وعنفه، وتحمل الإصلاح الاقتصادي وآثاره، وواجه الأزمات بثبات ووعي وحكمة، وأجدد معكم العهد بأن نبذل معًا كل جهد لنستمر في بناء الجمهورية الجديدة التي نسعى لإقامتها وفق رؤية مشتركة تجمعنا، دولة ديمقراطية تجمع أبناءها في إطار من احترام الدستور والقانون، وتسير بخطوات ثابتة نحو الحداثة والتنمية، قائمة على العلم والتكنولوجيا، محافظة على هويتها وثقافتها وتراثها، تضع بناء الإنسان في مقدمة أولوياتها، وتسعى لتوفير الحياة الكريمة له، تمتلك القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية التي تحافظ على أمنها القومي ومكتسبات شعبها.
هذه مصر التي نحلم بها جميعا، وهؤلاء هم المصريون الذين يحدهم الأمل في بناء وطن عظيم، وسأكون صوتهم جميعًا، مدافعًا عن حلمهم لمصر، وسنستكمل حوارنا الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية، مستفيدين من تلك الحالة الثرية التي شهدتها العملية الانتخابية، وهو ما أفرز تنوعًا في الأفكار والرؤى، ناتجًا عن تنوع المرشحين واتجاهاتهم السياسية.
ومن كل قلبي، أتوجه لكل المرشحين المنافسين بتحية واجبة على ما قاموا به من عمل عظيم، وأداء سياسي راق، يمهد الطريق أمام حالة سياسية، مفعمة بالحيوية والتنوع.
أبناء مصر الكرام،
إن فخري بكم لا حدود ولا نهاية له، واختياركم لي في مهمة قيادة الوطن هو تكليف أتحمل أمانته أمام الله عز وجل، وأمامكم، وسيشهد التاريخ به.
وكم ازداد فخري وأنا أشهد بعين متأملة جموع الشعب المصري تعبر عن نفسها. في المقدمة كان شباب مصر يعبر عن نفسه، وعن حيوية مصر ومستقبلها، وكالعادة والعهد، تثبت المرأة المصرية مرة أخرى بأنها صوت الضمير الوطني المعبر عن صمود وصلابة أمتنا. كما كان عمال مصر وفلاحوها نموذجًا للوعي والإرادة، ويؤكدون مرة أخرى على أنهم صناع المستقبل، وزارعو الأمل.
والشكر وصول لجيش مصر وشرطتها وقضائها، الذين أمنوا وأشرفوا على خروج هذه الملحمة الوطنية بتلك الصورة التي استدعت الفخر والاعتزاز.
وفي نهاية حديثي إليكم، أؤكد أنني، كما عهدتكم، رجل مصري نشأ في أصالة الحارة المصرية العريقة، أنتمي إلى المؤسسة العسكرية، ولا أملك في مهمتي التي كلفتموني بها سوى العمل بكم، ومن أجلكم، لا أدخر جهدًا، ولا أسعى سوى لإرضاء الله تعالى، وتحقيق آمالكم، وتطلعاتكم.
إن اختياركم لي لقيادة الوطن إنما هو أمانة، أدعو الله أن يوفقني في حملها بنجاح، وتسليمها بتجرد. فلنعمل معا لأجل مصرنا العزيزة، وبقوة شعبها واصطفافه الوطني دائمًا وأبدًا، وقبل كل شيء، وبعد كل شيء، بالله سبحانه وتعالى: تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ألقيت الكلمة المسجلة للرئيس عبد الفتاح السيسي الموجهة للشعب المصري عقب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية 2024.